هى بالطبع أقدار الله أن يعكر حادث صفو استمتاعك بالأعياد، وربما تتذكر أنه منذ عقود قريبة لم تعد تستمتع بالأعياد مثلما كنت بالصغر تملأ الدنيا صخبا ولعبا، أو مثلما كنت تسمع من آبائك عن لهوهم فى الأعياد، لقد مرت عليك فى غفلة أيام عيد الفطر، وهو ما قد أصابك بالحزن والكدر ليس لأنك لم تلحق أن تنهل من مباهجه، بل لأنك كنت تود أن تتوقف عقارب الساعة حتى لا تعود إلى العمل بمتاعبه ومنغصاته!.
اعتدنا ذبول فرحة العيد، التى تبحث عنها فلا تجدها حتى عند الأطفال، حيث تحول عندهم إلى مناسبة اقتصادية بحتة لجمع العيديات لإنفاقها بلا استمتاع بدليل أن الطفل يطلب المزيد لأنه لا يشعر بلذة ما جناه من إنفاق. استسلمنا لمظاهر باهتة تغلف الاحتفال بالعيد حتى تحولت إلى مجرد أداء واجب يخفت مع السنين، واختصرنا الأعياد فى أسواق وشواء وكحك وملابس جديدة وعيديات، لكن أراهن أنك على استعداد لإنفاق آخر ما فى جيبك كى تفرح ويفرح من حولك، لكن السعادة لا تأتي، تحولت إلى زائر خفيف لايطيل البقاء فى مجالسنا. كرة ثلجية متضخمة تسير على درب من الأزمات المتراكمة تطيح باحتفالاتنا فى الأعياد، فمن سيلهو ونحن نعيش وسط إقليم مضطرب وأزمة اقتصادية عالمية، ومن سيحتفل ولا تزال ظلال كورونا تمسك فى خناقنا، وكيف ستأتى الفرحة والأصدقاء يسقطون فى الطريق وآخرهم زميل بالمكتب المجاور كان رحيله القريب فى ظروف مأساوية كافيا لكتم أى فرحة قادمة؟ حتى (الميديا) تجهز على ماتبقى من آمال فى استعادة الأجواء الروحانية للأعياد، فالإعلام يعاجلنا فى الأعياد بعناوين عريضة من عينة (طرح كميات إضافية من السكر واللحوم واسطوانات الغاز)، لتجد نفسك أسيرا لمن حدد لك سلفا مواطن السعادة (الزائفة) وقتل لديك أى رغبة فى استعادة الفرحة الصافية التى لا يجلبها التهام الكحك أو موائد الفتة والضاني! لا أحب أن أحلق فى سماء المثالية فنحن جميعا على اختلافنا نعلم موطن تلك السعادة الغائبة وكيف نستعيدها لكننا نحبط أنفسنا بأيدينا حين نستسهل القول: (الناس اتغيرت والدنيا قلّ خيرها). كل عيد وأنتم بخير.
[email protected]لمزيد من مقالات شريف عابدين رابط دائم: