رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى المواجهة
سحور من ذهب!

لا يزال البعض في مجتمعنا يعيش أجواء الستينيات بقروشها وجنيهاتها القليلة التي كانت تغطي الاحتياجات المعيشية لأسرة لعدة أيام،ولا نكاد نصدق أن هناك من يعيشون بين ظهرانينا تراودهم أحلام يقظة وحنين إلى أزمنة مضت يودون أن يعيشوا تفاصيلها الآن وهو مايتنافى مع ديناميات الحياة وتطورها وحركة البشر، فهناك من يغيب عنه حقيقة أننا نعيش في ظلال نظام عالمي صارم بآلياته الاقتصادية التي تفرض عباءتها على الجميع.

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي منذ مطلع شهر رمضان بجدل واسع أثاره قيام بعض روادها بنشر فواتير باهظة لوجبات سحور تكلف بعضها آلاف الجنيهات،وكان اللافت قيام القائمين بالدعوة إلى السحور في فنادق ومطاعم فاخرة بالمشاركة أيضا في نشر تلك الفواتير وكأنهم يجهلون أن أسعار أطباق الفول والطعمية في تلك المنشآت السياحية تختلف حتما عن مثيلتها في أحياء شعبية مثل الحسين والسيدة زينب وغيرهما، تماما كما يحدث في عواصم العالم. فرواد أغلى المطاعم في مانهاتن بنيويورك، والشانزليزيه بباريس، وكريسير بسويسرا، وطوكيو ولندن، يعلمون مسبقا ما هم مقبلون عليه من حيث مستوى الخدمة والأسعار،فلا يخرج أحدهم صارخا من هول فاتورة عشاء ومقارنتها بمطاعم أقل مستوى. إحدى معضلات مجتمعنا أن معظمنا يرغب في أن يعيش حياة الأغنياء بالرغم من أن خالق الكون قسم الأرزاق بين الناس وقدر الأقوات مصداقا لقوله تعالى (وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ)، ويرفض الكثيرون التقسيمات الاجتماعية والاقتصادية التي هي سمة المجتمعات، ويتجاهل هؤلاء واقع أن للأغنياء أماكنهم المفضلة، ويمتنع متوسطو الحال إراديا عن الذهاب إليها خشية خوض مغامرة محفوفة بالمخاطر. لكن يجيد البعض خلط الأوراق فيتحدث عن انفجار في أسعار سلع وخدمات معروف أنها تقدم للقادرين، ويكيل بالاتهامات للسلطات بعدم إحكام الرقابة علي القائمين على تقديمها، متناسيا أن جمهور تلك السلع والخدمات لا تهمه أسعارها بقدر اهتمامه بجودتها ورضائه عنها. فلا يعني تأثر أسعار طعام الأغلبية المجتمعية بالأزمة الاقتصادية العالمية التي تلقي بظلالها القاتمة على الجميع، أن يخرج البعض صارخا من فاتورة سحور بآلاف الجنيهات،ساخرا من مكونات (ليست بذهبية) في وجبة تناولها بمطعم يفوق قدراته!.

[email protected]
لمزيد من مقالات شريف عابدين

رابط دائم: