-
الفرقة النمساوية تقدم أولى حفلات قاعة الموسيقى.. وعرضنا ثلاث حفلات فنية في قاعة الدراما على نطاق ضيق
-
لن يتم افتتاح دار الأوربرا قبل عام من الآن.. وعمل موسيقى مصرى ضخم بدأ تجهيزه منذ عامين
بعد ثلاث سنوات من العمل المتواصل، هاهى مدينة الثقافة والفنون فى العاصمة الجديدة تتجسد أمامنا واقعا على الأرض، تضم 43 مبنى على مساحة شاسعة تتجاوز المائة فدان، لكن يأتى مبنى دار الأوبرا فى مدخل المدينة بأجزائه الثلاثة «القاعة الرئيسية تتوسط قاعتى الدراما والموسيقى» بمثابة درة التاج.
ها نحن نقترب من مدخل مبنى قاعة الموسيقى، تتسرب إلينا من الداخل نغمات فخمة للفالس الشهير «the «second waltz للروسى ديمترى شوستاكوفيتش، ويصحبنا الى قلب البهو المبهر؛ عازف البيانو الفنان أحمد أبو زهرة، بصفته المستشار الفنى للجهاز الوطنى للإدارة والاستثمار، المسئول عن تنفيذ عدد من مشروعات البنية التحتية الضخمة فى العاصمة الإدارية والعلمين وغيرهما.
بدأنا حديثنا من حيث الجدل الذى اشتعل خلال الأيام الماضية حول سبب اختيار أوركسترا فيينا الفلهارمونى لتقديم أولى حفلات دار الأوبرا، وهو ما قوبل باستنكار من البعض اعتقادا منهم بأن الحدث هو افتتاح الدار الجديدة، وأنه كان ينبغى تقديم حفل الافتتاح بعازفى أوركسترا القاهرة السيمفونى، وهنا يوضح أبو زهرة أن الحدث ليس افتتاحا لدار الأوبرا الجديدة، وإنما مجرد إقامة لحفلين فى يومى 20 و21 نوفمبر الجارى بقاعة الموسيقى، وهى جزء من دار الأوبرا.
ويحكى لنا كيف تم الاتفاق مع واحدة من أبرز فرقتين للأوركسترا الفلهارمونى فى العالم «فيينا وبرلين» لتقديم الحفل، فكانت المفارقة أن الأمر تم بالصدفة!
يقول أبو زهرة «بحكم عملى فى مجال العروض الموسيقية والباليه، أصبحت على اتصال بكل الفرق الكبرى فى العالم، فأخبرنى أحد الأصدقاء أن عقدا تم إبرامه مع أوركسترا فيينا فى عام 2017، لعمل جولة فى كوريا واليابان والصين، وتمت بالفعل زيارة كوريا واليابان، لكن حدثت مشكلة مع الصين، إذ اشترطت أن يحصل أعضاء الفرقة على التطعيم الصينى رغم حصولهم على تطعيمات أخرى، وإما أن يخضعوا لحجر صحى لمدة أسبوعين، ورفضت الفرقة الخيارين، فتبقى فى جدولها خمسة أيام شاغرة، فتواصلت معها لتقديم حفل فى مصر وقد كان».
مدينة الثقافة والفنون بالعاصمة الإدارية
«لولا ذلك لما كنا تمكنا من الحصول على موافقتها، فلو تقدمنا بطلب فى 2021، فلن يقام الحفل قبل خمس سنوات من الآن».. يتابع أبو زهرة؛ مبررا غياب الفرقة النمساوية عن مصر سبعين عاما، بأن أحدا فى الغالب لا يأخذ هذه الجزئية فى الاعتبار، وهى ضرورة التخطيط المسبق مع الفرق الكبرى بسنوات.
من جهة أخرى يميز لنا أبو زهرة بين أوركسترا فيينا الفلهارمونى والسيمفونى، فالأخيرة جاءت إلى مصر بالفعل عدة مرات آخرها كان منذ عشرين عاما.
أما الفلهارمونى فتتطلب شروطا فنية معينة، الأمر الذى لم يكن متاحا لدينا قبل إنشاء مدينة الثقافة والفنون فى العاصمة الجديدة، وكانت زيارتها الأولى لمصر فى عام 1950 وقدمت خلالها 14 حفلا فى دار الأوبرا الخديوية ومسرح محمد على فى الإسكندرية ومسرح سينما ريفولى.
عن قيمة هذا الحدث الفنى، يقول أبو زهرة أن أوركسترا فيينا التى أسست منذ نحو 200 سنة باسم أوبرا فيينا، تعد من مؤسسى تقاليد الموسيقى الأوروبية، وكتب لها أكبر المؤلفين أو قادوها بأنفسهم، مشيرا إلى أن الفضل يعود لها فى تأسيس أول أوبرا فى مصر فى 1869، فالخديو اسماعيل تربى فى فيينا، واحتك بهذه الثقافة منذ صغره، فلما عاد إلى مصر، أراد نقل ما رآه من فنون الثقافة الراقية.
مدينة الثقافة والفنون بالعاصمة الإدارية
يتابع «لذلك عندما تقدم أوركسترا فيينا حفلة فى أى مكان فى العالم، فهو حدث فنى ذو قيمة كبيرة، لكن على الجانب الآخر، هم أيضا سعداء للغاية لزيارتهم مصر، بل واسر العازفين أنفسهم يريدون مرافقتهم فى الزيارة التى تستمر خمسة أيام، تنتهى يوم الاثنين المقبل.
أما بالنسبة لقائد الفرقة الإيطالى ريكاردو موتى- 80 عاما - فيصفه أبو زهرة بأنه «أسطورة»، ويشهد على ذلك تاريخه وانتشاره واختياره لقيادة أكبر الأوبرات فى العالم، وعدد الحفلات التى قدمها، حتى أنه تم تصنيفه من قبل نقاد الموسيقى؛ كخامس أفضل قائد أوركسترا على قيد الحياة.
بالنسبة لبرنامج الحفلين، فهو نفسه الذى كان مخصصا لزيارة الصين والمعد سلفا ولا يمكن تغييره، فيخبرنا أبو زهرة، أن اليوم الأول مخصص للدعوات الخاصة، وتقدم فيه سيمفونية «هافنر» لموتسارت ثم السيمفونية المأساوية لشوبرت، أما الحفلة الثانية المخصصة للجمهور فى اليوم التالى، ففيها تنوع أكبر وتقدم فيها أعمال لشوبرت وسترافنسكى ومندلسون، يقدمها 80 عازفا من أصل 130 عازفا هو العدد الإجمالى للفرقة. ويشير أبو زهرة إلى أن هناك موقعا للحجز الإلكترونى للتذاكر، وبالفعل نفدت التذاكر فى بعض الفئات.
مدينة الثقافة والفنون بالعاصمة الإدارية
من ناحية أخرى يدعو أبو زهرة الموسيقيين المصريين لحضور ورشة عمل ستقام صباح الأحد المقبل فى المدينة لتبادل الخبرات مع موسيقيى الفرقة النمساوية العريقة.
فى الأشهر الأخيرة، كانت قاعة الدراما قد استضافت ثلاث حفلات لكن على نطاق ضيق وبدون دعاية إعلامية، وكانت كما أخبرنا الفنان أحمد زهرة تهدف بالأساس للتأكد من جاهزية الأجهزة والمعدات ونظام الصوت، وكذلك للتأكد من جاهزية الفنيين المنوط بهم التعامل مع تلك النظم الحديثة، وتمت التجارب بنجاح باهر، وشارك فيها كورال القاهرة الاحتفالى، والفنانة مى فاروق مع فرقة موسيقى عربية كاملة، وعازفة الهارب ياسيمن حربى، والحفلة الاخيرة لتدشين بيانو «بيكشتاين».
عازف البيانو الفنان أحمد أبو زهرة
سألناه عن الفرق بين قاعتى الدراما والموسيقى، فأخبرنا أن تأسيس القاعات يخضع لشروط فيزيائية وصوتية معينة حسب نوع الفن المقدم بها«مسرح- سينما –موسيقى- أوبرا»، لذلك فقاعة الدراما مخصصة للعروض المسرحية والعروض الموسيقية الصغيرة، بينما لو أقيم عرض مسرحى فى قاعة الموسيقى فلن يتمكن الحضور من تمييز كلمات الممثلين بشكل جيد.
خرجنا من قاعة الموسيقى، ليخبرنا أبوزهرة أن خلف مبنى دار الأوبرا، وعلى ذات المساحة يقع المسرح المكشوف الذى يتسع لـ 15 ألف شخص، ومركز للإبداع الفنى للهواة والمسرح التجريبى، كما يوجد أكبر استوديو للتسجيلات الصوتية، أما المنطقة الجنوبية لمدينة الثقافة والفنون، فتضم المراسم والمناحت واستديوهات للفنانين وأماكن للإقامة ومعارض لاستضافة أعمالهم الفنية.
ماذا عن افتتاح القاعة الرئيسية فى دار الأوبرا التى ستكون الأكبر فى الشرق الأوسط؟
يخبرنا أبو زهرة أن القاعة الكبرى تتسع لـ2200 شخص و«2500 فى حالة عدم وجود أوركسترا»، وهو ما يمثل ضعف سعة المسرح الكبير فى دار الاوبرا المصرية، ولا يزال وقت افتتاحها غير محدد لكنه لن يكون قبل عام من الان على أقل تقدير، مؤكدا أن هناك عملا موسيقيا مصريا «جبارا» يتم العمل عليه منذ عامين. لكنه يتابع ضاحكا: «لن أفصح لك عن أى تفاصيل لكن أؤكد لك أنه «هيكسر الدنيا»!.
رابط دائم: