لم تُفاجئ حركة طالبان أحدا بتنصلها سريعاً، منذ عودتها لحكم أفغانستان فى أغسطس الماضى، من كل وعودها: التزاماتها بالتهدئة الداخلية وبالانفتاح على كل التيارات الأخرى وكل الآراء، ثم عودتها إلى سيرتها الأولى التى كانت عليها قبل الإطاحة بحكمها، منذ 20 عاماً فى ديسمبر 2001! فى هذا الأسبوع وحده توالت القرارات الداخلية لطالبان، ففى أمس الأول، الثلاثاء، ذكر ممثلون لوسائل الإعلام المحلية أن طالبان منعتهم من عرض البرامج والمسلسلات التليفزيونية الأجنبية، التى قالت الحركة إنها تتعارض مع قواعد الشريعة الإسلامية، وكذلك منع تقديم نساء بلا حجاب أو بملابس عصرية حتى فى الإعلانات، كما فرضت ارتداء الحجاب على مذيعات التليفزيون ومقدمات البرامج مع حظر الأغانى بشكل تام. كما طلبت لجنة الثقافة فى حكومة طالبان من وسائل الإعلام أن تلتزم بتقديم أخبار (متوازنة)، كما نبَّهت على وسائل الإعلام الأجنبية التى تُبَثّ فى أفغانستان بأن تلتزم بالمعايير التى وضعتها سلطات البلاد وإلا سيتم حظرها! فيما يرى بعض ممثلى وسائل الإعلام أن القيود التى تفرضها طالبان تزيد من تعقيد عملهم، لأنهم لا يعرفون كيف يجعلون الأخبار (متوازنة)! وقبلها بيومين، أعلنت وزارة التوجيه الإسلامى والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر تعليمات لجميع مالكى وسائل النقل بألا يوصلوا النساء إلا من يرتدين الحجاب الإسلامى فقط، مع وجوب منع تشغيل الموسيقى فى سياراتهم. وأما النساء الراغبات فى السفر لمسافة تزيد على 45 ميلاً (72 كم)، فيجب أن يَكنّ برفقة (محرم).
والملاحظ أن هناك أعدادا من النساء لم يستسلمن لسياسة طالبان ويعلن رفضهن، حتى مع توحش طالبان، مثلما حدث عندما أطلق مقاتلوها النار على مجموعة نساء قبل خروجهن فى تظاهرة قبل أيام، ولم يُعلَن عن ضحايا أو جرحى، ثم خرجت مظاهرة أخرى تحتج على ما حدث ضد زميلاتهن، ورفعن شعارات، كان منها شعار (سئمنا الجهل)!
نساء أفغانستان يواجهن اعتداءات همجية شرسة، ومنهن من يتصدين بشجاعة، ولكن مواقف منظمات حقوق الإنسان الكبرى لا تتجاوز بيانات إثبات الحالة، ولا تُصعِّد، ولا تُلوِّح بالتصعيد!
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: