رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حكاية بائع البطيخ

لا أعرف على وجه الدقة، مدى صحة تلك الرواية المتداولة، حول نشأة ابراهيم النبراوى افندى، الجراح المصرى الأشهر، وأحد كبار أساتذة مهنة الطب الحديث فى مصر، وأول وكيل مصرى جرى تعيينه فى مدرسة الطب، التى أسسها محمد على باشا، والمعروفة حاليا بقصر العينى، لكن ما أعرفه عن يقين، هو ماذكره عنه على مبارك باشا فى كتابه الشهير الخطط التوفيقية، من أنه كان فى زمنه أنجب من عرفته البلاد فى علوم الجراحة على مر التاريخ.

وتقول القصة، إن الجراح الكبير النابه، الذى كان واحدا من بين نحو مائتى مصرى جرى ايفادهم إلى اوروبا ضمن ما عرف بـالبعثات العلمية فى عصر محمد على باشا، لدراسة مختلف العلوم الحديثة، بدأ حياته بائعا للبطيخ فى قريته الصغيرة نبروه، وهى تلك المدينة الكبيرة حاليا، التابعة لمحافظة الدقهلية، قبل أن يغادر قريته الى القاهرة، بحثا عن سوق جديدة لبضاعته، وهناك حرص على حضور دروس العلم فى الأزهر الشريف، ليتحول فى غضون شهور قليلة، الى واحد من انجب تلاميذه، ويكون ذلك سببا فى ترشيحه للسفر الى فرنسا، لدراسة علوم الطب.

ويقول الامير عمر طوسون، فى كتابه البديع البعثات العلمية فى عصر محمد على، ثم فى عهدى عباس الاول وسعيد الذى صدرت طبعته الأولى فى ثلاثينيات القرن الماضى، عن مطبعة صلاح الدين بالإسكندرية، إن ابراهيم النبراوى افندى، مكث فى مدرسة ابو زعبل التى تعد اول مدرسة لعلوم الطب فى مصر، حتى اتم علومه ونال فيها رتبة ملازم، قبل أن يتم اختياره وعدد آخر من زملائه، للسفر الى فرنسا، لاتقان علوم الطب بها، فسافر اليها، وكان مرتبه الشهرى سنه 1832 لا يزيد على 350 قرشا، فأقام بها لنحو ست سنوات، عاد بعدها إلى مصر، ليعين بمدرسة طب القصر العينى، مدرسا برتبة يوزباشى، قبل أن ينعم عليه الباشا محمد على بعد سنوات بلقب اميرالاى، ويختاره طبيبا خاصا، ويعينه رئيسا للأطباء.

قدم ابراهيم النبراوى افندى خلال فترة وجوده للدراسة بفرنسا، عددا من الترجمات فى علوم الطب، ربما كان من اهمها كتاب نبذة فى العلوم الطبيعية لمؤلفه كلود بك، ومن بعده كتاب نبذة فى الطبيعة والتشريح العام، قبل أن يقدم بعد عودته إلى مصر، كتابه الاشهر الأربطة الجراحية.

ويقول الامير عمر طوسون، إن ابراهيم النبراوى افندى، حقق من براعته فى صناعته اموالا كثيرة، وملك كثير من العقارات والجوارى والمماليك، وتزوج من امرأتين، احداهما فرنسية اثناء فترة اقامته فى اوروبا للدراسة، والاخرى بدوية بعد عودته الى مصر، قبل أن تنعم عليه والدة عباس باشا الاول باشراقة من جواريها، فهل يعرف كثير من اطبائنا الشبان، وقد تحول كثيرون منهم الى جلادين، لا يعنيهم سوى جمع المال فقط، مثل هذا التاريخ العظيم لأساتذتهم العظام؟.


لمزيد من مقالات أحمد أبوالمعاطى

رابط دائم: