لم يعد الأمر يحتمل المزيد من المهادنة ودفن الرؤوس في رمال متحركة ستبتلع الجميع إذا لم يقف المجتمع وقفة حاسمة تضع حدا لهذه الفوضى الكارثية!
أصبح الاستخدام الأكبر للسوشيال ميديا لدى الكثيرين في مجتمعنا موجها لاختراق خصوصية الآخرين عن عمد، والتلصص على حياتهم وابتزازهم إن لزم الأمر، فمادامت الضمائر قد ماتت، فلتكن المكاسب أكبر!
لن تستوعب أدمغتنا تذكر كل هذا السيل من جرائم التلصص على حياة الآخرين عبر السوشيال ميديا، لكن حين يصل الأذى إلى حد انتحار ضحية هربا من مجرمين نالوا من سمعتها،وأهل ومجتمع لم يوفرا الملاذ والصون لعرضها، فلا بد هنا أن تكون الوقفة صارمة وباطشة حتى نمنع كوارث قادمة أسوأ، ويجب ألا نغفل جرائم الإغتيال المعنوي لسائحة جرى التنكيل بها (إلكترونيا) لظهورها بملابس البحر في شرفة منزلها، ولمدرسة تم (ضبطها) على مركب برحلة نيلية وهي ترقص بين زملائها وأصدقائها، لتقع في براثن (مهووسين) يتسترون خلف الشبكة العنكبوتية لارتكاب كل الموبقات، بينما يطاردون الآخرين لإقامة الحد عليهم دون إذن من المجتمع.
لم أقرأ أصدق من قول الروائي الإيطالي (أمبرتو إيكو) في وصف هؤلاء بقوله: إن أدوات مثل تويتر وفيسبوك تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى، من كانوا يثرثرون في الحانات فقط،دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، حيث كان يتم إسكاتهم فوراً،أما الآن فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحملون جائزة نوبل،إنه غزو الحمقى!
قد يرى البعض في التشبيه مقاربة بعيدة نوعا ما،لكن سأجعل السؤال أكثر مباشرة،من يحمي خصوصيتك وخصوصيتي؟ نعلم أنه تم تغليظ عقوبات الجرائم الإلكترونية، لكن هل تراها تراجعت أم زادت توحشا؟
هل تأمن من توغل (حماة الأخلاق والفضيلة) في حياتك الشخصية وعلاقتك بربك وبأسرتك؟ هل تأمن من ولوج هؤلاء عبر ثغرة إلى جدارك الشخصي،سواء بسبب صورة أو تعليق أو رأي تكتبه في السوشيال ميديا؟ سيتلقفك هؤلاء الحمقى تشهيرا وتعذيبا معنويا ولن ينجيك سوى منظومة حماية اجتماعية لرواد السوشيال ميديا تضع لبنتها الأولى الأسرة حين تحسن تربية الأبناء، فهل فات الأوان؟
[email protected]لمزيد من مقالات شريف عابدين رابط دائم: