رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ليبيا ما بعد تأجيل الانتخابات

كان اغلب الليبيين يأملون أن تكون نهاية العام 2021 نهاية لحالة عدم الاستقرار التى وسمت ليبيا منذ سقوط نظام القذافى، وبدايةلإعادة بناء دولتهم بعد سنوات من العنف والدمار. هذا الامل ارتطم بأمواج التجاذبات السياسية وتضارب المصالح وكثرة المتدخلين الخارجيين ونقص التنظيم واستمرار وجود القوات الأجنبية والمرتزقة مما حال دون اجراء الانتخابات الرئاسية التى كان من المقرر تنظيمها يوم 24 ديسمبر، وبالتالى دون تحقيق السلام المنشود.

عدم الوفاء بالشروط المسبقة التى أقرها اتفاق برلين2020، خاصة انهاء التدخل واخراج بين 20و40 ألفا من الأجانب والمرتزقة والجماعات المسلحة والميليشيات والمقاتلين الأجانب، وعدم اتفاق مجلسى النواب والدولة على قانون انتخابى متفق عليه بين الجانبين، وعدم وجود دستور ينظم الحياة السياسية، ووجود شخصيات جدلية مرشحة للانتخابات الرئاسية، وتضارب مصالح القوى الخارجية، ووجود بعض الثغرات فى وساطة الأمم المتحدة،كل ذلك أدى إلى زيادة التوتر ومهد لسيناريو التأجيل الذى بدأ يلوح فى الأفق منذ أسابيع.

مع اعلان التأجيل قبل يومين فقط من موعد الانتخابات فذلك اعلان عن فشل الخطة الأممية لانتشال ليبيا من حربها الأهلية الممتدة على مدى أكثر من عشر سنوات، وفشل للمجتمع الدولى الذى وقف تضارب مصالحه حجر عثرة فى استقرار هذا البلد الافريقى الغنى بموارده الطبيعية. وبغض النظر اذا كان يحق للمفوضية الوطنية للانتخابات اعلان تأجيلها والاعلان عن موعد جديد بعد شهر، خاصة ان دورها اجرائى وليس سياسيا، فإن الإبقاء على القوانين والعراقيل التى حالت دون اجراء الانتخابات فى ديسمبر قد لا يغير شيئا على الواقع، وربما ينتهى الموعد الجديد بالنتيجة نفسها التى انتهى إليها الموعد السابق.

العملية السياسية فى ليبيا تسير نحو المزيد من التعقيد. تأجيل الانتخابات لمدة شهر لن يكفى لإيفاء البرلمان بالالتزامات التى وضعت على كاهله، حيث طلبت المفوضية تعديلا من أجل رفع القوة القاهرة التى حالت دون اجرائها من ناحية، وتصحيح الأخطاء، من ناحية اخرى. اما حكومة الوحدة الوطنية، التى لم توفق فى إنجاح استحقاق الانتخابات، فمدة ولايتها انتهت يوم 24 ديسمبر بحكم القانون، ويجب إيجاد مخرج سريع حتى لا يحدث فراغ فى السلطة إما من خلال الذهاب إلى تشكيل حكومة جديدة أو ترميم الحكومة الحالية بتغيير رئيسها قبل تقديم موعد جديد للانتخابات.لحدود كتابة المقال لم يحسم مجلس النواب هذه النقطة. فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية التى كان مزمعا اجراؤها بالتزامن مع الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، فالحديث الآن عن اجرائها دون الرئاسية يبقى امرا مرفوضا من البرلمان وعدد كبير من النخب الوطنية، وان كانت هناك جهات محسوبة على الاخوان المسلمين تدفع بشدة فى هذا الاتجاه.

من المتوقع ان تحمل الأسابيع المقبلة التطورات المتعلقة بمصير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ومدى قدرة الفرقاء السياسيين الليبيين والأطراف الدولية اللاعبة والمؤثرة فى الملف الليبى، على التوافق حول موعد يحظى بدعم جميع الأطراف، ويضمن تجنب الثغرات القانونية والتحديات الأمنية التى واجهت عملية تنظيم أول انتخابات رئاسية فى تاريخ ليبيا. ما يدعو للقلق هو صورة الميليشيات التى خرجت مسلحة بقوة فى شوارع طرابلس وفى شوارع بنغازى لإظهار قوتها امام بعضها البعض. يبدو الأمر أشبه بفترة 2014، بعد محاولة المصالحة الوطنية مباشرة.

الحالة الليبية وصلت إلى مفترق طرق، بعد ان دخل الاتفاق السياسى الذى تمخض عن اجتماعات جنيف مرحلة الموت الاكلينيكى بعدما عجز عن تحقيق آمال الليبيين فى الاستقرار. ومع استمرار الانقسام الداخلى والخارجى وغياب الثقة فى المجتمع الدولى، والفشل فى اخراج القوات الأجنبية واستمرار التدخل الأجنبى، فإن شهرا او حتى بضعة أشهر لن تكون كافية لحل كل هذه الاشكاليات. لا شيء يضمن حتى فى حال اجراء الانتخابات ان يقبل الفرقاء المتناحرون بحكم صندوق الاقتراع.

فى ظل الأوضاع الراهنة، بات مؤكدا ان التحدى ليس فى تحديد موعد للانتخابات، ولكن التحدى الأكبر فى الوصول الى توافق فيما يتعلق بتدابير اجرائها بدءا بالاتفاق على قوانين يكون متفقا عليها ويرتضيها الجميع، وتقريب وجهات النظر حول الأوضاع الأمنية، وتوحيد المؤسسة العسكرية، ودعم تحريك عجلة الاقتصاد ودمج الميليشيات المسلحة فى المنظومة العسكرية بالتدريج، وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة. هذه الأمور كافة معقدة وتحتاج إلى جهود دولية وتوافقات داخلية وقناعة سيادية ان الوضع الراهن سيقود نحو السيناريو الأسوأ.

 

> كاتبة مغربية


لمزيد من مقالات ◀ وفاء صندى

رابط دائم: