رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فيينا .. مفاوضات ما قبل الحرب!

أغلب الظن أن المنطقة فى طريقها إلى منزلق جديد.

المشهد الحالى لا يبدو مطمئنا، وينذر بقرب توجيه ضربة مميتة لإيران.

مفاوضات فيينا التى انطلقت أخيرا حول البرنامج النووى الإيراني، لن تصل على الأرجح إلى شيء، ولكنها مفاوضات «الفرصة الأخيرة».

فقد قبلت بها الولايات المتحدة على مضض، أملا فى أن تكون «كاشفة» للموقف الإيرانى أمام المجتمع الدولي، قبل اللجوء إلى خيار عسكرى طال انتظاره وتأجيله، بينما تريد منها إيران أن تضفى بها شرعية على ما وصلت إليه من نتائج متقدمة فى برنامجها النووي، خاصة أنها أول مفاوضات مع القوى الكبرى منذ وصول «المحافظ» إبراهيم رئيسى إلى الرئاسة.

فى فيينا يقولون إن انطلاقة المفاوضات كانت «ناجحة»، ويقولون إن استئناف المفاوضات حول اتفاق 2015 النووى إنجاز فى حد ذاته، لأنها معلقة منذ خمسة أشهر، ويقولون أيضا إن طهران مصممة على إنهاء المفاوضات بالتوصل إلى اتفاق، ولكن الوضع ليس ورديا على الإطلاق.

فواشنطن، لا تشارك فى المفاوضات سوى بشكل غير مباشر، بوفد يرأسه مبعوثها الخاص إلى إيران روب مالي، وتصريحات الرجل قبل المفاوضات كانت واضحة، إذ قال إن موقف إيران «لا يبشر بالخير».

إدارة بايدن يبدو أنها حسمت موقفها بالنسبة لخيار «تأديب» إيران، خاصة أن طهران تدخل المفاوضات وهى تواصل تسريع وتيرة البرنامج النووي، وبالتالى لن يقف بايدن مكتوف الأيدى إزاء محاولات طهران كسب مزيد من الوقت، وسيبحث عن عمل يذكر به الناس بأنه «موجود»، ويفعل أشياء أخرى غير الحديث عن كورونا واللقاحات!

حتى مندوب روسيا فى الأمم المتحدة ميخائيل أوليانوف، أكد أن المفاوضات لا يمكن أن تستمر للأبد، رغم أن بلاده من أشد المتحمسين والمتفائلين لمحادثات «قصر كوبورج».

أما إسرائيل، فقادتها الجدد هم أيضا يبحثون عن بطولة ومجد وشرعية، فقد ذكر وزير الدفاع بينى جانتس أن تل أبيب ستضع «حلولها الخاصة»، وستدافع عن نفسها ضد إيران، ولكن فى اللحظة التى نقرر فيها ذلك، بينما يبدى رئيس الوزراء نفتالى بينيت قلقه بشأن التوصل إلى اتفاق غير مرض لإسرائيل، يفرض قيودا تراها إسرائيل غير كافية على البرنامج النووى الإيراني، مقابل الاستعداد لرفع العقوبات والسماح بتدفق مليارات الدولارات إلى نظام طهران.

وبجانب ما هو معلن، قدمت المخابرات الإسرائيلية معلومات قبل مفاوضات فيينا إلى الأمريكيين والأوروبيين، تفيد بأن إيران تخطط فعليا لتخصيب اليورانيوم حتى 90% فى غضون أسابيع، وأنها قد تلجأ إلى هذه الخطوة قريبا لتقوية موقفها فى مفاوضات فيينا، وهو ما يضع إيران، من وجهة نظر إسرائيل، فى وضع قريب جدا من تطوير سلاح نووي، نظرا لأنه لا يوجد استخدام مدنى لليورانيوم المخصب إلى تلك الدرجة.

من كل ما سبق، يتضح لنا أن مفاوضات فيينا ستفشل فى إحراز تقدم، أو قد تسفر، فى أحسن الظروف، عن مماطلات وتسويفات ووعود جديدة لن تقنع واشنطن، وبطبيعة الحال إسرائيل، لأن الوقت يصب فى مصلحة إيران، والحرب مطلوبة الآن وبشدة، وهذا يعنى أن المفاوضات الحالية ستكون المبرر الذى ترتكن إليه فكرة تأديب إيران عسكريا، على غرار ما حدث مع صدام حسين عام 2003، بعد جولات وتقارير مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

قد تكون الضربة الأمريكية – الإسرائيلية لإيران سريعة وشاملة وموجعة، تستهدف «شل» حركة إيران والحرس الثورى بالكامل، بحيث لا تصبح هناك أى فرصة للقيام بأى رد فعل عسكري، وبحيث يتم «تعجيز» إيران عمليا عن مواصلة تخصيب اليورانيوم.

وبالتأكيد، سيكون المبرر القانونى لهذه الضربة فى حالة حدوثها، هو فشل مفاوضات فيينا، مع الوضع فى الاعتبار أن الحديث عن «مبرر قانوني» ليس أمرا ملزما من الأساس بالنسبة لأمريكا، والأمر نفسه بالنسبة لإسرائيل، التى سيوصف أى عمل من جانبها بأنها «دفاع عن النفس»!

وليصدر المجتمع الدولى من بيانات الشجب والإدانة ما يشاء!

الزيارات والتحركات الراهنة فى المنطقة تؤكد أن شيئا ما سيحدث، ويجرى الترتيب له، ولردود فعل كل طرف تجاهه، فهناك من سيكون له دور، وهناك من سيتم «تحييده»، وهناك من سيدفع الثمن، لأن هناك شعوبا ودولا ستدفع ثمن تحرك أطراف فى لبنان وغزة واليمن وسوريا والعراق على الأرض، دفاعا عن بقائها، ولنصرة إيران، ويتحول ضرب مصالح واشنطن ومؤيدى الضربة إلى حرب إقليمية، وربما حروب أهلية متشابكة.

ولهذا، فقد تكون «فيينا» هى نقطة الانطلاق لأحداث كثيرة ستقع فى المنطقة، قريبا جدا.


لمزيد من مقالات هـانى عسل

رابط دائم: