لاشك ان هناك تغييرات حقيقية وعميقة تشهدها مصر حاليا. بلد يريد ان يعوض اكثر من خمسين عاما من الخلل والتراجع ويغير المعادلات. فبدلا من ان يقف فى مؤخرة الصفوف ويدمن حالة الانكفاء على الداخل والانغلاق على الذات وتجرع الازمات والويلات. هو اراد منذ السنوات القليلة الماضية ان يجعل المستحيل ممكنا ويحقق إنجازات ونجاحات ووثبات تغير مسارات الحياة بأكملها. ولذلك قرر حجز مقعد اثير فى قطار المستقبل للدول ذات الأحجام الاقتصادية والتنموية وعوالم التكنولوجيا للدول الفتية العملاقة فى الإقليم. ناهيك عن نسج خيوط نجاحات وعلاقات شراكة حيوية مع الدول الكبرى فى قارات العالم عبر جملة مصالح واهداف حيوية واستراتيجية واقتصادية وتنموية تطبيقا لامتلاكه بوصلة استراتيجية فريدة لتحديد الاهداف والرؤى منذ سبع سنوات. ولذا فنحن جميعا بتنا على موعد مضروب فى قادم الاسابيع والشهور المقبلة لإعلان ولادة الجمهورية الجديدة ٠وتدشين العاصمة الجديدة لمصر الكبرى التى ستأخذ عقول وقلوب المصريين الى آفاق أرحب لبناء دولة كبرى صلبة عميقة فى الإقليم . وبالتالى مع كل هذه النجاحات والاستعداد للحظة ولادة تلك الجمهورية الجديدة هناك بعض الممارسات الخاطئة التى تشكل نتوءات فى الجسد المصرى حاليا. وتحتاج لمعالجات غير تقليدية بمشرط جراحين مهرة حتى تتكامل عناصر النجاحات ويحدث التطهير الكامل للجسد المصرى كما هو مخطط له. وذلك لن يتحقق إلا عبر التخلص من تلك الندبات فى جسد المجتمع حاليا عبر تجاوز وإنهاء ظواهر سلبية مشينة تنال من السمعة والمركز ولاتليق بروح وعصرية الجمهورية الجديدة وعراقة العرق والهوية المصرية. وتلك النتوءات تتمثل فى شيوع ظاهرتين بحدة مبالغ فيها وتحتاج الى وقفات ملحة من اجل توفير المعالجات الاستثنائية والعاجلة منعا لحالة من الفوضى الجوالة فى الاخلاقيات والسلوكيات المصرية. حيث ستكون الخسائر وخيمة والفشل عقيما فى المجتمع وعندها تصبح الفائدة منعدمة.. إذ ما الفائدة من تحقيق كل تلك النجاحات مقابل سلوكيات شاذة وخارجة عن قيم المجتمع وذائقته العامة والاخلاقية عبر شيوع انماط ودروب من العنف والقتل والتشبيح والبلطجة واشكال من القبح غريبة بسلوكيات تلطخ السمعة والمكانة لهذا الوطن. حيث تتعلق الظاهرة الاولى صراحة بفعل الدراما وشريط السينما فى الخمسة عشر عاما الماضية على الاقل تلك التى أشاعت ألوانا من الفن كرس وسعى لتجسيد كل تلك الظواهر السلبية والقاتلة بحق الأسرة والمجتمع. ومن هنا كانت النتيجة أوضاعا كارثية لجملة من الجرائم غير المعهودة فى تاريخ المصريين، وكانت تصنف حتى الأمس القريب من الممنوعات. ولكن من أسف تسببت تلك الالوان من الدراما والسينما التى تبنت وشجعت تلك الأعمال الغريبة والشاذة وماطرحته من قضايا -كان يجب ان تكون من المحظورات فى عوالم الفن السينمائى المصرى -فى ولادة كل أعمال القتل وسفك الدماء بتلك الطريقة الوحشية. وماحادث الاسماعيلية الاخير البشع عنا ببعيد وقس على ذلك عشرات الجرائم التى ارتكبت فى السنوات الماضية ومازالت تتوالى فصولا وأيقظت فتن القتل والسرقات وعوالم المخدرات بجميع انواعها. فضلا عن قضايا الانحراف والجريمة والتفكك الاسرى والمجتمعى بأريحية وابتهاج. وداست على كل القيم الاخلاقية والإنسانية والاجتماعية. ولكن كان يجب أن يعالج كل ذلك وفق رؤية ومعايير فاصلة وليست على المشاع حتى تجاوزت الصورة السلبية الملفوظة للسمعة المصرية الحدود، واصبحت لصيقة ومرتبطة صورة وسمعة الفن المصرى بشخصية وسلوكيات مواطنيه. وهذا مايجب ان نتفطن له من الآن قبل ضياع البقية الباقية من السمعة والحضور والتراث والجذور المصرية، مع إعادة تاهيل الصورة الحقيقية للقوى الناعمة المصرية التى تلطخ بعضها بفعل تجاوزات معيبة. اما الظاهرة الثانية فهى تلك الكارثة الحقيقية الجديدة المتمثلة بمواكب الغناء ومطربى المهرجانات كما يطلقون على انفسهم. حيث تلك الظاهرة كارثة وكرة نار جديدة عندما تتزايد وتتدحرج اكثر واكثر فى قادم الايام ستقضى تماما على آخر أنماط وألوان الفن الجميل فى مصر. حيث إن سوق الغناء ستتحول تلقائيا الى سوق النخاسة من جراء تلك الاصوات والكلمات والمعانى والأداء الرخيص. لذا كنت من المؤيدين لقرار هانى شاكر نقيب الموسيقيين بإصدار القائمة السوداء لاكثر من ١٩ من هؤلاء بالمنع من الغناء. فالقضية هنا لاتتعلق بالمنع والحجب وقطع الارزاق بل بقضية اسمى وهى حماية الذوق العام وقيم المجتمع المصرى. حيث لايصح لتلك الفئة واتباعها ومريديها ايا كان حجمهم وحضورهم الباهت ان يفرضوا تلك النوعية من الغناء والاذواق الرديئة على الاكثرية منا. حيث لايمكن لكل هذا القبح وتلك الاصوات النشاز بادائها الرخيص وكلماتها المهينة ان تكون هى الآن فى صدارة مواكب المشكلين لوعى ووجدان الغالبية الكاسحة من المصريين. وبالتالى نتاج ومحصلة تلك الاعمال والاذواق الغنائية ستكون كارثية خلال سنوات معدودة . وعندها سنجد انفسنا نرتكب بجريمة السكوت التى مررنا بها جريمة الاعمال الكارثية البشعة فى الدراما والسينما نفس الجريمة بحق الفن والطرب. وبالتالى ما العلاج..؟ هناك ادوات وطرق عديدة لمعاجة كل تلك الظواهر وتفعيل ادوات الدولة وقوانينها بحق هذه الظواهر. وتطبيق قانون النقابات الفنية وتفعيل أدوات وعقوبات الرقابة الفنية لمنع كل هذا العرى الفنى والغنائى. وتنظيم هذا النوع من الغناء ومنع كل هذا الفحش بالكلمات والأداء. وقبل كل ذلك اصلا إنقاذ المجتمع وأجياله القادمة من تبعات الكوارث القادمة حتى تتسق السلوكيات والنسق الفكرية والمجتمعية مع ولادة الجمهورية الجديدة بجميع مساراتها وتنوعاتها وحواضنها الإنشائية والإنسانية والاجتماعية والأخلاقية لبناء وطن وانسان جديد مثقف حضارى معاصر ليصون ويحمى ويستكمل مسيرة النجاح ودروب الازدهار والتقدم والرفعة الدائمة لهذا الوطن.
لمزيد من مقالات أشرف العشرى رابط دائم: