رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
إنها المقاومة الثقافية

أصبح الحفاظ على الهوية الثقافية هو حجر الأساس فى المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيونى. مرت مقاومة الشعب الفلسطينى بمراحل عدة فى تاريخها الأقدم منذ ثورة 1936، والأحدث بعد تشكيل الجناح العسكرى لحركة فتح (قوات العاصفة)، فى أول يناير 1965، وانطلاق العمليات الفدائية.

استخدم الفلسطينيون فى مقاومتهم مختلف أشكال النضال الوطنى التحررى، كما كان الحال فى معظم الحركات التى قاومت الاستعمار فى بلادها. كان لكل من الاحتجاجات الشعبية، والكفاح المسلح، والانتفاضات الواسعة، ثم التحركات السياسية والدبلوماسية، مكان فى تاريخ هذه المقاومة حسب الظروف فى كل من مراحلها. غير أن الحصيلة متواضعة جدًا فى أفضل تقدير لها. فبعد تقدم حققته المقاومة بين منتصف الستينيات ومنتصف السبعينيات، أخذت فى التراجع تدريجيًا، حتى صارت القضية الأكثر عدالة فى العالم فى أضعف وضع فى تاريخها.

ولهذا، ازدادت أهمية تعزيز المقاومة الثقافية، التى كانت موجودة فى مختلف المراحل، ولكنها بقيت على الهامش، إلى أن باتت هى الملاذ. ففى مراحل التراجع، حين تتعاظم الأخطار، يصبح الحفاظ على الهوية هو السبيل إلى الصمود فى مواجهة سعى المُستعمر إلى إضعافها، بعد أن أحكم سيطرته على الأرض.

وتتجلى مقاومة الفلسطينيين الثقافية فى أشكال شتى كانت بدايتها الأولى مع حكايات الأمهات والجدات لأبنائهن وبناتهن عن الوطن الذى اغتُصب، والبيوت التى سُلبت. تعودت أمهات توريث مفاتيح بيوت عائلاتهن القديمة التى سلبها الاحتلال إلى الأبناء والبنات جيلاً بعد جيل، ومعها ثقافة هذا الوطن وتاريخه.

كما كان للتعليم دوره المُقَدر فى هذا المجال. تحرص العائلات الفلسطينية على تعليم الأبناء والبنات أيًا تكون صعوبة الظروف. يحدث هذا فى مخيمات، كما فى المناطق الصغيرة الباقية من فلسطين، وفى بلاد المهجر فى أنحاء العالم. ويأتى الآن دور الإبداع الفنى والأدبى فى نقل القضية إلى العالم، وليس فى تعزيز الثقافة الوطنية فقط. نُتابع فى الوقت الراهن حضور السينما الفلسطينية مثلًا فى مهرجانات ومسابقات دولية والحصول على جوائز فى بعضها.

إنها المقاومة الثقافية التى تملأ فراغًا ترتب على تعثر أشكال المقاومة الأخرى لتبقى القضية حيةً، وإنها لباقية.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: