رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«دردشة» على الطريقة الشرعية

تحقيق ـــ مروة البشير [إشراف: علا عامر ]
كل الفئات والأعمار على المقهى هدف للحوار وتصحيح الأفكار

  • أزهريون يطوفون المقاهى بحثا عن جمهور جديد
  • الوعاظ: نحل مشكلات البيت والعمل ونجيب عن فتاوى المهر والشبكة
  • أبرز التساؤلات حول «الشات» مع البنات.. وشبهات الإلحاد

 

 

 

لن يدخل المسجد إلا قاصد الصلاة، ولن يحضر الدروس الشرعية إلا طالب العلم، ولن يستمع للآراء الفقهية سوى الباحث عن فتوى شرعية... فماذا عن باقى أفراد المجتمع؟ ماذا عن المخطئ والعاصى والجاهل والمقصروالمتشدد .. بل والملحد؟ ماذا عمن تعشش الشبهات فى رأسه، وتملأ الوساوس قلبه، ولا يجرؤ أن يخطو تجاه أى عتبة دينية ليسأل ويستشير؟

كل هؤلاء شئنا أم أبينا جزء من «جمهور» المسلمين الذين يجب أن نعترف أن لديهم أمية دينية، تنعكس سلبا على قضايا مجتمعية، وأنهم يعانون مشكلات كثيرة فى فهم وتطبيق الدين بجناحيه الاثنين؛ العبادات والمعاملات.. لذا فمن الطبيعى أن نصفق للأزهر عندما يُطلق «وعاظه» إلى المقاهى بحثا عن جمهور جديد، ليغيرفى شكل التلقى للمعلومة الدينية من «مرسل» فقط إلى مرسل ومستقبل، يتبادلان الأفكار فى صورة «دردشة» ولكن على الطريقة الشرعية.


د. نظير محمد عياد

البحث عن طرق جديدة للتواصل مع الناس خارج مقار المؤسسات الدينية والمساجد، أمر لم يغب سابقا عن الأزهر الشريف كما أخبرنا الدكتور نظير عياد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، فهناك لقاءات مباشرة للوعاظ بالمواطنين تتم فى الندوات المقامة بالمدارس والجامعات والنوادى ومراكز الشباب، ولكن فكرة المقاهى كانت لقاءات من نوع آخر، وتوافرت لها مقومات نجاح وجماهيرية مختلفة، جعلتها تلاقى استحسانا كبيرا وقبولا من الناس، نستطيع أن نلمسه ونحصد تأثيراته الإيجابية، عله يعادل التأثيرات السلبية التى صاحبت التطور التكنولوجى الهائل الذى نعيش فيه، خاصة الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعى التى استحدثت نوعا من القضايا والمشكلات لم تكن موجودة من قبل، فضلا عن قدرتها الكبيرة على الترويج لأفكار دينية أغلبها يكون مغلوطا، وما حدث فى المجتمع المصرى من تغييرات واضحة تفت بقوة فى عضد منظومة مجتمعية عريقة من العادات والتقاليد والقيم والأعراف المصرية الأصيلة؛ فضلا عن أثرها على ارتباط وتماسك الأسرة المصرية، ومن ثم المجتمع ، لذا – يكمل أمين عام مجمع البحوث الإسلامية - كان لابد من ابتكار أساليب دعوية جديدة يصل بها الأزهر إلى الناس؛ ومن هنا جاءت فكرة ما سميناه «المقاهى الثقافية» لتنويع أشكال التواصل بين وعاظ الأزهر والجماهير، مشيرا إلى البداية التى كانت فى محافظة الأقصر فى عام 2016 من خلال فكرة طرحها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، ليقوم من خلالها الدعاة بالنزول للمقاهى وتعريف المواطنين بقواعد الدين الصحيحة، ثم انتقلت بعد ذلك إلى أسوان، والبحر الأحمر، وسوهاج، وحظيت بردود فعل إيجابية ورضا من المواطنين، ثم بدأ تعميمها فى باقى محافظات الجمهورية بعد نجاحها فى معظم المحافظات التى تم تطبيقها بها، موضحا أن هدف هذه اللقاءات كان موزعا بين عدة أهداف لعل أهمها مواجهة الأفكار المتطرفة والآراء المتشددة الدخيلة على المجتمع وعلى الدين أيضا، وشرح العديد من المفاهيم المهمة التى ترتبط بواقع المجتمع وحياة الناس اليومية، وتبسيط معان ومصطلحات إسلامية، والعمل على إحياء القيم الإنسانية المهجورة فى حياة الناس، كالتراحم واللين فى المعاملة، والتعاون والتكافل والتفاؤل والأمل، وغير ذلك من القيم التى يحتاجها كل مواطن، ويحتاجها مجتمعنا بشدة، كنوع من تجديد الخطاب الدينى، وفى ذلك يتم مراعاة أن يتناسب الخطاب مع كل فئة عمرية واجتماعية من رواد المقهى، خاصة أن هناك تدريبا مسبقا يخضع له الوعاظ قبل النزول والتعامل، يساعدهم على فهم طبيعة المتلقى واستقبال أي أفكار والتعامل معها بهدوء وحكمة كما فى المنهج القرآنى: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة».

ويضيف د. نظير: ظلت فكرة المقاهى الثقافية فى رواج وازدهار فى جميع محافظات الجمهورية؛ لدرجة أنه تم عقد لقاءات فى عام 2018 بين الوعاظ والمواطنين فى نحو عشرة آلاف مقهى ثقافي، وفى 2019 ارتفعت إلى نحو 16 ألف لقاء، إلى أن توقف تنفيذ تلك المقاهى مع بداية جائحة كورونا وما صاحبها من تباعد اجتماعى واجراءات احترازية للحد من انتشار تلك الجائحة، وتوقفت بالتالى الكثير من الأنشطة والفعاليات المباشرة التى كان ينظمها المجمع، وتمت الاستعاضة عنها مؤقتا بالوسائل التكنولوجية الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي، ثم عادت تلك الفكرة للظهور مرة أخرى على الساحة نظرًا للاحتياج إليها خصوصًا مع عودة الحياة فى مصر إلى طبيعتها.

الدعوة المعتدلة

الواعظ المعاصر .. المفتى المعاصر.. لم الشمل.. الرد على الشبهات.. هى عناوين بعض الدورات التدريبية المكثفة التى حرص مجمع البحوث الإسلامية على دعم وعاظه بها فى مهمتهم، كما قال لنا الواعظ الأزهرى الشيخ محمد عيد فاروق، موضحا أن هناك دورات أخرى تلقوها من علماء فى علم النفس، وعلم الاجتماع، والتنمية البشرية، بجانب علماء هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، فضلا عن الدورات المتخصصة فى أفرع الدين، حتى يستطيع الواعظ أن يفهم طبيعة الأشخاص، الذين يحدثهم، ويستميل قلوبهم لسماعه ويفهم ما فى أنفسهم من هموم ومشكلات، ويبحث معهم عن حل لها تحت مظلة الدين، وبيان الحكمة من حرمة الشىء قبل أن يقول له حرام، حتى يشعر به ويقربه من حب دينه ووطنه، لا شيخ يسد فى وجهه باب الغد المشرق وهذا هو تجديد الخطاب الدينى الذى دائما ينادى به الرئيس عبدالفتاح السيسي، تجديد الخطاب بشيخ يجمع الأمة لا يفرقها وهذا هو ما نقوم به في المقاهي.

ويضيف قائلا: ومن فضل الله على أنى كنت ممن شارك فى ذلك ووجدت ترحيبا كبيرا من الناس، وذلك لتعطش الناس إلى الدعوة المعتدلة

ودائما أفضل التحدث فى بداية الجلسة عن أهمية سعى الرجل على الرزق لبناء أسرة، وتوفير متطلبات أفرادها، وأن له الأجر العظيم فى الدنيا والآخرة،عن حسن رعايته لأسرته وقوامته على زوجته أما عن أكثر الأسئلة انتشارا بين الشباب، فيوضح - الشيخ عيد - أنها كانت في المعاملات المالية، وعن الزواج وضوابطه والخطبة وحدودها والمهر والشبكة، وكذلك ضوابط الحديث بين الشباب والفتيات خصوصا على الفيس بوك أو فى الجامعات، وحكم الصداقة بين الرجل والمرأة، وذلك لا يمنع أننا نقابل أيضا بعض الأفكار الالحادية التى يتم التعامل بها بالدمج بين الحديث العقلى والقلبى، مع الاستعانة بالنصوص الشرعية، واستدعاء ما تلقيناه فى تدريبات علم النفس لضمان استمالة من تتكاثر الشبهات وميول الإلحاد لديه، بطريقة وسطية معتدلة

حلال المشاكل

التطرق إلى مناقشة مشكلات أسرية وعائلية أو خلافات مع الجيران وزملاء العمل أمر وارد جدا فى لقاءات المقاهى، وفقا لما قاله الواعظ محمد عبدالمنعم برك، الذى فاجأه جو الترحيب بالمشايخ والوعاظ والفرح السرور بهم، والاصرار على التعامل معهم بثقة وحميمية، جعلت دورنا لا ينتهى عند مجرد درس نلقيه أو شرح نقوله فى موضوع ما، ولكنه كثيرا ما يمتد إلى الاستماع لبعض المشكلات العائلية أو بين الأصدقاء، ونستطيع بفضل الله التدخل وتضييق هوة الخلاف، وهذا لا يخرج عن دور الشيخ أو الواعظ أبدا فالاصلاح بين الناس من أهم مقاصد الدين، لافتا إلى أهمية دور رجال الأزهر الشريف ومهمتهم الصعبة فى حماية الشباب من الفكر المتطرف وإعانتهم على العودة إلى المنهج الوسطى الذى هو أساس الدين الحنيف، والبعد عن التشدد والتعصب، ومما لا شك فيه أن الله أمر رسوله الكريم بتبليغ رسالته السماوية فقال تعالى «يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ..»، وهذا الأمر شمل الدعاة والعلماء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال جل وعلا فى كتابه الكريم «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ..»، ومن هذا المنطلق كان حرص الأزهر الشريف وعلى رأسه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، بأن يصل الإسلام الصحيح إلى كل الناس فى كل مكان.


ترحيب.. ونفور

التجربة أثبتت فعلا أن الدعوة ليس مكانها المسجد فقط .. فردود الأفعال الايجابية والمبهجة التى يقابلها الواعظ الأزهرى عبدالرحمن عيسى عبدالرحمن فى كل مقهى يرتاده تؤكد ذلك، مضيفا: بمجرد وصولى يلتف حولى أغلب الموجودين، كما حدث معى فى مقهى بمنطقة شبرا الخيمة، ويبدأ صاحب المقهى فى تنظيم عملية تلقى الأسئلة والإجابة عنها، قائلا: من كان عنده سؤال أو استفسار أو فتوى فليرفع يده، ويقول عبد الرحمن: كثيرا ما شعرت أننى أنقذت شابا من فكرة خاطئة أو مشوهة زرعها أحدهم برأسه تجاه وطنه ومجتمعه أو دينه.

 من جانبه قال الواعظ محمد الياس فرج ابو السباع، تجربتى مع المقهى والذهاب إليه من أجل الدعوة إلى الله تحت إشراف وتوجيه قيادات منطقة وعظ القاهرة أعتبرها من أنجح الوسائل فى الدعوة إلى الله، إذ إننى فى بادئ الأمر كنت أشعر بالحرج الشديد فى الذهاب إلى المقهى ولكن بعد ذلك أصبح الأمر سهلا ومعتادا، وأبدأ باستئذان صاحب المقهى والإعلان عن هويتى واسمى، رغم أن الزى الأزهرى يكشف عن ذلك، ثم بعد ذلك أجلس مع بعض الشباب أتحدث معهم فى أمور الدين والدنيا وأجد منهم القبول والترحاب والإنصات، ولكن هذا لايمنع أننى أجد أحيانا صدودا وعزوفا من البعض وعدم رغبة فى الاستماع إلى أى شىء، أو الدخول فى أى حوار، وبالطبع أحترم ذلك ولا أفرض عليهم شيئا، ثم أستمع إلى أسئلة الحاضرين، وربما تكون أسئلة فرد آخر من أسرهم وأجيب عنها مبينا الوسطية، وتعدد الآراء الفقهية من باب التيسير.

الزى الأزهرى 

للزى الأزهرى هيبة وجلال يفتحان قلوب الناس وآذانهم، هذا ما لاحظه الشيخ شعبان الكردي، الواعظ بالأزهر الشريف، قائلا: حين ذهبنا الى الناس فى المقاهى بالزى الأزهرى الجميل المحبب للنفوس والذى يكسو صاحبه هيبة فى قلوب الناس ومحبة، وعقلا واعيا ملما بمشاكل الواقع الذى يحياه الناس مع وجه بشوش وعلم غزير، هذه الإطلالة الجميلة الطيبة فتح الله لها القلوب وأسعد بها النفوس وأقبل بها الله ببعض الشباب إلى صراط الله المستقيم، وسمعنا الأسئلة التى ربما يخجلون أن يسألوها فى المسجد!

كما تحدث الناس معنا عن مشاكل اجتماعية ودينية واقتصادية وثقافية ورياضية، والحمد لله وفقنا فى الردود مما زاد القبول فى القلوب، مضيفا أن فكرة إتيان الناس على المقاهي، أخرجت الواعظ من إطار الدعوة التقليدية التى تعود عليها الناس وهى الجلوس معهم فى المسجد، فالدعوة إلى الله أشرف المهن وأعظمها ومما يرتقى بالداعية أن تتنوع طرق تبليغه للناس وأن تتجدد أفكاره فى كيفية التجديد للخطاب الشرعى وتبليغ الدعوة للناس.

 «واحد» شاى

ويؤكد هذا الكلام أيضا الواعظ حسين سعيد قنديل، فيقول لاحظت أن الكثير من الناس عندما يرى الشيخ الأزهرى يتوسم فيه الصلاح ويرتاح له قلبه وينشرح له صدره فيحكى معه فى أمور شخصية من مشاكل أسرية أو استشارات تربوية وغيرها، وزاد من هذا الارتياح ذهابنا إلى حيث يجلس المواطنون مباشرة، فالمقهى يعد متنفسا قويا للرجال والشباب، وجمهورنا ليس من صغار السن فقط بل نحن نتعامل مع كل الأعمار ومع أرباب المعاشات أيضا،ومنهم من يعيش فى هم وغم ويريد من يخفف عنه، وهذا ما نقوم به نحن وعاظ الأزهر الشريف، بأن نبث الأمل فى قلوبهم وننير لهم الطريق، ويضيف: بفضل الله عز وجل أكرمنى الله وذهبت إلى بعض المقاهى وجلست مع بعض الناس وتحدثت معهم فيما ينفعهم فى الدنيا والآخرة من فعل الخيرات وترك المنكرات واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى فى كل حين، ولاحظت الاهتمام والتركيز فيما أقوله، والتأكيد على بعد انتهاء الزيارة بتكرارها مرات كثيرة، ولا أنسى فرحة عامل القهوة وصوته، مناديا ومعاك واحد شاى لعمك الشيخ الجميل.


أما تجربة الشيخ محمد رجب عبدالحميد الواعظ بالأزهر الشريف، فيقول عنها: حينما دخلت المقهى وجدت الناس ينظرون نظرة استغراب للوهلة الاولى ، وما هى إلا دقائق ويتغير حال الناس إلى انشراح صدر وقبول للكلام، حتى يصل الأمر عند نهاية اللقاء إلى أنهم لا يريدون أن أتركهم وأغادر.

أما عن أبرز الأسئلة فهناك أسئلة كثره طرحت، منها ما هو يطرح سؤاله على العام أمام جمع من الناس، ومنهم من يريد الانفراد بى ليسأل سؤالا خاصا به يخجل من طرحه أمام الناس، ومن هذه الأسئلة: أنا يا شيخ عمرى ما دخلت الجامع ولا ركعت ركعة واحدة، سؤال آخر أنا ياعم الشيخ كنت أعرف واحدة وغلطنا سوا وندمان أشد الندم فما الحل وهل تقبل توبتى؟ ، وسؤال أنا ياشيخ حصل مشادة بينى وبين والدى وقمت بالتطاول عليه بالسب والشتم، وسؤال أنا بكلم بنات فى التليفون وعلى رسائل الفيس بوك .. وكلامنا مجرد هزار وضحك وفضفضة فهل ده حرام ياشيخ؟ وهكذا .

وأقوم بالرد عليهم بمنتهى الهدوء والحكمة، وأبشرهم بالقبول للعبد التائب حتى لا ييأسوا من رحمة الله.

 

 

 

«الأهرام» يستطلع آراء جمهور المقاهى:   المجىء إلينا أفضل من انتظارنا بالمسجد

 

كان من المهم أن نحضر جزءا من هذا المشهد الثقافى والتنويرى على الطبيعة، رتبنا موعدين لترافق «الأهرام» الوعاظ فى انطلاقتهم إلى اثنين من المقاهى؛ أحدهما بوسط البلد والآخر بمدينة نصر، لرصد ردود أفعال المواطنين، ومدى تفاعلهم وتجاوبهم مع زيارة المشايخ، يقول أحمد عبدالتواب: الفكرة ممتازة، فلم أكن أرى الشيوخ إلا فى المسجد فى أثناء خطبة الجمعة فقط، ونتيجة للزحام كان يصعب علي أن أتواصل مباشرة مع الواعظ، أو أسأله عن فتوى، ولذلك كان قدومهم إلى المقهى مفاجأة سارة بالنسبة لى وفرصة لطرح كل ما لدى من استفسارات.


الفرحة على وجوه الشباب الصغير فى صورة تذكارية مع الشيخ الأزهرى

من جانبه، قال سيد عبدالفتاح، نظرا لظروفى الصحية، لا أستطيع الذهاب إلى المسجد، وأنزل على فترات الى هذا المقهى تحت بيتى أجلس مع الأصدقاء قليلا، ولذلك فأنا سعدت جدا برؤية وعاظ الأزهر الشريف عن قرب، مضيفا: صحيح أن هناك منابر كثيرة للفتوى وتلقى الأسئلة والاجابة عنها، لكن ظروف الحياة لا تسمح بالتواصل مع أى منها، ولذا أريد أن أحيى فكرة قدوم الواعظين إلينا بدلا من انتظارنا بالمسجد.

أما أحمد جلال فكان من أسباب سعادته حصوله على الهاتف الشخصى للواعظ ، ليستمر التواصل فى أى استفسار أو مشكلة، وهو ما اعتبره كرما كبيرا من هؤلاء العلماء وسعة صدر يستحقون الشكر عليها.


وقال محمد شبراوى، إنه اندهش بدخول الوعاظ المقهى، فلم يكن يراهم الا فى الجامع، ولكن دهشته انتهت سريعا مع بدء الوعاظ فى الكلام معهم، وطريقتهم الشيقة المهذبة فى الحديث، فبدأوا بالاستئذان أولا للدخول والتواصل معهم، وتناقشوا فى أمور حياتية كثيرة، وأجابوا عن أسئلة متعددة، وشجع هدوء الوعاظ على أن يتحاور الشباب معهم فى أدق المشكلات دون حرج، وأضاف شبراوى أنه يتمنى تكرار مثل تلك اللقاءات المفيدة، فهم جعلوا من الذهاب إلى المقهى استثمارا رائعا للوقت وليس إهدارا له.

 


د . عزة فتحى

 

د. عزة فتحى: تقبل النصح يتطلب حسن اختيار المكان والزمان

 

لأن النصيحة كثيرا ما تكون ثقيلة على النفس، لذا لابد من إحاطتها بعدد من المقومات التى تضمن لها القبول، أهم هذه المقومات كما تقول الدكتورة عزة فتحى أستاذة مناهج علم الاجتماع بجامعة عين شمس وخبير الأمن الفكري، أن نختار الزمان والمكان المناسبين قبل التحدث،وبالطبع اختيار "المقهى" اختيار ذكى وموفق جدا، فهو يجمع عدة فئات عمرية متباينة، فهناك المراهق والشاب، والرجل الناضج وأيضا المسن، ولكل منهم اهتماماته واستفساراته وقضاياه وتكوينه الثقافى، فهنا الواعظ يضمن أنه يختار جمهورا من مختلف الأجيال، وهذا أفضل لرسالته الدعوية، كذلك – تضيف د. عزة – فإن وقت النزول للمقهى هو فى الأغلب وقت ترفيهى وترويحى لطيف، لذا فلا مانع من الاستماع لخطبة بسيطة أو الدخول فى نقاش مجتمعى دينى فى قضية تهمنى، ومع أكواب الشاى التى تدور بين حاضرى هذه اللقاءات تكون الأجواء حميمية ومناسبة للفهم ولتقبل النصح، بالاضافة إلى ذلك فإننا حين نحب أن نصحح مفاهيم خاطئة، أو نعدل بعض الاتجاهات غير السليمة، لابد أن نكون أقرب إلى الناس، نطرق أبوابهم حيث يوجدون، فى أماكن تجمعاتهم، فهذه خطوة جيدة جدا، المهم أن يكون الواعظ المختلط بالناس، قادرا على التواصل الجيد الفعال، وأن يكون أسلوبه متنوعًا؛ لأن استيعاب الناس، وتحصيلهم يختلف من شخص لآخر، فلابد أن يكون واعيا لهذا؛ فيستطيع أن يجدد فى خطابه، ويكثفه؛ ليكون مناسبًا لمختلف العقول، وهذا يأتى من الخبرة ودراسة شخصيات الناس، فهناك من يحب أن يستمع أكثر، وهناك من يحب المناقشة، وهناك من يحب أن تبسط له المعلومة إلى أقرب حد ممكن، وعلى هذا تقول د. عزة: فإننى أثنى على هذه التجربة، وأعتبرها خطوة مهمة للتقرب من الناس، وإيصال رسالة الأزهر الوسطية إلى عموم الشعب، وأعول عليها كثيرا فى أن تصلح مفاهيم مغلوطة وأفكارا مضللة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق