رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«هرشة» حقوق الإنسان

انسوا أن يكون هناك اتفاق بين مصر والغرب حول موضوع حقوق الإنسان!

الموضوع أشبه بـ«هرشة» عندهم، ولن يتنازلوا عن إثارته بين الحين والآخر، ونحن أيضا لن نقبل التدخل فى شئوننا، ولن نسمح لأحد بفرض مفاهيمه علينا.

من خلال أحاديث مختلفة ومتفرقة مع مسئولين ودبلوماسيين غربيين، وأوروبيين تحديدا، استمعت إلى وجهة نظرهم فى الموضوع.

طبعا موقفهم له مبرراته، ووجهات نظرهم هم أحرار فيها، ولكن كلها مبررات مردود عليها.

هم يقولون إن مفاهيم حقوق الإنسان «عالمية»، وليست شأنا خاصا بدولة بمفردها، وهذا ما يدفعهم للتدخل فى قضايا داخلية بحتة أو التعليق على أحكام قضائية.

يقولون أيضا إن مصر موقعة على المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، لذا، فإن ما يطلبونه من مصر، ليس أكثر من تنفيذ هذه الالتزامات.

ويقولون إن هناك رابطا بين الحرية والديمقراطية ونهضة الأمم اقتصاديا، ويدللون بذلك على أمريكا وأوروبا.

ويقولون أيضا إن الرأى الواحد لا يبنى دولا سليمة، لأن الاختلاف صحى، وليس كل صوت معارض يستحق الفزع، والعقاب.

وهم لا يستوعبون حتى الآن كيف يمكن لناشط أو شاب ثلاثينى مثلا أن يشكل خطرا على أمن دولة، لمجرد أنه يتكلم ويدون ويغرد، ولا يحمل السلاح، ولا ينتمى لتنظيم إرهابي.

واقتصاديا، يرون أن سيطرة الدولة على المشروعات والاقتصاد، رقابة وإدارة وتنفيذا، «خنق» للقطاع الخاص، وتمنع إقامة علاقات تجارية سليمة، وتدفق الاستثمارات الأجنبية، ويعتبرون هذا جزءا من التضييق على حقوق الإنسان.

الأوروبيون بشكل خاص، يقولون إن اتفاقية الشراكة مع مصر بها نصوص يلتزم فيها الطرفان بحماية حقوق الإنسان، ويجب تنفيذها.

والأوروبيون أيضا يقولون إن دولهم وشعوبهم مختلفة، ولا تجمع بينهم لغة أو دين أو ثقافة، فقط مبادئ حقوق الإنسان، فهى بالنسبة لهم عقيدة أو دين.

ويقال أيضا إن حساسية ملف حقوق الإنسان سببها الشعور بالندم إزاء الماضى الاستعمارى لبعض الدول!

وهناك تفسير أكثر صراحة، وهو الضغط الهائل الذى يمارسه النشطاء والحقوقيون والمنظمات عندهم على السياسيين والدبلوماسيين لتبنى هذه المواقف دائما، حتى لا يكون الثمن التضحية بمناصبهم!

هذا هو منطقهم، وهذه هى مبرراتهم، المعلنة وغير المعلنة، ولكن منطقنا نحن هو ما يجب أن يحترم، خاصة أن كل نقطة مما سبق مردود عليها، وتعالوا «نمسكها واحدة واحدة».

فعالمية مفاهيم حقوق الإنسان متفق عليها من حيث المبدأ، ولكن مختلف عليها فى كثير من التفاصيل، بدليل الخلاف العالمى القائم حتى يومنا هذا حول مفاهيم ازدراء الأديان، وزواج المثليين، والإجهاض، و«الشتيمة» عندهم مثلا، ليست كالشتيمة عندنا.

واتفاقيات حقوق الإنسان الدولية التى وقعت عليها مصر، تتحدث عن حقوق متعددة، منها الحق فى الحياة، والأمن، والسكن، والتعليم، والصحة، وهو ما يجب تحقيقه «أولا»، ونكرر «أولا»، قبل الحديث عن أى حريات أخرى مختلف عليها لاختلاف الظروف، فمحيط مصر الآن، ليس سويسرا والدنمارك والسويد ولوكسمبورج، ومن لا يرى ذلك، فليرتدى نظارة!

والربط بين الديمقراطية ونهضة الأمم «مخل»، فنظرة إلى اقتصاديات روسيا والصين، ودول الخليج، تنسف هذه النظرية تماما.

والأصل فى الأشياء التوافق، لا التناحر، وهذا هو «ديدن» مجتمعاتنا الشرقية، ونظرة إلى ليبيا، كفيلة بأن توضح لنا خطورة التنافر والاختلاف فى مراحل معينة من عمر الأوطان.

وهناك أصوات «معارضة» تستحق القمع، إذا كانت تمجد الإرهاب، أو تموله، وفارق كبير بين أن تحرض على التظاهر، أو تحرض على القتل، وبين من يتظاهر سلميا، ومن يتظاهر بأجر، وبين المعارض الوطنى، والمعارض «العميل»، ولا علاقة لكل هذه الاتهامات بسن المتهم، بدليل أن «جون» قاطع الرءوس الداعشى مواليد 1988، وبدأ تطرفه وعمره 22 عاما!

وبالنسبة لسيطرة الدولة على الاقتصاد، فالمؤكد أن عدم الاستقرار هو أكثر ما «يطفش» المستثمر من أى دولة، وهناك دول فى المنطقة يديرها فرد أو قبيلة، ويهرول إليها مستثمرو الغرب «زحفا» دون أدنى مشكلة، والرئيس عندنا تحدث عن شركة خاصة تشكو قلة الفرص، وتحقق عائدات 11 مليار جنيه سنويا!

أما اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية الجارى التفاوض بشأن تجديدها، فهى اتفاقية تحقق مصالح الطرفين، وما تطلبه مصر ليس صعبا، وهو عدم التدخل، والمادة 26 من الاتفاقية بها كل شىء، وتمنع التدخلات وفرض المفاهيم، ومادة حقوق الإنسان لا تتحدث عن الحقوق من وجهة نظر واحدة.

أما «حكاية» الماضى الاستعمارى، فالأولى بهذه الدول أن تعتذر عن جرائمها، بمد يد التعاون لدول العالم الحر، بلا تدخلات، ومحاضرات، ومشروطيات، و«هرشات»، وإلا فلن نتفق، ومع ذلك، سنتفق، لأن صوت العقل والحق هو من ينتصر فى النهاية!


لمزيد من مقالات هـانى عسل

رابط دائم: