أكدت أنا ميلينا مونوز دى جافيريا سفيرة كولومبيا بالقاهرة أنه توجد فرصة رائعة لتقوية علاقات بلادها مع مصر، مشيرة إلى أن هناك الكثير من اتفاقيات التعاون الثنائى التى تم التوقيع عليها بين البلدين منذ سنوات، بل ومنذ عقود طويلة، ولكنها قالت إن التوقيع على الأوراق مجرد بداية، وتحتاج إلى تنفيذ ما فيها، وتحدثت عن ضرورة وجود اتفاقية تجارة حرة بين البلدين، كما أشادت فى حديثها لـ «الأهرام» بالمرأة المصرية، واعتبرت أن هناك أوجه تشابه كثيرة بينها وبين المرأة فى كولومبيا.
وتحدثت دى جافيريا – التى درست الهندسة المعمارية - فى البداية عن قصة تحولها من كونها سيدة أولى لكولومبيا، إلى العمل الدبلوماسى، حيث قالت ردا على سؤال حول هذا الموضوع قائلة: «أنا نوع مختلف من السفراء، لأننى جئت من خلفية واتجاه مختلفين، وكل شيء نفعله فى حياتنا يمنحنا الخبرة التى تساعدنا على التقدم فى الأدوار والمهام التى نقوم بها، وبالنسبة لى، أحببت خدمة بلدى كسيدة أولى، وقد منحتنى الدبلوماسية الفرصة لتقوية الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية، وفى النهاية وضع كولومبيا على الخريطة، وهذا التغيير كان واحدا من أفضل القرارات التى اتخذتها فى حياتى، فقد أحببت هذا المجال، وأحببت ما أفعله، ولو كنت قد أدركت أهمية هذه الخبرات لى شخصيا ومهنيا، لكنت قد اخترت الحياة الدبلوماسية منذ زمن».
أما عن العمل فى مصر تحديدا، فقالت عنه: «لقد نالت مصر اهتمامى لتاريخها وثقافتها، فضلا عن حقيقة أنها مختلفة عن كولومبيا، وكنت أستمتع دائما بالتعرف على أماكن جديدة، والتعرف على مصر بالذات كان شيئا رائعا، ولذلك، أنا سعيدة بوجودى هنا، فالناس مدهشون، ويتميزون بالود والدفء والترحاب، وأنا بشكل خاص، أعشق حى الزمالك والنيل، وكثيرا ما أستكشف هنا مناطق جمال جديدة فى هذا البلد المدهش».
وقالت دى جافيريا إن المصريين بشكل عام لا يعرفون عن كولومبيا سوى أشياء قليلة من خلال بعض الأسماء اللامعة مثل الأديب العالمى جابرييل جارسيا ماركيز الحاصل على جائزة نوبل فى الآداب، ومن خلال مطربينا مثل شاكيرا ومالوما وبالفين، ومثل نجوم الكرة مثل فالديراما وهيجيتا، ومثل الفنان التشكيلى فيرناندو بوتيرو، مشيرا إلى أن الإعلام أحيانا ما يركز على الملامح السلبية لأى مجال، وهذا ينطبق على أى دولة على سطح الأرض، تماما مثل وصم الدول الإسلامية بالإرهاب، وكذلك الربط بين كولومبيا والعنف والمخدرات، فقالت إنه نتيجة لذلك، يحدث التعميم، وهذا ما حدث مع مسلسل «ناركوس» المنتشر على نتفليكس.
وقالت أيضا: «هناك حاجة إلى التوازن لإظهار الجانب الآخر، جمال وطيبة الناس الذين نعيش معهم، والذين يشكلون معظمنا، وعملى يركز فى جزء كبير منه على هذه الأمور، فقد أحضرنا راقصى السالسا والكتاب إلى مصر، وتبرعنا بالأعمال الأدبية الكولومبية للمكتبات المصرية، وكذلك أقمنا معارض الفنون، والأفلام السينمائية الكولومبية، وغير ذلك، وفى الوقت نفسه، أجرينا مقابلات ولقاءات ونظمنا عروضا، وزيارات، لشرح ما هى كولومبيا وشعبها وثقافتها للمصريين». وردا على سؤال حول رأيها فى المرأة المصرية، بحكم أنها امرأة، وما إذا كانت لديها أفكار محددة للتعاون بين البلدين فى مجال تحسين حياة المرأة أو حماية حقوقها، قالت: «يوجد تشابه كبير بين المرأة المصرية والكولومبية، ففى المستويات العليا، هن متعلمات، ورائدات أعمال، ويشغلن مناصب رفيعة فى الحكومة والقطاع الخاص، وفى المستويات المتوسطة، هن جزء من حياة العمل، بينما فى الفئات الأقل، هن فى حاجة إلى التعليم وتنظيم الأسرة ومزيد من الخدمات، مثل مراكز الرعاية الصحية، وغير ذلك».
أما عن تقييمها لما وصلت إليه العلاقات الدبلوماسية بين مصر وكولومبيا الآن، فقالت إن العلاقات تأسست عام 1957، ولكن لم يتم فتح سفارات فى البلدين قبل عام 1959، وأعربت عن اعتقادها بأنه توجد فرصة رائعة لتقوية العلاقات، مشيرة إلى أنه تم التوقيع على اتفاقيات فى عام 1960، وفى عام 1993 بين غرفتى التجارة، وفى عام 2000 فى مجال التبادل الثقافى والتعليمى، وفى عام 2009 فى مجال التدريب الدبلوماسى، ومذكرة تفاهم بشأن المشاورات الثنائية فى عام 2012، والإعفاء من التأشيرات لجوازات السفر الدبلوماسية فى عام 2015، واتفاق بشأن السياحة فى 2015 أيضا.
وتمت دعوة مصر لتكون ضيفا فخريا فى معرض السياحة فى بوجوتا عام 2022، وبدأنا نفعل ذلك أيضا فى مجال التعليم من خلال برامج التبادلات بين الجامعات، وهذه هى أفضل طريقة نخدم بها بلدنا فى مصر، لأن كولومبيا بعيدة جغرافيا عن مصر، وتعد دولة صغيرة من حيث أرقام التبادل التجارى والاستثمارى والتعاون مع مصر، ويجب على كولومبيا العمل بجد أكثر لزيادة الوعى، ولإثبات جديتنا، ولتعزيز علاقاتنا، وأعتقد بأن الزيارات رفيعة المستوى يمكنها أن تحقق ذلك بشكل كبير، كما أظن أن دول المناطق الجنوبية من العالم يجب أن تدعم بعضها البعض أكثر من الاكتفاء بالاعتماد بالكامل على الشمال أو آسيا فى الدعم الاقتصادى والتعاون السياسى، فنحن نواجه الكثير من التحديات المشتركة، ويمكننا التعلم من بعضها البعض».
وعن تركيز عمل سفارة كولومبيا بالقاهرة على الجانبين الثقافى والفنى بشكل خاص، قالت: «كما ذكرت، الثقافة تعد واحدة من أهم الأدوات الترويجية الرئيسية لبلدنا، ولكن جائحة كورونا صعبت علينا الأمور كثيرا، وعلى الرغم من هذا التحدى، فإن من بين الأنشطة البارزة التى قمنا بها، أننا فى مجال الأدب، تبرعنا بكتب لمؤلفين كولومبيين مترجمة إلى العربية إلى أكثر المكتبات أهمية فى مصر، من أجل الترويج لأقسام الأدب اللاتينى بها، ونود أيضا أن ننشئ مكتبة نوبل الأدبية فى متحف نجيب محفوظ، وفى مجال السينما، ترجمنا أفلاما كولومبية إلى العربية، ونستضيف دورات للفيلم الكولومبى فى الكثير من المراكز الثقافية فى إطار صندوق التنمية الثقافية، فضلا عن المشاركة فى مهرجان الأفلام الأيبروأمريكية، وفى مجال السالسا، تتشارك مصر وكولومبيا فى حب فن الرقص، وفى العام الماضى، نظمنا عرضا للسالسا الكولومبية فى دار الأوبرا بمشاركة راقصين كولومبيين يعيشون فى مصر، وحقق العرض نجاحا باهرا».
وعن سبب تواضع حجم التبادلات التجارية بين البلدين، قالت إنه شيء نعترف به، فالتبادل التجارى منخفض نسبيا، ويجب أن نبنى الثقة بين البلدين والحكومتين والشعبين لتسهيل الأعمال وليتعرف كل منا على الآخر، وهذا من أكثر الأشياء التى نركز عليها فى عملنا بالسفارة، وقد حققنا تقدما كبيرا على مدى العامين الماضيين، فقد ارتفعت الصادرات الكولومبية إلى مصر من 7,6 مليون دولار من 2019 إلى 46,1 مليون دولار عام 2020، وارتفعت الواردات من 10,2 مليون دولار إلى 12,5 مليون دولار فى الفترة نفسها أيضا، ولكن ما زالت هناك مساحة للنمو، من خلال تقوية علاقاتنا التجارية، لاستثمار الأسواق المحتملة، ولتحقيق ذلك، أنشأنا مكتبا تجاريا مؤخرا، وبذلنا جهدا سياسيا وتجاريا، لزيادة الصادرات من المحاصيل الزراعية التقليدية، واللحوم، والماشية، والبن، وهى منتجات تنافسية جدا بين البلدين، ولكن اتفاقيات مصر التجارية مع الدول الأخرى لا تعطينا ميزة، ونتيجة لذلك، نركز جهودنا على التوصل لاتفاقية تجارة تسمح لنا بتوسيع نطاق التبادل التجارى على الجانبين.
وعن أبرز المنتجات المصرية التى تحتاج إليها كولومبيا، والمنتجات التى يمكن أن تستوردها مصر من كولومبيا، قالت: «أريد التركيز على المنتجات التى تحظى حاليا بالتنافسية فى الأسعار والجودة، فمن الجانب المصرى، يوجد لديكم الرخام واليوريا والمنتجات الكيماوية والقطن، ومن الجانب الكولومبى، يوجد الموز والبن والكاكاو والفحم والأفوكادو والماشية واللحوم المجمدة». وعن المجالات الأخرى قالت إننا نعمل أيضا فى مجالات مثل السياحة والتعليم، فعلى مستوى السياحة، وجهت كولومبيا الدعوة لمصر لتكون ضيفا فخريا فى المعرض السياحى عام 2022.
رابط دائم: