رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«إحياء الجذور» بين مصر واليونان

‫هانى عسل
علما مصر واليونان فى أيدى الفتيات بمكتبة الإسكندرية

شباب وفتيات يرفعون أعلام مصر واليونان.

يونانيون مقيمون فى مصر جاءوا من هنا وهناك.

وزراء، مسئولون، أكاديميون، دارسون، اجتمعوا فى يوم أشبه بيوم عيد.

أحاديث جانبية باللغة اليونانية.

لم تكن هذه مجرد مناسبة ثقافية أو فنية، بل نتاج واضح ورائع لجهود قادة الدول الثلاث: مصر واليونان وقبرص، على مدى سنوات عديدة، لتقوية العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية بين الدول الثلاث، والوقوف صفا واحدا فى مواجهة كثير من التحديات التى تموج بها المنطقة.

بالأمس «كهرباء»، وقبل ذلك بترول وغاز، واليوم ثقافة وعلوم وتكنولوجيا وحضارة.

قبل بضعة أسابيع، وفى إطار تعزيز التعاون فى مجال الطاقة بين الدول الثلاث الواقعة فى شرق المتوسط، وقعت مصر واليونان وقبرص اتفاقا حول نقل الكهرباء، ليس هذا فحسب، بل وأعربت الدول الثلاث، الأعضاء أيضا فى منتدى غاز شرق المتوسط مع ست دول أخرى، عن نيتها تعزيز تعاونها فى استكشاف ونقل الغاز الطبيعى.

والآن، معرض للعلوم والتكنولوجيا اليونانية القديمة، يقام فى مكتبة الإسكندرية، بالتعاون مع مركز العلوم ومتحف التكنولوجيا فى مدينة سالونيكى اليونانية، وبرعاية الأمانة العامة لليونانيين فى الخارج بوزارة الخارجية اليونانية، لتعزيز التبادل الثقافى بين مصر واليونان، ولتأكيد الروابط التاريخية العميقة التى تشكل أساسا متينا لعلاقات التعاون الحالية بينهما، بجانب جارتهما قبرص.

السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة وشئون المصريين فى الخارج، ابنة الإسكندرية، وإحدى تلاميذ مدير مكتبة الإسكندرية د. مصطفى الفقي، كما تفخر بذلك، والتى تحمل وسام تكريم باسم الإسكندر الأكبر بالفعل، تحدثت بالتفصيل عن دور هذا الحدث، والتبادلات الثقافية والشعبية، بشكل خاص، فى تدعيم العلاقات بين القاهرة وأثينا.

فتقول إن الإسكندرية تشارك فى تقوية العلاقات المصرية ـ اليونانية، فهى المدينة التى أسسها الإسكندر الأكبر، وضمت الحضارة والعلوم اليونانية القديمة، وجاء إليها اليونانيون منذ قرون قبل الميلاد، ولذلك انطلقت مبادرة «إحياء الجذور» برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى من هذه المدينة.

وتحدثت أيضا، فى حضور السفير اليونانى بالقاهرة نيقولاوس جاريليديس، عن أن المبادرة التى تجمع مصر واليونان وقبرص تهدف إلى العمل مع الرعيل الأول من المصريين القبارصة واليونانيين، وفى السنوات التالية تم العمل مع الجيل الثانى والثالث، بتنظيم زيارات إلى المواقع الأثرية فى الدول الثلاث، من أجل إيصال رسالة إلى الأجيال الجديدة بوجود تاريخ مشترك يجمعهما.

وبشكل خاص، أشادت الوزيرة بقوة العلاقات الرسمية والسياسية المتميزة التى تجمع بين الدول الثلاث، مشيرة إلى اجتماع الرئيس السيسى مع رئيسى قبرص واليونان الشهر الماضي، موضحة أن كل ذلك يؤكد أن الدول الثلاث شعب واحد تمتلك ثقافة وتاريخا مشتركا وحان الوقت لتأكيد هذه الروابط، مشيرة إلى أن مصر تستعد لاستضافة قمة ثلاثية الفترة المقبلة على المستوى الوزارى يجمع مصر واليونان وقبرص.

وأشادت الوزيرة بما قامت به مبادرة إحياء الجذور لتقريب من يعيشون فى المهجر ببعضهم البعض، خاصة فى ظل وجود علاقات أسرية بين البلدين، قائلة: «عملنا على مختلف المستويات، زرنا أستراليا مثلا والنادى المصرى واليونانى فى ملبورن، وعملنا كأطباء مصريين ويونانيين فى جائحة كورونا، ونريد توصيل هذه الرسالة إلى الأجيال الجديدة، وهى أن التاريخ المشترك له جذور، والمبادرة جاءت لتعيد كل هذه المفاهيم التى نحتاج إلى تذكرها»، مشيرة إلى أن التعاون السياسى الثلاثى تدعمه بقوة الدبلوماسية الشعبية، والبعد الثقافى يضيف الكثير من القوة وبعدا مهما للغاية إلى «عودة الجذور»، حيث يذكرنا جميعا بأن تاريخنا مشترك.

أما لماذا هذا المعرض، فيقول الدكتور مصطفى الفقى مدير مكتبة الإسكندرية إن اليونان تمثل امتدادا حضاريا وأفقا إنسانيا وتاريخا بعيدا، ويضيف أن تاريخ الإسكندرية يعبر عن نقلة نوعية من الامتداد الفرعونى البحت إلى الفرعونى اليوناني، مشيرا إلى أن الحضارة الهلنستية هى عمود هذا التاريخ، كما يشدد على ارتباط المصريين بحضارات البحر المتوسط، واعتزازهم بالحضارة اليونانية، وهى حضارة الحريات والثقافات التى تركت أثرا ضخما للبشرية، بداية من الأوليمبياد وحتى الديمقراطية.

أما لماذا جاءت «اليونان» الآن إلى الإسكندرية، فقد لخص البابا ثيودوروس الثاني، بابا وبطريرك الإسكندرية وسائر إفريقيا، الإجابة عندما ألقى كلمته باليونانية، قائلا: «حان وقت الحديث باليونانية»، حيث ركز فى كلمته على العلاقة الوثيقة بين مصر واليونان، وتاريخ الإسكندر الأكبر وارتباطه بمدينة الإسكندرية، مشيرا إلى أن الإسكندر لم يغادر الإسكندرية، بل لا يزال يعيش فى بحرها، بدليل أنه التقط كلمات من المتحدثين الذين استخدموا كلمات ذات أصل يوناني، مثل «كوزموبوليتان» أى عالمي، و«دياسبورا» أى المهجر، و«نوستالجيا»، أى الاشتياق!

أما «لماذا هذا المعرض»، فيقول الدكتور يوانيس كريسولاكيس، الأمين العام لشئون اليونانيين فى الخارج والدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية اليونانية، إنه معرض يستحق الدعم والتقدير، لما له من دور فى التعريف بالثقافة اليونانية، مؤكدًا وجود العديد من نقاط الالتقاء والتعاون بين الحضارتين المصرية واليونانية، التى نتج عنها العديد من الإنجازات التى نحتفى بها حتى يومنا. أما «لماذا الإسكندرية» تحديدا، فيجيب عن ذلك بقوله إن ذلك له أهمية خاصة، حيث إن الإسكندرية مدينة لها تاريخ هائل، وكانت موطن العديد من الشخصيات اليونانية البارزة على مدى قرون عديدة.

وحول هذه النقطة، يقول الدكتور فاسيليوس كوكوساس، رئيس المعهد اليونانى للدراسات البيزنطية وما بعد البيزنطية فى مدينة فينيسيا، إن العلاقات بين مصر واليونان تمتد منذ القدم، ووصلت لمراحلها العميقة بمجيء الإسكندر الأكبر وإنشاء مدينة الإسكندرية، مشيرا إلى أن العنصر اليونانى ما زال قائمًا فيها، بوجود جاليات يونانية حتى الآن بالمدينة، كما أن هناك حوارا دائما بين اليونانيين والمصريين يتجسد فى هذا المعرض، وتطرق أيضا إلى المعهد الهيلينى الذى يعد الوحيد الموجود خارج اليونان لدراسة كل ما يتعلق بالآثار اليونانية فى المدينة، حيث يحتوى على دراسات البحر المتوسط والشرق الأوسط والعالم.

وعن مكونات المعرض نفسه، يقول الدكتور ميكائيل سيجالاس، رئيس متحف العلوم والتكنولوجيا بمدينة سالونيكى اليونانية إنه يستعرض تطور المعرفة اليونانية فى مجالات علمية عديدة حققت إنجازات تقنية وتكنولوجية متعددة مثل: التكنولوجيات الأساسية، الفلك، الاستكشاف والتواصل، الجسم والعقل، الفنون، الهندسة المعمارية والتشغيل الذاتي، مؤكدا أن جميع محتويات المعرض قائمة على مصادر موثقة واكتشافات أثرية متعددة، والهدف الأساسى منه تنظيم المعرفة العلمية وعرضها بطريقة مبتكرة بهدف التعريف بالإنجازات التكنولوجية فى العالم اليونانى القديم.

الدكتور عبدالعزيز قنصوة رئيس جامعة الإسكندرية، أكد بدوره أن العلاقات بين الشعوب هى الدائمة والمستمرة، ولذلك فمن الضرورى تقوية روابط التعاون الثقافى بين مصر واليونان، ويأتى ذلك، من وجهة نظره، من خلال تنشيط مبادرات التبادل الطلابي، لإعلاء قيمة الإنسانية والتعاون وحتى تتعرف الأجيال الجديدة على التاريخ المشترك الذى يجمع البلدين والذى يمكن البناء عليه لتعاون أكبر مستقبلا.

أما «ماذا بعد» هذا المعرض، فيؤكد الدكتور يوانيس كريسولاكيس، أنه توجد العديد من المبادرات وخطط التعاون بين مصر واليونان فى عدة مجالات، خاصة مجال الثقافة، لافتًا إلى وجود عدد من الأنشطة بالفعل بالتعاون مع وزارة الهجرة، إلى جانب مبادرة العودة إلى الجذور. .. وبعد الغاز والكهرباء والثقافة، لايزال فى جعبة الدول الثلاث الكثير!

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق