رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

المخدرات هى الداء .. فكيف يكون الدواء؟

حفلت الندوة المهمة التى عقدتها «الأهرام» عن المخدرات، ونشرتها يوم الجمعة الماضى، ببعض البيانات والتفاصيل الخطيرة، لتبين حجم الأزمة، كما تبين كيفية تعامل مصر معها، من خلال بعض الإجراءات التى تم اتخاذها فعلاً، والتى أدت لنتيجة إيجابية كما أوضح د. عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة الإدمان.

وجاءت البيانات، تطمئن الناس عن تدنى نسب الإدمان وكذلك التعاطى، ومما لاشك فيه أن ذلك أمر حسن للغاية، ولكن لفت نظرى، أن النسب المشار إليها تم التعامل عليها من خلال سبيلين، الأول، التحاليل التى يتم عملها للفئات المعلومة، مثل سائقى حافلات المدارس، وكذلك سيارات النقل، وأيضا للموظفين الذين خضعوا لإجراء تحليل المخدرات، أو لمن تقدم بمحض إرادته طالبا الكشف والعلاج، وللحقيقة، ما تفعله الدولة جيد ورائع، ولابد من تثمينه.

ولكن ماذا لو وسعنا دائرة التعامل؟ بمعنى ماذا يضيرنا لو تم عمل تحليل مخدرات لطلبة الجامعات؟ نعم طلبة الجامعات، ما الذى يضير؟ فكما خضع وسيخضع أساتذة الجامعات لتلك التحاليل، يخضعون لها كل طلابنا، وهم أبناؤنا، من باب الاطمئنان، لاسيما أن مظاهر القلق، مثل حدوث سرقة فى المنزل، أو تغيُر فى السلوك، أو العزلة، المراوغة .. ألخ تظهر بعد فترة من التعاطى، وقد يحتاح الشاب لفترة أخرى حتى يصبح مدمنا، وبالتالى تبدأ تلك الظواهر فى الحدوث، وقد لا يلفت الانتباه أى منها، ومع ذلك احتمالية تعاطى المخدرات قائمة بنسبة ليست بالقليلة.

وذلك يمكن تطبيقه على كل الجامعات دون تمييز، حتى نتمكن من اكتشاف الخطر فى الوقت المناسب، ومن ثم منعه و محاصرته، لأن علاج الإدمان كما هو معروف، يكون أيسر، كلما تم اكتشافه مبكراً.

وهذا يقودنا إلى الغوص فى بعض التفاصيل المهمة، وهنا الشك قد لا يعتبر عيبا، يجب الخوف منه، بل هو وسيله لحماية الأبناء، فلا أعلم هل لدينا يقين تام بعدد المتعاطين من شبابنا، ومن أين جاء هذا اليقين، حال وجوده؟

ولأننا نتعامل بشفافية مطلقة، جعلت الدولة تقوم بالكشف المبكر على موظفيها، سواء فى الجهات الحكومية، أو الجهات ذات النفع العام، أى التى تتعامل مع الناس، مثل العاملين فى المستشفيات الخاصة على سبيل المثال، أتساءل، وأين باقى الموظفين؟

وكلنا يعلم أننا تجاوزنا عدد الـ 100 مليون نسمة، فلماذا أخضعنا تلك النسبة البسيطة من الناس للكشف المبكر على المخدرات وتركنا الباقى، بمعنى، لماذا نهتم بعمل تحليل مخدرات لسائقى حافلات المدارس وما شابه، ولا نهتم بسائقى بقية السيارات؟

ألا يسيرون فى الطرق، ويحتكون بالناس، وماذا لو أن منهم مدمنا أو متعاطى مخدرات و يقود سيارته تحت تأثيرها، وما يمكن أن يسببه ذلك من ضرر غير محتمل، قد تكون نتيجته إزهاق أرواح الناس.

لذلك أقترح، عمل تحليل مخدرات لكل من يقود سيارة، دراجة نارية، أو ما شابه، سواء من خلال حملات تقوم الدولة بتنظيمها وترتيبها، أو عند استخراج رخصة القيادة، يتم وضع شرط مهم، وهو عمل تحليل مخدرات، وإذا ثبت تعاطيه، يمنح مهلة ولتكن 6 أشهر لمعاودة استخراج الرخصة، ولو تكرر الأمر يمنح مهلة سنة، ولو تكرر، يمنع من استخراجها، وكذلك الحال عند تجديد رخص القيادة، يتم عمل تحليل مخدرات، ولو ثبت التعاطى، يتم وقف التجديد، مع منح مهلة وهكذا، حتى لو تم وقفها فى حالة عدم تخليه عن التعاطى.

أما القطع بضرورة عمل تلك التحاليل لفئة دون غيرها، فهذا غير مجد، لأن النار تحدث من مستصغر الشرر، وأغلب حوادث السيارات، نكتشف أن أحد طرفيها متعاط للمخدرات، وأن ذلك سبب رئيسى لوقوع الحادث، الذى قد يخلف ضحايا.

فما الفارق بين قائد حافلة مدارس، وقائد سيارة خاصة، هل لأن قائد الحافلة، مسئول من خلال قيادته عن أبنائنا وبناتنا، لذا وجب الاطمئنان عليهم وعلى سلامتهم، وماذا عن قائد السيارة الخاصة إذا اصطدم بسيارة أخرى أو بأُناس يسيرون فى الطريق، نتيجة تعاطيه للمخدرات، كيف يكون التصرف؟

التعامل مع المخدرات وما تسببه من أذىً غير مقبول ولا محتمل، لابد أن يكون على عدة محاور، مما لاشك فيه، محور منها، هى الحملات الإعلانية التى تقوم بها الدولة من خلال نجوم وصلوا لمكانة مرموقة، مثل النجم محمد صلاح، فهو معلوم أنه لا يدخن و بنيانه القوى دليل على سلامته البدنية، بما يؤكد أنه نموذج مثالى للحملة، ولكن فى ذات الوقت لا يصح أن يكون أحد نجوم الحملة، أحد المدخنين، وله عشرات المشاهد التى تبين ذلك!

أما المحور الثانى، فخاص بأن تضرب الدولة بيد من حديد، من خلال ما تملكه من سلطة وقوة، تخول لها الحفاظ على أمن وسلامة مواطنيها، وذلك بتفعيل كل ما يلزم من إجراءات، أو سن قوانين، تُخضع مواطنيها للكشف المبكر على تعاطى المخدرات، واتخاذ ما يلزم من خطوات صوب تقويم الذى يثبت تعاطيه للمخدرات، من خلال ضوابط واضحة ومعلنة للكافة، تتيح تلك الضوابط العلاج حال اكتشاف التعاطى أو الإدمان، كما تتيح اكتشاف المتعاطى قبل وقوعنا تحت براثنه، مما يجنبنا التعرض لمخاطر التعامل معه، بأى شكل كان.

أما المحور الأخير، يقوم على التوعية بأن المتعاطى أو المدمن، هو فى النهاية مواطن له كل حقوق المواطنة، يجب استمتاعه بمحددات العلاج اللازم، حماية له أولاً، ولباقى أفراد المجتمع ثانياً.

[email protected]
لمزيد من مقالات عماد رحيم

رابط دائم: