رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

التطور الرقمى مبهر .. ولكن!

يبدو أن ما أنجزته مصر فى مجال البنية الرقمية مبهر، بما لا يدع مجالاً للشك، فى عدد كبير من المجالات، تطور ينبئ بأننا نسير فى طريق منضبط، يأخذ بآليات التقدم التكنولوجى الكبير المحيط بنا فى عالم متقدم يقفز بخطىً مطردة نحو الأخذ بكل وسائل التطور، حتى باتت سلوكاً يسلكه شعوبه. والأمثلة التى يمكن طرحها متعددة، منها ما فعلته مصر فى مجال قاعدة المعلومات الخاصة ببطاقات الدعم، وهو جهد كبير، أثمر بشكل واضح فى وصول الدعم لمستحقيه، فلأول مرة تمتلك مصر قاعدة بيانات تفصيلية عن المواطن، بها كل ما يتعلق به، قاعدة مكنتها من حذف غير المستحقين للدعم بكل يسر.

التطور الرقمى شمل عددا كبيرا من القطاعات، فمؤخرا، بتنا نشاهد ماكينات يمكن من خلالها استخراج عدد من الشهادات كالميلاد والوفاة، وكذلك الزواج والطلاق، فى وقت قصير للغاية، بآليات محكمة، تحافظ على خصوصية البيانات وسريتها.

أضف لذلك الخدمات التى تقدمها بوابة مصر الرقمية، وهى متعددة و رائعة، منها على سبيل المثال، استخراج بطاقة الرقم القومى، فى حال عدم تغيير للبيانات، وكذلك استخراج رخص المركبات، فى حال عدم طلب الفحص الفنى .. إلخ.

الحديث فى هذا السياق شيق، لاسيما بعدما بدأ الرئيس عبدالفتاح السيسى فى بناء الجمهورية الجديدة، وفق قواعد من الانضباط، لم تشهدها مصر من قبل، قواعد تعمل على كسر البيروقراطية المقيتة التى عانت مصر ويلاتها سنوات طويلة. ورغم ذلك مازالت هناك بعض العقبات غير المفهومة، فى عدد من المصالح الحكومية، فوزارة التربية و التعليم لم تتمكن حتى اليوم من إنشاء قاعدة بيانات لجميع طلابها فى كل مراحلها التعليمية، والدليل على ذلك، ما تطلبه الجامعات من طلاب التعليم الدولى، الموازى للتعليم العام، بضرورة إحضار التسلسل الدراسى من الصف الأول الابتدائى وحتى نهاية المرحلة الثانوية، كشرط للالتحاق بالجامعة، وهنا لا ننكر الإجراء، ولكن نتعجب من آليته. فحتى اليوم، مطلوب من كل الطلاب الذهاب للإدارات التعليمية التابعين لها، لإحضار تلك الشهادات، بعد الوقوف لساعات طويلة فى مراكز البريد لعمل حوالات باسم الوزارة، ثم العودة للإدارة والانتظار ليوم أو اثنين لتسلمها، كل ذلك يمكن أن يتم بخطوة واحدة، تأخذ الوزارة من خلالها الرسوم، مع إعطاء الشهادة، فى ظل هذا التطور الرقمى الرائع، ومع ذلك تصر على أن يدخل عدد غير قليل من الناس فى آتون المعاناة دون مبرر!!

زيارة لأى مركز متطور مثل مراكز الأحوال المدنية المتطورة، التى تتسم بتقديم خدمات ذات كلفة أكبر، ولكنها أسرع، ستجد أن عددا من موظفيها، مازال يتعامل بعقلية البيروقراطية القديمة، فالخدمة تحدثت، ولكن العقلية لم تتحدث بقدرها. ليس فى هذه المراكز فقط، ولكن فى مصلحة الشهر العقارى، زيارة سريعة لأحد مراكزها المتطورة، كفيلة بأن تشاهد بعض التصرفات غير الجيدة، من غلظة فى التعامل، وتعنت أحيانا، خاصة مع البسطاء من أهلنا، بما يقلل من قيمة الخدمة المتطورة دون داع!. ليظل التعامل المباشر مع الموظف، يغلفه فى بعض الأوقات عدم احترافية، منذ يومين كنت فى أحد مراكز الأحوال المدنية الحديثة، فور وصولك تأخذ رقما، من خلاله يتم التعامل، بشفافية، كل هذا جميل، لكن حينما يأتى دورك، تشاهد الموظف عابثا، يرد على طلبك بصعوبة، متجهما، وأحيانا أخرى بطء شديد فى تنفيذ الخدمة، دون مبرر مفهوم، رغم سدادك لرسوم الخدمة المتميزة!.

نعم تطورت آليات تقديم الخدمات المختلفة بشكل رائع، ولكن مقدميها لم يتطوروا بنفس القدر، مما أحدث فجوة كبيرة، مردودها ليس بجيد على الناس، من المهم وجود خدمات متطورة، ولكن الأهم تأهيل الموظفين لتقديمها بنفس الجودة، وهو ما نفتقده فى عدد من الجهات!. ناهيك عن كلمة «السيستم واقع» التى نسمعها أحيانا، مما يعنى تحويل الخدمة لشكل ورقى، أو توقفها لحين عودة «السيستم» للعمل مرة أخرى، وباتت تلك الجملة، بابا خلفيا لتوقف العمل، فتتعطل مصالح المواطنين!. وفى المقابل، هناك خدمات تتطور بشكل سريع، مثل خدمات المرور، من خلال السيارات المتنقلة، تشمل ضمن مكوناتها تجهيز سيارات للعمل بها كوحدات تراخيص متنقلة متميزة لتقديم خدمات (استخراج رخص التسيير ــ استخراج رخص القيادة - استخراج ملصق إلكترونى - فحص فنى - مستلزمات مرورية) للسيارات (الملاكى - النقل الخفيف حتى 1.5 طن) التى تقدم الخدمة وقت طلبها، وهى خدمة ممتازة، تيسر على قطاع كبير من الناس، قد تكون كلفتها كبيرة، ولكنها مهمة للغاية، ومميزاتها مبهرة، لتقديم الخدمة إلكترونيًا بالكامل (دون أوراق - دفع إلكترونى)، وهو تطور مذهل بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فقد جاء اليوم الذى لا يطلب فيه من المواطن أى أوراق، كل ما عليه هو سداد الرسوم المقررة فقط. وهذا ينقلنا بالتبعية لسؤال مهم، لماذا لا يطبق هذا التطور على كل وحدات المرور، أى يدفع المواطن الرسوم إلكترونيا، دون طلب «مستندات، أو بيانات» .. إلخ؟

التطور الذى تشهده مصر، يؤكد نهج الجهورية الجديدة، الذى ينهض بالوطن، ويسير بسرعة كبيرة نحو آفاق من التطور والتقدم، كنا نحلم بها منذ سنوات كثيرة، أضحت اليوم واقعاً نعيشه، ولكن هذا الواقع يحتاج لتدريب الموظفين على كيفية تحقيق ما نصبو إليه قيادة وشعباً، فهل تشهد الفترة المقبلة تطويرا على مستوى القائمين على الخدمات، بقدر تطورها رقميا، لتكتمل جودتها ونجنى ثمارها؟

[email protected]
لمزيد من مقالات ◀ عماد رحيم

رابط دائم: