لم تنص وصية نوبل بخصوص جائزته على جنس معين أو لون بعينه أو عمر محدد, من أجل ذلك فاز بها عبر السنين الشاب ومتوسط العمر والعجوز الطاعن فى السن, لتكون الجائزة تعبيرا حقيقيا عن السمو البشرى، ودليلا على عظمة المولى الذى جعله فى الأرض خليفة ليعمرها بعلمه وكفاحه فى كل مراحل عمره.
ربما تكون فصيلة الشباب الذين حصلوا عليها فى سنوات الشباب هى الأهم والأعظم. أعمالهم التى فازوا بسببها تدل على عقول نابغة أنعم الله عليها بالعبقرية والنفحات الفذة التى تكاد تكون إلهاما وتفوق الخيال وأكبر مساهمة فى تقدم البشرية.
أصغر الحاصلين عليها هى ملالة يوسف زاى الأفغانية التى حصلت على جائزة نوبل فى السلام عام 2014, فى السابعة عشرة من عمرها. الثانى هو لورانس براج البريطانى والذى حصل عليها فى الفيزياء عام 1915 مشاركة مع والده وليام براج فى عملهما الرائد فى مجال دراسة وتحليل البنيان البلورى للمعادن باستخدام الأشعة السينية, وهو العمل الذى مكن البشرية من فهم بنيان المواد الذرى وفهم العلاقة بين البنيان وبين خواص المواد والذى مكننا من التحكم فى تلك الخواص وتطوير علوم وهندسة المواد. يلى ذلك أربعة حصلوا عليها وهم فى الواحد والثلاثين من عمرهم وكلهم فى مجال الفيزياء, وتميزت أعمالهم بالأصالة والأهمية البالغة فى تاريخ العلم, فهم الذين غيروا الفيزياء تغيرا جذريا. أولهم الألمانى فيرنر هايزنبرج فاز بها عام 1932,لاكتشافه مبدأ عدم التأكد ومساهمته الفعالة فى خلق ميكانيكا الكم وما أدت إليه من اكتشافات غيرت وتغير الحياة على الأرض. وثانيهم بول ديراك البريطانى فاز بها عام 1933, لدوره أيضا فى تطوير ميكانيكا الكم ومساهماته فى فهم النظرية الذرية للمواد. وثالثهم كارل ديفيد أندرسون الأمريكى والذى فاز بها عام 1936 لاكتشافه جسيم البوزيترون.ورابعهم الأمريكى الصينى تسونج- داو لى وقد فاز بها عام 1957لاكتشافه قوانين التكافؤ فى الفيزياء والتى أدت الى العديد من الاكتشافات المهمة فيما يخص الجسيمات الأولية. المرحلة العمرية التالية هى فوز أربعة علماء شباب بالجائزة وهم فى الثانية والثلاثين من عمرهم. أولهم رودولف موسباور الألمانى الحائز على الجائزة فى الفيزياء عام 1961, واكتشافه ظاهرة أصبحت تحمل اسمه (تأثير موسباور), وهو عبارة عن عملية نووية تسمح بامتصاص الرنين لأشعة جاما. هذا الاكتشاف أدى الى ظهور نوع جديد مهم من التحليل الطيفى يعرف أيضا باسمه (تحليل موسباور الطيفى). الثانى هو فريدريك بانتنج الكندى الفائز بجائزة نوبل للطب عام 1923 نتيجة اكتشافه الانسولين مع آخرين عام 1921. وهو أصغر عالم يحصل على جائزة نوبل فى الطب. الثالث هى البريطانية ميريد كوريجان والتى حصلت على جائزة نوبل للسلام عام 1976. الرابع هى اليمنية توكل كرمان الحائزة على جائزة السلام عام 2011.
الفئة العمرية الثالثة هى 33 سنة, فاز فيها أربعة بالجائزة. فاز بها البريطانى براين جوزيفسون بجائزة نوبل للفيزياء لأبحاثه النظرية وتوقعاته خواص التيار الفائق خلال مروره عبر نفق عائق هو الاكتشاف الذى أصبح يعرف بتأثير جوزيفسون. الفائز الثانى لتلك الفئة العمرية كان فى مجال الطب عام 1958 وهو العالم البيولوجى الأمريكى جشوا ليدربيرج الذى اكتشف إمكانية تزاوج البكتيريا إضافة الى أبحاثه فى مجال الذكاء الاصطناعي. الفائز الثالث كانت بيتى وليامزالإيرلندية الشمالية والتى فازت يجائزة السلام عام 1976. الفائز الرابع كانت الجواتامالية ريجوبيرتا مينتشو والتى فازت بجائزة السلام عام 1992.
الفئة العمرية الرابعة هى 34 سنة يوجد بها اثنان فازا بالجائزة. الأول هو دونالد آرثر جليسر الأمريكى الذى فاز بجائزة الفيزياء عام 1960 لأبحاثه فى فيزياء الجسيمات واختراعه ما يسمى غرفة الفقاعة عام 1952, والتى مكنته من دراسة الجسيمات ذات الطاقات العالية. الفائز الثانى هو جيمس واتسون الأمريكى الذى فاز بجائزة الطب عام 1962 لاكتشافه البنيان الجزيئ للأحماض النووية أو الدى إن اى.
الفئة العمرية الخامسة هى 35 سنة يوجد بها ستة فائزين من الشباب. الأول هو جوجليلمو ماركونى الإيطالى الذى فاز بجائزة الفيزياء عام 1909 لمساهماته فى تطوير التلغراف وإليه ينسب اختراع الراديو. الثانى هو الألمانى ثيودور فون لاو الذى فاز بجائزة الفيزياء عام 1914 لاكتشافه حيود الأشعة السينية وهو الاكتشاف الذى مكننا من دراسة بنيان المواد واستخدامات الأشعة السينية فى مجالات الهندسة والطب والفيزياء. الثالث هو الأمريكى آرثر كومبتون الذى فاز بجائزة الفيزياء عام 1927 نتيجة اكتشافه ما يعرف بتأثير كومبتون والذى يوضح الطبيعة الجسيمية للموجات الكهرومغناطيسية. الرابع هو الصينى الأمريكى تشن نينج يانج والذى غير اسمه ليصبح فرانك يانج والذى فاز بجائزة الفيزياء عام 1957 نتيجة مساهماته الكبيرة فى علم الميكانيكا الإحصائية والمنظومات التكاملية وفيزياء الجسيمات.الخامس هو الفرنسى فريدريك جوليو كورى والذى فاز بجائزة نوبل للكيمياء مناصفة مع زوجته إيرين كورى عام 1935 نتيجة تصنيعهما عناصر جديدة مشعة. السادس هو القس الأمريكى مارتن لوثر كنج والذى فاز بجائزة السلام عام 1964.
ولو عددنا سن السادسة والثلاثين شبابا نجد أن أربعة شباب وشابات فازوا بالجائزة وهم مارى كورى البولندية- الفرنسية فى الفيزياء عام 1903, وكونستانتن نوفوسيلوف الروسي- البريطانى فى الفيزياء عام 2010, والألمانى أدولف بيوتناندت فى الكيمياء عام 1939, والبريطانى أرتشيبولد هيل الفائز بجائزة الطب عام 1922. هناك أيضا أربعة فائزين بالجائزة عمرهم 37 سنة ومصنفين من أهم الفائزين فى تاريخ الجائزة وفى مجال أبحاثهم هم بيتر زيمان ونيل بور ولوى دى برولى وإنريكو فيرمى وجورج بندورز.
لمزيد من مقالات د. مصطفى جودة رابط دائم: