رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
الأغلبية .. والتوافقية

(سنسعى إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية). (نريد تكوين حكومة توافق وطنى). يسمع أو يقرأ من يتابعون المشهد الراهن فى العراق عقب المصادقة على نتيجة الانتخابات البرلمانية عن هذا الخلاف بين التيار الصدرى وكتلة الإطار التنسيقى. ويسأل بعضهم عن المقصود بحكومة الأغلبية والحكومة التوافقية.

يُعيدنا السؤال إلى شكل النظام السياسى العراقى الراهن الذى يقوم على دستور توافقى تُقسم فيه السلطة بين الأطراف السياسية المُمثِلة للجماعات الإثنية سواء دينية أو مذهبية أو عرقية.

والصيغة التوافقية هذه معروفة فى عدد من المجتمعات التى يوجد بها عدد كبير من الجماعات الإثنية, وتُسمى مجتمعات فسيفسائية أو موزاييك. ولا تعنى هذه الصيغة عدم وجود أغلبية، وأقلية أو أقليات، لأن الجماعات الإثنية ليست متساوية عدديًا بطبيعة الحال. وقد صُممت هذه الصيغة فى أصلها النظرى لتجنب طغيان الأقلية الإثنية، بغض النظر عما يحدث فى الواقع فى بعض البلاد التى تأخذ بها. وحققت نجاحًا متفاوتًا فى عدد من الدول مثل بلجيكا وهولندا وسويسرا ولوكسمبرج وماليزيا.

وبالرغم من الأخذ بهذه الصيغة فى العراق لما يقرب من عقدين حتى الآن، فقد بقيت شكليةً فى غياب أهم مقوماتها وهو ثقافة الحوار المستمر بين الأطراف المفُترض أنها مُتوافقة، سعيًا لتحقيق الهدف الأساسى منها وهو تجاوزها تدريجيًا بعد أن تتعلم هذه الأطراف أن أحدًا منها لن يلغى الآخر، أو يقضى عليه، وتعرف كيف تحل خلافاتها دون صدام يخرج الجميع منه خاسرين.

لم تُحقق الصيغة التوافقية فى العراق, إذن, تقدمًا. ولم يُغادر معظم أطرافها الخنادق التى يتمترسون فيها، ولم تتوافر ثقة متبادلة بينها. ولم يُنجز بالتالى ما يُتيح انتقالا طبيعيًا من الحكم التوافقى الشكلى إلى حكم الأغلبية، الذى توجد فيه معارضةُ تتمتع بحقوقها كاملة، ويحدث تداول على السلطة.

ولهذا، يبدو الجدل حول حكومة أغلبية وحكومة توافقية قفزًا على الواقع الذى يُخبرنا أن التربص والاستنفار فى الساحة السياسية اليوم أقوى من ذى قبل، وأن الالتزام بالإجراءات الانتخابية لا يرتبط حتى الآن بثقافة ديمقراطية، وأن تغيير شكل الحكومة وتركيبها بالتالى لا يعنى شيئًا فى هذا الواقع.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: