رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

تسويق الأحلام!

الحلم هو عالم مختلف عن الواقع، يستطيع الإنسان من خلاله أن يعيش ولو لسويعات واقع آخر، مختلف تماما عن الواقع الذى يعيشه، أوقات نسميه حلم يقظة، حيث يسرح الإنسان بخياله وهو يقظ، متمنياً تحقيق أمل، أو أن ينام فيحلم بشيء ما.

إلا أننا بتنا نشاهد منذ فترة ليست بالقصيرة، حملات إعلانية، أخذت تتقنها، وتتفنن فى تنفيذها عدد من الشركات، تلعب وبحرفية شديدة على تشكيل وعى الناس، ولا أبالغ حينما أقول إنها نجحت بدرجة ما فى تغيير بعض المفاهيم الخاصة ببعض القيم السائدة لدى قطاع عريض من الجماهير.

يبدو ذلك جليا جدا، فى أفكار تسويق بعض الوحدات العقارية، فأضحى نمط السكن مغايرا لما عهدناه منذ عقود، حيث شهدت الآونة الأخيرة تسويق مفهوم جديد، يقوم على عناصر مبهرة، مثل الخصوصية والأمان، والتركيبة الاجتماعية المتناسقة فى الخلفية الثقافية والأدبية، وهذا الهاجس على وجه الخصوص، قد يكون أهم عناصر الجذب، لما يمثله من أهمية قصوى عند عدد لابأس به.

رغم أن واقع الأمر مختلف، لأن تلك الشركات معنية بالدرجة الأولى بتحصيل قيمة الوحدة، وليست معنية بتقييم العميل، بمعنى أنها لا تعرف خلفيته الأدبية ولا الثقافية، ومن ثم فمن الطبيعى أن نجد مجموعة من الناس تقطن مجتمعا سكنيا ما، لا يتناسقون فى شيء مشترك، إلا القدرة على شراء الوحدة السكنية!

ولكن الناس ينجذبون صوب المؤثرات الإعلامية المبهرة، ويتفاعلون معها بدرجات متفاوتة، بحسب مكونات الإبهار، ليس فقط على مستوى الشركات العقارية، ولكن الأمر تخطاها، ووصل لعدد كبير من السلع، سواء المُعمرة أو العادية، فمثلا، الهواتف المحمولة، التى تميزت بتقنيات رائعة، تتعلق بحيازتها لكاميرات بجودة ودقة عالية جدا، بخلاف عشرات المواصفات التقنية الجميلة، عدد كبير جدا من المستخدمين قد لا يستخدم تلك التقنيات، لأنه معنى ببعض الإمكانيات البسيطة الخاصة بالاتصال فقط، ولكنها علامات التميز، التى سوقت لها الشركات المختلفة، فرضت على قطاع كبير جدا من الناس، شبابا وكبارا، امتلاك هواتف ذات تقنيات مبهرة، رغم عدم استخدام معظمها!

وهكذا يمكن مراقبة الوضع فى عدد كبير جدا من السلع وكذلك الخدمات التى تقدمها الشركات الخاصة، استطاعت بحرفية متميزة تسويق منتجاتها ونجحت فى جعلها أحلاما يتمنى الناس تحقيقها، بل ولعبت على أوتار متفاوتة بما يجعل تلك الأحلام قريبة من التحقق.

كل ذلك بالإضافة لسلع وخدمات متعددة، لا يحتاج إليها الناس بشكل عملى، ولكنها المهارة التى قربت الحلم من قطاع أكبر ممن تخاطبهم، وتمكنت من مداعبة خيالاتهم وحفزت لديهم الأمل، حتى أمسى الوصول إليه هدفا يسعى الناس لنيله!

إلا أننا فى مصر ومنذ 2014، ومع ماتشهده البلاد من عمل دؤوب ومضن، حقق لمصر طفرات غير مسبوقة، نجد عددا وللأسف ليس بالقليل غير مدرك قيمة ما تحقق، حتى إن بعضاً من الناس قد يشعر بالضيق أحياناً، نتيجة الشروع فى بناء كوبرى، بغرض تيسير المرور، ولكن، لما يسببه ذلك من بعض الاختناقات لهم، وهى مؤقتة، قد نرى بعضهم مستاء، رغم ما ستؤديه تلك الأعمال من القضاء على الزحام المرورى الخانق، وهو ما يحدث بالفعل الآن فى منطقة المعادى على سبيل المثال، رغم أن لنا عبرة متميزة فيما حدث فى منطقة مصر الجديدة ومدينة نصر، سلاسة مرورية رائعة بالفعل، لم تحدث بين عشية وضحاها، ولكنها أخذت وقتا، يراه الناس قليلا جدا مقارنة بما تم انجازه.

أيضا ما شهدته مصر فى الزراعة، ففى أزمة كورونا العالمية، شهد العالم نقصا واضحا فى إنتاج الغذاء، إلا أن مصر تميزت بوفرة وجودة المعروض، ولنا فى أسعار الخضروات عبرة جيدة، فلم تتأثر أسعارها، وهو جهد يستحق الإشادة.

وفى السياق ذاته يمكن المرور على وفرة المعروض فى سوق العقارات، خاصة بعد إقرار قانون التمويل العقارى بفائدة سنوية 3%، وهو ما سيمكن عدد كبير من المواطنين من الحصول على وحدة سكنية بسعر مناسب، فى حدود الإمكانات البسيطة لأصحاب الدخول الأدنى.

أيضا ما أنجزته الدولة فى مجال الحكومة الإلكترونية، فقد سهلت على المواطن عددا من الإجراءات التى تحتاج لجهد، مثل استخراج شهادة مخالفات للسيارات، وكذلك الحصول على رخصة السيارة التى لا تحتاج لفحص من خلال موقع الحكومة الإلكترونى، وكذلك عدد كبير من المستندات المهمة، مثل الحصول على بطاقة الرقم القومى، التى لا تحتاج لتغيير بيانات، ولم تنته صلاحياتها.

الحديث عما أنجزته مصر ممتع وشيق، ولا يكفيه عدد لا حصر له من المقالات، ولكنه يحتاج إلى تسويق جيد، لاسيما أننا نتحدث عن واقع فريد وجميل تم انجازه بالفعل على أرض الواقع، فكم عدد من يعلم أن مصر ستستضيف مؤتمر الأطراف للتغيرات المناخية cop27، وما يعنيه ذلك من ترسيخ لقيمة ومكانة مصرعلى المستوى الدولى بما تملكه من إمكانات وقدرات تؤهلها لتنظيم ذلك المؤتمر الدولى المهم.

وفى الختام، وببعض المقارنة بين تسويق الأحلام وتسويق الواقع الذى أبهرت فيه مصر، يمكن أن يرى بعض منا نجاح الشركات الخاصة، بمثابة حافز يدعو لتعريف المواطن بقدر وقيمة ما أنجزه الوطن، فما تم انجازه فريد، وما يتم تحقيقه الآن غاية فى الروعة، لأنه من المؤكد أن تسويق الواقع أسهل من تسويق الأحلام!

[email protected]
لمزيد من مقالات عماد رحيم

رابط دائم: