كنت دائما أحب فيروز وهى تغنى للشتاء رجعت الشتوية وكانت لى ذكريات كثيرة مع الشتاء وقد قضيت طفولتى فى محافظة البحيرة وكنت أذهب إلى المدرسة فى حوش عيسى صباح كل يوم وليالى الشتاء تحاصرنا ولم استطع فى يوم من الأيام أن أتوافق مع البرد ومازلت لا أحبه .. وبعد ذلك كنت أرفض السفر الى بلاد الجليد وقد سافرت مرة واحدة إلى دول شمال أوروبا فى الشتاء وعانيت كثيرا فى صقيع السويد والنرويج ولم أكررها .. وكان الشتاء فى مصر رحيما ولا أدرى من أين جاء بكل هذه القسوة .. كنت اذهب إلى المدرسة صباحا وأشاهد فى الحقول عشرات الفلاحين يروون الأرض ويلقون البذور وهم فى قمة السعادة والنشاط .. وفى السنوات الأخيرة تغير المناخ واختلت موازين الفصول ولم يعد الشتاء كما كان .. بل أن هناك فصلا جميلا كنا نسميه الربيع اختفت ملامحه حيث لا دفء ولا زهور .. وقد جاءنا هذا العام شتاء غريب وتساقطت على مدن كثيرة قطع من الجليد وغرقت الإسكندرية بين السيول والأمطار واختفى الناس فى بيوتهم وبدأت هيئة الأرصاد تحذر المواطنين من النزول إلى الشوارع وغاب التلاميذ عن مدارسهم وتغيرت ملامح الشتاء وأصبح أكثر قسوة .. اننى حين أشاهد ما يحث فى بلاد أخرى من انهيارات وسيول وصواعق أحمد الله أن شتاءنا اعلم بأحوالنا وأحوال الأسر التى تسكن العراء .. كان الشتاء فصلا وديعا وكان رغم قسوته أحيانا يحمل شيئا من الدفء ويمنح الحياة الأمنة والسكينة .. لقد جاءنا الشتاء هذا العام عنيفا قاسيا رغم أننا كنا فى حاجة أن يخفف عنا ليالى كورونا الطويلة .. كنت أحب فيروز فى زمان مضى وهى تغنى رجعت الشتوية ولكن أمام هذا البرد القاسى وفوضى الفصول وما يعانيه الإنسان فى هذه الليالى الطويلة أتمنى ان يأخذ الشتاء أمطاره ويرحل .. لأول مرة فى تاريخها تغطى الثلوج مدينتنا العريقة الإسكندرية وهناك محافظات أخرى جاء عليها الدور لكى تلحق بهذا الشتاء الجديد القادم إلينا من بلاد الفرنجة.
[email protected]لمزيد من مقالات فاروق جويدة رابط دائم: