كلمات حرة
جيلنا والحرب فى أوكرانيا!

يبدو أن الأحداث والتطورات الكبرى فى كل المجالات، التى شهدها جيلنا، لا تتوقف أبدا. فنحن الجيل الذى شهد وصول الإنسان للقمر ووصوله إلى أقرب نقطة من الشمس، ونحن الجيل الذى عاصر فى طفولته التواصل بين البشر بالبريد المكتوب والتلغراف، والآن يشهد التواصل اللحظى بين البشر فى كل أنحاء الدنيا، ونحن الجيل الذى يتضمن عالمه قوى كبرى تملك أسلحة تكفى للقضاء على البشرية كلها عدة مرات.. أقول هذه المقدمة لكى ألفت النظر لتقديرى لمغزى التدخل الروسى فى أوكرانيا... باعتباره آخر الوقائع الكبرى التى يشهدها جيلنا. لقد لفت النزاع الروسى الأوكرانى نظرى بشدة منذ بداياته الأولى، وعلقت عليه هنا أكثر من مرة، أما اليوم فأنا أعود إلى ما كتبه المعلق السياسى الأشهر فى النيويورك تايمز، توماس فريدمان، وأنقل حرفيا ما قاله فى مقدمة مقاله (25 فبراير) تعليقا على التدخل الروسى فى أوكرانيا: إن أخطر سبع كلمات فى عالم الصحافة هى (العالم لن يعود أبدا مثلما كان سابقا) وخلال ما يزيد على أربعة عقود من الكتابة الصحفية نادرا ما جرؤت على استعمال هذه العبارة، ولكننى ألجأ إليها اليوم عقب تدخل فلاديمير بوتين فى أوكرانيا.. إن عالمنا لن يعود مثلما كان مرة ثانية،لأن هذه الحرب ليس لها مثيل فى التاريخ، إنها حرب مثيلة لحروب القرن الثامن عشر التى كانت تجرى فى ذلك الحين... ولكن فى ظروف عولمة القرن الحادى والعشرين. إنها أول حرب تتم تغطيتها بالتيك توك بواسطة البشر الذين يمتلكون أجهزة الموبايل التى تسجل كل الوقائع القاسية وتذيعها فى العالم دون أى محررين يقومون بتنقيحها . ومنذ اليوم الأول للحرب رأينا الدبابات الروسية وهى تتحرك على خرائط جوجل، التى تحذر السائقين على الطرق من أن تلك الدبابات سوف تحدث تعطيلا لحركة المرور عليها..! ... إن هذا كله صحيح ولكننى أعتقد أن الأهم من هذا الجانب السيبرانى الذى يرصده فريدمان، هو ما تنبهنا إليه تلك الحرب من عواقب وخيمة ترتبت على إصرار المعسكر الغربى، بقيادة الولايات المتحدة على توسيع نطاق حلف الأطلنطى ليشمل الدول المجاورة لروسيا، والذى أدى إلى نجاح بوتين فى حشد الشعب الروسى إلى جانبه فى مواجهة هذا التحدى .... ولاتزال الوقائع الخطرة التى يشهدها جيلنا مستمرة!