رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

تطوير الإرهاب برعاية أممية!

هل تذكرون تشى جيفارا الذى وصفته ماكينات الإعلام الغربية بأنه كان (إرهابيًا أناركيًا فوضويًا) عابرًا للحدود؟ كان هذا قبل عقود طويلة وربما طوى الزمن ذكرى جيفارا، لكن بالتأكيد يتذكر الوعى الجمعى الإنسانى «أسامة بن لادن» الذى ترك وطنه قاصدًا دعم الأفغان فى حربهم ضد الروس قبل أن يتطور الأمر ليؤسس جيشًا عالميًا حمل اسم (القاعدة) التى قيل إنها بعد سنوات استهدفت القوة الأولى عالميًا عبر هجمات الحادى عشر من سبتمبر الشهيرة، آن ذاك انبرت الأصوات والأقلام تُحذر من بن لادن وجيشه الذى حتمًا سيتأهب لغزو العالم، صحيح قالت السلطات الأمريكية إنها استهدفت مؤسس القاعدة وأجهزت عليه لكن القاعدة بقيت وتطورت ونما عنها تنظيمات أشهرها داعش الذى تولى مسئوليته ابتداءً أبو بكر البغدادى حتى مقتله ثم تلاه ابو إبراهيم القرشى حتى قُتل كما سلفه فى عملية أمريكية.

هل تذكرون ما فات من مصطلحات مثل (إرهابى مرتزق ـ مخرب ـ أناركى فوضوى جهادى)، بالتأكيد تتذكرون والأهم أننا أصبحنا فى مواجهة واقع يطالبنا بأن نشطب هذه المصطلحات من قواميس اللغات الحية حيث بات العالم الغربى بحاجة إلى إرساء قواعد جديدة لها مصطلحاتها، فقبل أسبوع ثلاث دول أعضاء فى أكبر منظمة أممية -الأمم المتحدة-رحبت رسميًا بدعوات التطوع للقتال ـ الجهاد ـ فى (أوكرانيا)، الدول الثلاث هى (بريطانيا ـ الدنمارك ـ لاتفيا) وجاء موقفها تحت ذريعة العمل على التصدى لما اعتبرته (بداية الحرب ضد أوروبا)، ودعمًا للمرسوم الرئاسى الموقع من الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى والذى نص على أنه (اعتبارًا من 1 مارس، تم إدخال نظام دخول دون تأشيرة للأجانب الذين يرغبون فى الانضمام إلى الفيلق الدولى لأوكرانيا مؤقتًا خلال فترة سريان الأحكام العرفية، دون ان ينطبق ذلك على المواطنين الروس)، هذا المرسوم تجاوز التفاعل معه حدود الغرب إلى عموم أصقاع العالم وصولًا إلى اليابان فى العمق الآسيوى وليس انتهاءً بالعراق فى عمقنا العربى، ومن الناحية التنفيذية تصدى وزير الخارجية الأوكرانى دميترو كوليبا لوضع آلية تفعيل المرسوم الرئاسى داعيًا الساعين للقتال ـ الجهاد ـ ضد روسيا إلى الالتحاق بالقنصليات والسفارات الأوكرانية فى أوطانهم لتزويدهم بالمعلومات اللازمة لتسهيل عملية انتقالهم إلى أوكرانيا، مؤكدًا أنه (سيتم تسهيل التحاقهم بالجيش)، ولم يتوقف وزير خارجية أوكرانيا عند عقد نية (الجهاد) دفاعًا عن وطنه بل وسع دائرته لتشمل (الذين لهم ثأر أو حسابات ضد روسيا بغض النظر عن مصالح أوكرانيا)! مشيرًا إلى أن جميع المتقدمين سينضوون تحت لواء قانونى (يمكن هؤلاء من الانضمام إلى الجيش الأوكراني)، ولكن ما يدعو للتوقف ليس دعوات الإدارة الأوكرانية التى استيقظت على مواجهة الجيش الثانى عالميًا، وإنما حالة القبول الدولى بهذه الدعوة، وغض الطرف عن الطلبات التى تقدم بها المئات إلى سفارات أوكرانيا وقنصلياتها، وهكذا تحت سمع وبصر (العالم الجديد) تُصنع حواضن الفزع القادم القادر على تحويل المجتمع ـ أى مجتمع ـ إلى ساحات قتال مفتوحة!

فى هذا المقام وعبر ذات الصفحة فى الأهرام نشر كاتب هذه السطور صيحات تحذير من أجيال الإرهاب الجديد التى رعت الإدارة العالمية نشأتها فى ساحات العراق وسوريا وليبيا، وأكدت السطور حينها أن لملمة هذه الساحات معناها البحث عن فتح ساحة جديدة تتسم بالتطور على مستوى تركيبة مقاتليها وعقائدهم وتطور تسليحهم، لكن المُدهش هو أن يتم ذلك حاليًا برعاية دولية، لتتحول (أوكرانيا) إلى قبلة لكل تشوهات الإنسانية، وإلى حلبة تتصارع عليها كل ألوان العقائد المُستثمرة سياسيًا، فكما تدعو (أوكرانيا) للنفير لنصرتها تدعو (روسيا) المقاتلين الحالمين باستعادة مجد الامبراطورية القديمة، وكما يدعو الرئيس زيلينسكى يهود العالم لنصرته، تنطلق دعواتٌ للجهاد ضد (روسيا) ثأرًا لدورها فى (سوريا) وذودًا عن حمى مسلمى أوكرانيا، وهذه الفوضى لن تؤدى إلا لتقنين ما كنَّا نسميه تنظيمات إرهابية، وشرعنة الارتزاق بحمل السلاح، إنه واقع عالم الفوضى الخلاقة الذى قرر أن يكون إرهابه أكثر تطورًا وتوحشًا برعاية أممية وهو الواقع الذى إن صمتت عليه إنسانية القرن الحادى والعشرين فربما تستيقظ على صبحٍ دماره يوازى دمار استخدام السلاح النووى وربما أكثر.


لمزيد من مقالات عبد الجليل الشرنوبى

رابط دائم: