رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
لاهوت التحرير

لا يصح أن يمر العام دون أن نذكر تأسيس أحد أهم الحركات الاجتماعية التقدمية التى علَّمت كثيرين فى أنحاء العالم سبلاً جديدة للدفاع عن العدالة الاجتماعية وحقوق الفقراء والضعفاء، وقدمت درسًا لكل من يُهمه أن يعرف كيف يُمكن أن يلعب الدين دورًا تحرريًا فى حياة الشعوب.

كانت أمريكا اللاتينية عام 1971 على موعد مع تحول كبير قاده عدد من رجال الدين الكاثوليك فى بيرو والبرازيل وأورجواى وغيرها، والتحق بهم دُعاة إنجيليون أيضًا، بعد أن تراكمت لديهم خبرات ارتبطت بانحيازهم للضُعفاء, كرد فعل أخلاقى على ظلم اجتماعى استشرى فى ظل ارتهان حكومات وشركات محلية لمصالح اقتصادية أمريكية.

وضع الكاهن جوستافو جوتييريز الأساس الفكرى لتلك الحركة فى كتابه (لاهوت التحرير) التاريخ والسياسة والخلاص) الذى أحدث أثرًا متزايدًا فى مناطق عدة فى العالم أُسست فيها حركات مُشابهة. وبشىء من الاختزال لا مفر منه يمكن تحديد فكرة لاهوت التحرير فى التركيز على كل ما يُدعم التحرر الاجتماعى فى المسيحية، انطلاقًا من إيمان بأن المهمة المقدسة للكنيسة هى العمل من أجل تخفيف آلام الفقراء والمقهورين والمحرومين، ومساعدتهم ليتمكنوا من النضال لانتزاع حقوقهم، والسعى لإنهاء محاولات تغييبهم عن المجال العام لتسهيل الهيمنة عليهم وإبقائهم فى حياة بائسة كان هدف السيد المسيح، وفق رؤيتهم، أن يُخلصهم منها. فقد كان المسيح فقيرًا، وشارك الفقراء حياتهم، وعرف ما يعانونه، فكيف لا تكون رسالته إنقاذًا وإنصافًا لهم؟ وعلى الكنيسة بالتالى، وفق لاهوت التحرير، أن تكون كنيسة الناس، التزامًا برسالة المسيح هذه.

ومن أهم ما بدأه جوتييريز فى هذا الكتاب، الذى تُرجم إلى كثير من اللغات ونقله إلى العربية جان رزق الله والأب جون جبرائيل، التنظير لفكرة أن الإيمان الدينى يفرض عدم الصمت إزاء معاناة المطحونين، وأن على المؤمنين رفع أصواتهم وبذل جهدهم لتحقيق الخلاص من الظلم الاجتماعى الذى يجرد الكائن البشرى من إنسانيته. وفى تجربة لاهوت التحرير ما قد يلفت انتباه أنصار التحرر والتقدم فى كل مكان إلى أن الأديان عون لهم حين ينفذون إلى جواهرها, ويُراجع بعضُهم نظرتَهم السلبية إليها.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: