اليوم الثانى من عام جديد هيأ الله الإنسانية جمعاء عاما أفضل وأرحم مما عشناه العام الماضى ورحمنا من صقيع برد على قدر ما وهبنى الله من عمر لم أعرفه من قبل رغم أننى كائن شتوى كنت أعشق موسم الشتاء الذى كانت لا تغيب فيه الشمس ولا الدفء ... ولكننى على كل حال أتدفأ بفرحة خاصة هى أننى عشت حتى شاهدت تحقق ما جاهدت من أجله سنوات طويلة وتوصلت إلى إثباته من خلال علماء وخبراء فى الزراعة أننا نستطيع أن نصل إلى حدود الاكتفاء الذاتى من قمحنا وقدمته فى مئات المقالات على صفحات الأهرام ودارت الأيام ليتحقق الأمل وسط ما يتم فى مصر الآن من إنجاز لمشروعات قومية لترشيد وتعظيم إدارة استثمار هذا الوطن الذى ادعى من لا يعرفونه حق المعرفة أو الكارهون والحاقدون لنجاحاته أنه وطن فقير يبررون بها عجزهم وفشلهم أو يبثون اليأس بينما لم يكن الأمر فقر إمكانات وثروات وطنية ولكن فقر إرادة وإدارة لم تملك الحلم بأن تنال بلادهم ما تستحق وما يليق بها وبتاريخها بينما لا يكف الشعب عن الحلم بالوطن الذى يتمناه ويعرف أن إمكاناته وثرواته الطبيعية والبشرية تتيح تحقيقه.
-
ولعل من حسن طالع العام الجديد أن نبدأه بمصارحات واعترافات بمسئوليات التقصير والتى جاء الكثير منها فى المواجهات الصريحة التى أدارها الرئيس مع الوزراء الثلاثاء الماضى فى أسوان فى إطار أسبوع الصعيد بكل ما يعنيه إحياء صعيد وجنوب مصر من اعتذار عن عقود من الإهمال رغم أن حضارة مصر القديمة كان مركزها هذا الجنوب العظيم .. وكان من أهم التصريحات الكاشفة أن إدارة قطاع الأعمال لم تكن لديها الكفاءة الواجبة فى إدارة مصانعنا وفى رأيى أن المشكلة فى جوهرها كانت لعدم كفاءة اختيار القيادات التى كان يجب ان يظل استمرارها فى مواقعها مرهونا بتحقيق المستهدف من المصانع والمشروعات كذلك عدم وجود أنظمة دقيقة وحاسمة للمتابعة لتنفيذ الأهداف وكيف تنفق الأموال خاصة المبالغ الخيالية التى تحصل عليها مجالس الإدارات حتى فى شركات خاسرة!.
-
لفتنى تساؤل الرئيس .. لماذا لم يأت فلاحون ليتحدثوا بأنفسهم عن مشكلاتهم ... سؤال مهم ينطبق على جميع العاملين فى الدولة فى كل المجالات: لماذا يتحدث المسئولون بالنيابة عن المواطنين الذى يجب أن يكون اطمئنانهم وتلبية احتياجاتهم أهم مسئوليات جميع مؤسسات الدولة وليس مثل القاعدة العريضة من ملايين المصريين فى تواضع مطالبهم وليس أقدر من أبناء كل مهنة فى التحدث عن حقيقة أوضاعهم ومتاعبهم وآمالهم وآلامهم بشرط الاستجابة العاجلة لهم .. هل استجاب مسئول لصوت وشكاوى المعلمين التى واصلت الكتابة عنها لما يقارب العام لإعادة النظر فى دخولهم ومعاشاتهم ومختلف أحوالهم التى تعينهم على أداء رسالتهم فى تربية وتعليم الأجيال على أكفأ مستوى.. وكيف نستثمر نتائج البحث العلمى وقبلها هل نوفر ما تحتاجه أبحاث العلماء والخبراء والطلبة المتفوقين من دعم وميزانيات وإزالة العقبات التى تقف فى طريق تحقيق ما يتوصلون إليه ويستطيع أن يحقق معجزات فى حياتنا وهو للأسف ما لا يحدث وعرفته من خلال كتاباتى التى لم تتوقف عن إنتاج رغيف عيش آمن طيب المذاق عالى القيمة الغذائية من خلط اقماحنا الوطنية والشعير.
-
كان إعلان مبشر قبل ميلاد العام الجديد بساعات معدودة عما تفيض به مصر من ثروات طبيعية فى جميع المجالات وللأسف أدارها من لم يحسنوا استثمارها وتطويرها وتعظيم عطائها سواء فى إهمال أكفأ أبنائها أو إدارة صروحها الصناعية أو ثرواتها الطبيعية فى بحارها وبحيراتها وأخصب أراضيها الزراعية أو صحاريها الواسعة أو ما يتوفر لها من مصادر ونسب محددة من المياه بينما كل ما يعانيه أبناؤها من أوجاع اجتماعية تتوفر إمكانات إيجاد حلول لها ...ثروات بشرية وطبيعية كانت تحتاج أصحاب كفاءات عالية يدفعهم إخلاصهم ومحبتهم وغيرتهم على بلدهم لتحقيقها ... تعانى القاعدة العريضة كل هذه المعاناة وهم يعرفون أن وطنهم يمتلئ بالثروات والكفاءات العالية الذين يمكن أن يحققوا ما يتمناه المصريون من أمان واطمئنان خاصة إذا أدركنا مدى أهمية مراجعة تطبيق السياسات والقرارات وألا ينفرد مسئول بالرأى ويرى قراراته الصواب الوحيد ولا يدرك كيف تساعد مراجعات الخبراء فى المجال على تحقيق أفضل النتائج وأقرب مثال ما يحدث فى التعليم لان التحديث الذى نتطلع إليه جميعا لن يحدث إلا بمشاركة نقد وتقييم ومراجعات ما لدينا من أساتذة وخبراء لكل ما يتخذ من قرارات أيضا فى رأيى أن من أهم التساؤلات التى يجب أن يسألها المسئولون لأنفسهم قبل محاسبة أو توقيع عقوبات على أخطاء يقع فيها المواطنون هل وفرنا لهم الحلول وصنعنا الوعى الكافى بنتائج ما يفعلون وهل كان المصريون يدمرون أخصب أراضيهم الزراعية بتجريفها والبناء فوقها إذا فتحت أمامهم مجالات الاتساع العمرانى بعيدا عن الأراضى التى تمثل مصدر رزقهم وغذائهم وأدركوا أنهم يجب أن يحافظوا عليها لأنها أهم مصادر حياتهم وحياة أبنائهم .. مؤشرات مهمة أرجوا أن تتأكد فى العام الجديد ... أن يحاسب المسئولون أنفسهم قبل أن يحاسبوا المواطن وان يملكوا شجاعة الإقرار بالخطأ والانسحاب بدلا من تراكم الأخطاء وان يكون أيضا من مؤشرات وبشائر العام الجديد الاستعانة بالكفاءات الحقيقية من الثروات البشرية التى تمتلئ بها مصر فى جميع المجالات مع تفعيل المتوفر من حلول وإمكانات لحل الأزمات وتلبية المطالب الجماهيرية وتحسين الخدمات واستمرار الاهتمام بالشباب وحل مشكلات البطالة وفتح آفاق الأمل والعمل .
-
تتقدم وتستقر الأمم باطمئنان أبنائها وحل مشكلاتهم وإحساسهم بالأمان الاجتماعى والاقتصادى والإنسانى والعدالة وعدم التفرقة والتمييز وتمكين الكفاءات والخبراء وإعلاء قيمة العلم والعلماء والاحتفاء بثمار وإبداعات عقولهم .
-
نرجوه عاما تتوج فيه المشروعات القومية بأهم وأكبر إنجاز ومشروع وهو مواطن مطمئن على يومه وغده ومستقبل أبنائه وتوفر جميع أشكال الدعم للأكثر ألما واحتياجا ويحصل على استحقاقاته الدستورية ويكافأ بقدر ما صبر واحتمل وقدم من تضحيات وتتوفر الحلول لآماله وآلامه.
لمزيد من مقالات سكينة فؤاد رابط دائم: