نتيجة للتقاعس عبر عقود طويلة عن حل جذور ظاهرة العنف الأسرى المأساوية، كجانب مهم من العنف الاجتماعى، وهى ظاهرة كادت تنحصر حتى سنوات قريبة فى عنف الزوج ضد زوجته وأبنائه، ثم بدأت تلوح داخلها أبعاد جديدة تكون المرأة هى التى تمارس العنف ضد زوجها، وهو ما بدأ بمحاولة رد العنف ضدها بنفسها، ووصلت فى بعض الأحيان إلى أن تكون هى المبادِرة، ما دام أنها لا تجد عوناً رسمياً أو اجتماعياً. ولا يقلل من خطورة هذا التطور الأخير أن يصر البعض على التعليق عليها بشكل ساخر، بالكتابة والكاريكاتير وفى السينما والتليفزيون..إلخ! وأما أخطر التبعات، فى كل الأحوال، فيعانى منها الأطفال، الذين هم فى طور التكوين، وأعجز عن إدراك ما يحدث وعن رد العدوان، ولا يعرفون الحد الأدنى عن كيف ينقذون أنفسهم!
أنظر إلى هذه الجريمة، فى بندر طلخا بالدقهلية، والتى تُصَنَّف ضمن الجرائم التى يقف الجهل والغِلظة وراءها. فقد أعلنت وزارة الداخلية الأسبوع الماضى عن أب قيَّد طفله البالغ 7 سنوات بسلسلة حول قدميه لمنعه من الذهاب إلى والدته، حيث إنهما منفصلان منذ 3 سنوات. وكان الطفل طلب زيارة والدته إلا أن والده رفض، ثم قيده خشية هروبه، إلا أن الطفل غافل جدته لوالده وخرج من المنزل وهو مقيد وتوجه لمنزل والدته، ولم يعثر عليها لتغييرها محل إقامتها، ثم توجه لجدته لوالدته التى اتصلت بوالده لاستلامه! ولك أن تتخيل ما سيتبقى فى وجدان الطفل طوال عمره من هذه الواقعة البشعة؟ هذا الإيذاء البدنى هو أقل ما يلحق بالطفل، وإنما الأهم هو التشويه النفسى، الذى يصعب معه أن نتصور أن ينمو هذا الطفل معافى بلا عقد، وقد يكون منها تبريره لنفسه مستقبلاً أن يمارس العنف ضد ضحايا آخرين، لتكتمل دائرة رهيبة!
ليست لدينا طاقة رسمية على منع هذه الجرائم من منابعها، ولا حتى لاكتشافها جميعاً بعد وقوعها، إلا إذا ذهب الضحايا لإثبات الحالة بأنفسهم، أو إذا رصدتها مواقع التواصل وبثتها فى الأرجاء.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: