-
الاحتفال بذكرى انتصاراتنا على قوات العدوان الثلاثى تمثل فريضة وطنية وإيمانية فى مثل هذه الأيام كل عام. هذه المقاومة العظيمة التى توجت برحيل آخر جندى بريطانى فى 23 ديسمبر 1956 ... وما حدث من بطولات ومن استشهد أوسقط من جرحى من الفدائيين وفرق المقاومة الشعبية وتغنت الدنيا بهم توقظ هذه الذكريات وتشعل المشاعر الوطنية فى صدر كل من ينتمى إلى الوطن العزيز سواء كان من أبناء بورسعيد أو من جميع أبناء مصر، وما فعلته المدينة الباسلة هو حلقة من حلقات نضال ومقاومة وانتصار المصريين على تاريخ طويل من الاستعمار جعلت من أهم طبائع المصريين الاصطفاف صفا واحدا زهوا وفخرا واعتزازا وعدم السماح لأحد بشق صفهم، لذلك يبدو عجيبا ومدهشا أن يحدث هذا الآن من قلة قليلة فى بورسعيد تطعن المشاعر الوطنية وتهين الشهداء وأبطال المقاومة بدعوات مريبة لتمجيد الاستعمار وإعادة إحياء رموزه عبر المطالبة بإعادة تمثال ديليسبس إلى بورسعيد بعد ان قررت الإدارة المصرية الوطنية لقناة السويس وضعه فى متحف بالإسماعيلية، وبدلا من إحياء ذكريات النصر العظيم أجد هذه الدعوة المريبة لإعادة التمثال تنشر فى صفحة داخلية بأخبار اليوم 4/12/2021 بدلا من ان يدعون مصر كلها للاحتفاء بذكرى النصر العظيم ويطالبونا دولا كبرى تطلق شعارات الحرية والإخاء والمساواة بالاعتذار عما ارتكبته من جرائم استعمارية وعما نهبته من ثروات وحقوق شعوب كان الاستعمار والسيطرة على قناتنا ونهب دخلها من أبشعها، حيث يمثل إعادة التمثال إلى مدخل قناتنا اعتذارا للاستعمار وإهانة للتاريخ العظيم لمقاومة عدوان 1956 ولدماء وأرواح شهدائه وأبطاله، فهل هذا ما يريده من يطالبون بإعادة التمثال المهين إلى مدخل القناة.
-
مثل كل من أسعدهم احتفال واحتفاء مصر بأبنائها من ذوى الهمم أو القادرين باختلاف والخدمات التى توفرها الدولة لهم والمبادرات التى تنهى عزلتهم وفصلهم عن المجتمع وما ظهر فى الاحتفالية من مواهبهم وقدراتهم التى عوضهم الخالق بها والتى تنفى ما يبدو لبعض من لا يعرفون أنها عجز أو نقص فى قدراتهم ... وانت تشاهد تجليات قدراتهم ومواهبهم فى الاحتفالية تخجل من تاريخ طويل لسوء الفهم والتعامل والتقدير وعدم التلبية لاحتياجاتهم ... وقد ذكرنى احتفاء الدولة بهم فى اليوم العالمى لذوى الهمم ما عايشته من معاناة لصديقة عزيزة وأم وهبها الله ملاكين أو ابنين من ذوى الهمم وما تكبدته من مشاق لتحصل لهما على حقوقهما والتى لم تحدث الا بالتواصل شخصيا مع وزيرة التضامن وبمكتب رئيس مجلس الوزراء من خلال مستشاره الاعلامى الزميل المحترم هانى يونس... أتمنى ان اجعل الصديقة العزيزة «مني» تكتب بنفسها رحلة معاناتها الطويلة مع أجهزة وأفراد مهمتهم أن يكونوا حلقات الوصل بين المواطنين وبين ما تقدمه الدولة من خدمات... والذين يؤدى إهمالهم ولا مبالاتهم بوصول هذه الخدمات لأصحابها إلى جعل المواطن يعتقد أنه يعيش فى دولة لا تلتفت إلى أهمية حصوله على حقوقه الدستورية والقانونية والإنسانية ... ومن يتابع البرنامج المهم الذى تقدمه إذاعة البرنامج العام بعنوان « 365 يوم تضامن » بالمشاركة مع وزارة التضامن يلمس تعدد شكاوى المواطنين خاصة من ذوى الهمم لعجزهم عن الحصول عما تقرره الدولة لهم من خدمات واستحقاقات.
هذا التاريخ الطويل والقديم من احتياج دعم حقوق المواطنة والحقوق الدستورية لأصحاب نفوذ تفرض مجموعة من التساؤلات عن كيفية وصول هذه الحقوق عبر آليات قانونية وأنظمة مؤسسية تجعل المواطن يحصل على مستحقاته دون معاناة، فإذا أدى كل مسئول مسئوليته ووظيفته بالكفاءة والأمانة الواجبة فلن نحتاج إلى هذا القدر من المبادرات واللجان الخاصة. وماذا يفعل المواطن البسيط الذى لا يملك مهارات الاتصال وقدرات استخدام تقنيات التواصل الحديثة إذا لم يعرف الطريق للوصول إلى من يلبى استغاثاته ... وحتى لا يتعثرون فيمن يفتقدون ضمائر وشرف المواطنة والمسئولية ..
مرة أخرى كيف نغلق الفجوات بين حقوق واستحقاقات المواطنين وأشكال إهمال وتراخ ولا مبالاة تجعلها لا تصل إلى المواطن أو يحتاج إلى معجزات وقوى خارقة للحصول عليها، وقد يستغرق الأمر سنوات طويلة، وأؤكد ان الأمر لا ينطبق على حقوق ذوى الهمم فقط !!.
من المؤكد أن حسن اختيار المسئولين من الأمناء والكفاءات ووثيقى الصلة والخبرة بما يتولون من مسئوليات ومن يتوافر لهم تاريخ من الجدية والنزاهة وأمانة حمل وأداء المسئولية أحد أهم الحلول، وألا ينسى النواب مسئولياتهم الرقابية والتشريعية لفرض وتيسير حل مشاكل المواطنين وتشديد عقوبات من يتهاونون ويتلاعبون بل ويسيئون استغلال ما بين أيديهم من سلطات، وان نجد إجابة لتساؤل مهم : متى يكون هناك نظام تصل من خلاله الدولة بخدماتها لاستحقاقات المواطن ولحصوله على حقوقه بدلا من أن يصبح المواطن لعبة بين أيدى معدومى الضمائر.
وفى الخطاب المهم الذى ألقاه الرئيس السيسى فى نهاية الاحتفال الاخلاقى والإنسانى بذوى الهمم ركز على أهمية تأهيل وتدريب المعلمين فى التعامل معهم ونجاح دمجهم فى التعليم، باعتبار المعلم الركيزة الأساسية لنجاح العملية التعليمية سواء لذوى الاحتياجات الخاصة أو لتعليم جميع أبنائنا مما يعيدنى إلى ما طالبت به طوال الشهور الماضية من أن أى إصلاح حقيقى لأحوال التعليم وإحداث ثورة فيه يجب أن يكون فى مقدمة مقوماتها إصلاح أحوال المعلمين وتوفير أحدث نظم التدريب لهم وتعديل ما يحصلون عليه من رواتب ومعاشات جعل ضعفها وتواضعها البعض منهم يلجأ إلى إنشاء مراكز التعليم الخاص ولدعم المخلصين فى أداء رسالتهم الأخطر فى تربية وتعليم الأجيال.
لمزيد من مقالات سكينة فؤاد رابط دائم: