من الأفضل أن نُقِرّ، بداية، ومما هو مُتداوَل وشائع، بأن هناك انتهاكات كثيرة تتعرض لها أعداد من الفئات المُستَضعَفَة من الأطفال والمسنين فى دور الرعاية المخصصة لكل منهم، بغِلظة مبالغ فيها، يصعب أحياناً فهم دوافعها، وكيف يبررها المُنتهِك لنفسه، والتى تصل إلى حد إذلال الضحية والإساءة البالِغة له، والضرب بالعصا أو بغيرها! وأما الأخطر فهو اطمئنان المخالِف إلى أنه ليس هناك جزاء فورى يتساوى مع مخالفته، وأحياناً ليس هناك أى جزاء إطلاقاً، مما يجعله فى ثقة من الإفلات، ومن أن عمله مستقر ومستمر، وأن آلية العمل المعتمدة لن تتصدى له، أى أن أمر مخالفته لن يُكتشف، أو أن اكتشافه لن يُحرِّك تلقائياً إجراءات عقابية ضده. فأما الخبرات السابقة فتؤكد أن مصدر المعلومات عن هذه الانتهاكات قد يكون من خارج الإطار تماماً، من بعض الجيران الذين يرون الاعتداءات بأنفسهم رأى العين، فى حال تجاور المباني، أو سماعهم صرخات الاستنجاد من الضحايا. بل إن شهود العيان المتحمسين للعلاج سيصطدمون بما يعوق مبادراتهم الشخصية فى تقديم شكوى من باب خدمة إنسانية! بما يثير الاستغراب من أن تكون الآلية المأمولة صارت تدور بشكل عكسي، أى أنها تدعم الانتهاكات واستمرارها.
هذه بعض الأسباب التى تؤكد أن مثل هذه الأخطاء لا تُعالَج فقط بتوفير ميزانيات أكبر ومبان أكثر حداثة وتقنيات أكثر تطورا، لأن الأهم على الإطلاق هو توفير العنصر البشرى الذى يجب أن يتميز بعدة كفاءات، منها العلم والخبرة، وأهم منهما التوازن النفسى مع إدراكه المهمة المنوطة به. وهذا يشترط وجوب إخضاع المتقدم للوظيفة لفحوص واختبارات علمية دقيقة تؤكد سلامته لمثل هذا العمل، مع إقراره قبل تسلمه العمل بأن يلتزم بكذا وكذا، وبموافقته على إلغاء تعاقده إذا ثبت ضده مخالفات تخل برسالة المؤسسة التى تحتضن الأطفال والمسنين.
هذا الكلام واجب التذكر مع اهتمام الدولة حالياً بمشاريع بناء دور لرعاية الأطفال والمسنين، والتى يُخشى أن يندس فى صفوف العاملين المخلصين المتفانين من يكرر نفس الأخطاء الجسيمة ويُسيء إلى الجميع.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: