الممثل الكوميدي زيلينسكي ألقت به المقادير في قصر الرئاسة في كييف بأوكرانيا، ليس الأمر بجديد أو مستغرب، فقد سبقه ممثلا سينما اكتفيا بأدوار مغمورة في هوليوود لكن ذلك لم يمنعهما من قيادة أقوى دولة في العالم.
لكن ما يميز زيلينسكي عن قرينيه الأمريكيين،رونالد ريجان ودونالد ترامب، أن الأقدار خدمته للمرة الثانية كي يصبح أيقونة المقاومة ورمز الكفاح في مواجهة الآلة العسكرية الروسية نالت الانتقادات الرئيس الأوكراني مبكرا مع توغل القوات الروسية في مدن بلاده،بعدما اتضح أن موسكو لم تكن تمزح وقت حشد جنودها وآلياتها على الحدود الأوكرانية،ومع تصاعد أرقام الخسائر البشرية واتساع نطاق الدمار لم يسلم زيلينسكي من الاتهامات الزاعقة بأن سياساته المستفزة تجاه موسكو وضعت أوكرانيا في صدام مع الدب الروسي.
لكن الرجل قلب الطاولة على المتربصين حين استدعى بذكاء موهبته الفنية، وقدرته الساحرة على الولوج إلى عقول وقلوب المتلقين،وهي القدرات التي استقاها من تمرسه في بلاتوهات السينما والتليفزيون، ليتحول إلى بطل شعبي ورمز للمقاومة يقودها من داخل بلاده بعد أن رفض دعوات دولية لإقامة حكومة في المنفي حرصا على حياته.
استدعى زيلينسكي كل ملكاته التمثيلية وقدرته على إيصال مشاعره بعفويته وملامحه البريئة،ليس فقط لإلهاب حماسة شعبه ولكن لاستمالة العالم لقضية بلاده رافعا سلاح السوشيال ميديا الذي برع في استخدامه إبان حملته الرئاسية،وربما تحصل إحدى الصور (السيلفي) التي دأب الرجل على التقاطها لنفسه بوسط كييف وحوله شباب المقاومة،على جائزة صورة العام.
ويظل دور مدرس التاريخ الذي يحارب الفساد وتلقي به الأقدار في قصر الرئاسة، الذي برع زيلينسكي في أدائه قبل سنوات في مسلسل يحمل اسم (خادم الشعب)،هو دور العمر للرجل قاده مبكرا إلى قلوب شعبه في توقيت تزامن مع الاجتياح الروسي للقرم عام 2014، وعلى الرغم من أن زيلينسكي لم يكن يتوقع يوما أن يتحول دوره في المسلسل إلى واقع إلا أنه أدرك الآن بعد ما شاهده من أهوال مع روسيا،أن الرئاسة ليست كلها حياة مخملية، ناعمة، بل هي أيضا مسئولية ونضال كي يصبح عن حق(خادم الشعب) .
[email protected]لمزيد من مقالات شريف عابدين رابط دائم: