رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى المواجهة
حرب أوكرانيا و«نزهة» كورونا!

بكل الثقة والموضوعية واعتمادا على ذاكرة لا بأس بها، نقول: إن من يعيشون على هذا الكوكب الآن، صغارا وكبارا قد شهدوا وتأثروا بأحداث وتحولات دراماتيكية عالمية ما لم تشهده أجيال سابقة، من حروب وأوبئة وأزمات سياسية واقتصادية تتجاوز خيال أكثر مؤلفي الدراما و(الأكشن) إبداعا وجنونا!ستمكث كثيرا في الذاكرة الجمعية ذكريات موجعة، لأيام حزينة جلبها وباء كورونا بمتحوراته التي اخترقت أجسادا وأوقعت مئات الملايين من الإصابات والوفيات،وعصفت باقتصاديات وخلقت من الأزمات ما لم تحدثه أوبئة أو حروب أو صراعات في أزمنة سابقة. وتنافس المراقبون في خضم حصار كورونا للبشرية في رسم سيناريوهات قاتمة لعالم مابعد الجائحة،وتحدثوا عن تغييرات جذرية في أسلوب الحياة وشكل العلاقات الإنسانية، لكن تلاشت مثل تلك التوقعات تماما كفقاعات الصابون، فالعالم يتخلص كل يوم من براثن كورونا،فقد عاد الازدحام للأسواق واسترد الناس حياتهم الطبيعية،ولم تعد آذاننا تسمع كثيرا عن تحذيرات الإجراءات الاحترازية بفضل تكاتف العالم لإخراج لقاحات أسهمت في حصار الوباء في ملاذاته الأخيرة.

لكن الحروب ليست مثل(نزهة) كورونا بين العالم، فالأولى هي التي تكتب التاريخ عن حق وتغير خريطة العالم، ومن نتائجها ظهور قوى جديدة واختفاء أخرى، وإعادة تشكيل شبكات التحالفات والمصالح. وتمثل الأزمة الأوكرانية نموذجا لما يمكن أن تحدثه الحرب من تغييرات ثورية في المنظومة الجيوسياسية والإقتصادية والعسكرية للعالم، لنؤكد بلا تردد أن النظام العالمي بعد هذه الحرب لن يعود كما كان! المفكر السياسي فرانسيس فوكوياما قرأ المشهد من نهايته بتوقعه أن الحرب الأوكرانية ستضع نهاية للنظام الدولي الذي تشكل عقب انهيار الاتحاد السوفيتي،فسباق التسلح سيزداد سعارا، وستتصاعد طلبات العضوية من شرق أوروبا للانضمام للمنظومة الأمنية والسياسية للغرب، وستقف روسيا في مفترق طريق شائك يفصل مابين طموحات استعادة النفوذ أو الانزواء في عزلة دولية خانقة.

قد تفقد أوكرانيا سيادتها وتصبح موالية لموسكو إن أصرت الأخيرة على ذلك لإنهاء الحرب، لكن ما لا يقبل التأويل أن الاقتصاد العالمي سيعاني طويلا من أزمة طاقة، وتفاقم نقص إمدادات الغذاء وموجة تضخم عاتية تعصف بما تبقي من مقدرات الفقراء.

[email protected]
لمزيد من مقالات شريف عابدين

رابط دائم: