رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أوميكرون وتوقعات الاقتصاد العالمى فى 2022

مع تفشى جائحة كورونا، لا يزال الاقتصاد العالمى يعانى ارتفاع نسب التضخم بمعدلات عالية بسبب انقطاع سلاسل التوزيع ونقص المنتجات الأساسية للتجارة الدولية، وارتفاع أسعار المواد الخام (الخشب والنحاس والصلب) والطاقة (البنزين والغاز والكهرباء)، وعدم عودة العاملين الصغار الى مواقع عملهم. كما يعانى ايضا مشكلة زيادة الطلب على السلع مقابل النقص على طلب الخدمات. لكن مع توفير اللقاحات وتراجع نسبة الإصابات والوفيات خلال الربع الثالث من العام الحالى، انتعشت آمال الاقتصاديين بأن التضخم سيكون مؤقتا، وسوف تهدأ مشكلات التوريد، وسيعود العمال فى الدول الغنية إلى أعمالهم، وسيشهد العام المقبل التعافى التام من تداعيات كوفيد. لكن أمام الحالة الوبائية الراهنة، بات هناك شك فى إمكانية حدوث ذلك.

أسفرت الموجة الخامسة من الجائحة وظهور سلالة أوميكرون عن حدوث زيادة حادة فى حالة عدم اليقين بشأن آفاق الاقتصاد العالمى، بعدما شهد هذا الأخير بعض الانتعاش فى عام 2021. استفادت الدول الغنية، بصفة خاصة، من امتياز الوصول إلى اللقاحات، مما جعل أمريكا تقترب من التخلص من آثار أسوأ ركود شهدته منذ الكساد الكبير فى الثلاثينيات. وكان بإمكان منطقة اليورو أن تحقق انتعاشا اقتصاديا، فى نهاية العام الحالى، لولا الانتشار السريع للموجة الوبائية الحالية واكتشاف متحور أوميكرون، الذى لا يزال العالم ينتظر تداعياته على الصحة العامة، بعدما صنفته منظمة الصحة العالمية بـالمقلق.

ظهور أوميكرون والخوف من سرعة انتشاره وعدم التأكد من قدرته على الفتك وقدرة اللقاحات على مواجهته، أدى إلى انخفاض أسعار النفط وتراجع حاد فى أسواق الأسهم العالمية، مع إعادة فرض القيود على السفر والحجر الصحى، سواء بشكل جزئى او كلى فى بعض الدول. وربما سيؤدى ذلك الى تفاقم أزمة سلاسل الإمدادات العالمية وما يعنيه ذلك من تعرض الاقتصاد العالمى لضربة جديدة. كما سيهدد تعافيا عالميا للطلب، ويعزز المخاوف من تضخم فائض المعروض العالمى فى الربع الأول من العام المقبل.

اذا كان عدد كبير من الشحنات الجوية يخزن بشكل أساسى فى طائرات الركاب، فإن إلغاء الرحلات بسبب الظروف الصحية وانخفاض الطلب على الرحلات الجوية التجارية، سيظهر خطر تقييد المسار التجارى الذى قد يؤدى بدوره إلى تفاقم ضغوط التضخم فيما تصبح السلع أكثر ندرة. وبالإضافة إلى الإجراءات الحكومية لاحتواء المتحور الجديد، فإن الخوف من العدوى قد يدفع الناس إلى الحد من تنقلاتهم وسفرهم ونشاطاتهم الاقتصادية، مثل الذهاب إلى المطاعم ومراكز الترفيه وتقليل الاستهلاك، ما سيؤثر بدوره على النمو، وان كان صندوق النقد الدولى لا يزال يتوقع نموا عالميا بنسبة 4‪.‬9٪ العام المقبل.

بالنسبة لمعظم البنوك المركزية الرئيسية، أصبح التضخم هو الهاجس الرئيسى، ويبدو أن مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى قد بات مستعدا لتشديد سياسته النقدية ما لم تتحقق أسوأ المخاوف الأخيرة بشأن أوميكرون وتأثيرها المحتمل على النشاط الاقتصادي. وقد بدأ الاحتياطى الفيدرالى الامريكى فى تسريع إنهاء برنامجه الضخم لمشتريات السندات بالنظر الى قوة الاقتصاد ومعدل التضخم المتزايد، كما أعلن عن جدول زمنى لتخفيضه بحيث ينتهى منتصف العام القادم، بما يسمح لاحقا بارتفاع متدرج فى اسعار الفائدة للسيطرة على الضغوط التضخمية. ومن هنا يترقب المتابعون والأسواق المالية العالمية ما سيسفر عنه الاجتماع القادم لمجلس الاحتياطى الفيدرالى فى هذا الخصوص فى 15 ديسمبر (بعد كتابة هذا المقال).

فى المجمل، لا تزال جائحة كورونا تسبب دمارا هائلا للاقتصاد العالمى. رغم كل الجهود واللقاحات الوباء لم ينته بعد، ومع ظهور اوميكرون ومع توقع ظهور سلالات جديدة وربما اقوى بسبب عدم تكافؤ فرص اللقاح، ستتعطل الاقتصادات بشكل كبير. ويؤكد خبراء اقتصاديون ان الاقتصاد العالمى لن يعود إلى طبيعته حتى يصبح كوفيد-19 مرضا يمكن السيطرة عليه. ولكى يعود الاقتصاد كما كان يحتاج المستهلكون إلى إنفاق المزيد من أموالهم على الخدمات وهو أمر يصعب حدوثه فى الوقت الحالي. بالإضافة الى ما سبق ذكره، يمكن ان يتأثر الاقتصاد العالمى خلال العام المقبل بتغير المناخ وتطور العلاقات الصينية ـ الأمريكية، والروسية - الامريكية، وكيفية تطور العلاقات بين الصين والغرب. ربما سيؤدى التفكك السريع للروابط الاقتصادية إلى ركود عالمي. هذه النقطة ستكون موضوع مقال قادم.

> كاتبة مغربية


لمزيد من مقالات وفاء صندى

رابط دائم: