فى نداء عاجل صدر فى مؤتمر الأطراف فى جلاسجو، قال تحالف من زعماء العالم إنه يجب تكامل إجراءات المياه والمناخ لضمان توفير إمدادات كافية من المياه فى مواجهة تزايد عدد سكان العالم وتدهور البيئة. وأكدوا ان تغير المناخ يؤدى لتفاقم ندرة المياه والمخاطر المتعلقة بالمياه.
وفى تقرير، صدر مؤخرا، حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من أن إدارة الموارد المائية العالمية مشتتة وغير كافية، وأن الدول يجب أن تتبنى عاجلا إصلاحات لتفادى أزمة مياه تلوح فى الأفق. وحذر التقرير من أن 3.6 مليار شخص على مستوى العالم يواجهون صعوبة فى الحصول على المياه لمدة شهر واحد على الأقل كل عام، ومن المتوقع أن يتجاوز العدد 5 مليارات بحلول عام 2050. ولفتت التقارير الدولية النظر إلى أن 107 دول لا تزال بعيدة عن هدف الوصول لإدارة مستدامة لمواردها المائية بحلول عام 2030، مؤكدة الحاجة لنظم أفضل للتحذير من الفيضانات فى آسيا، وأخرى للتحذير من الجفاف فى إفريقيا، وأيضا من تداعيات كبيرة على الأمن المائى، حيث إن 0.5% فقط من المياه على الأرض صالحة للاستخدام، ومتاحة من المياه العذبة.
فى منطقتنا، من بين 17 دولة تعانى الإجهاد المائى فى العالم، يوجد 11 دولة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا حيث يعيش حوالى ثلثى سكان المنطقة فى مناطق تفتقر لموارد مياه متجددة كافية. ومن بين 9 من كل 10 أطفال فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يعيشون فى مناطق تعانى إجهادا مائيا شديدا أو شديدا للغاية، ويبدو ان الوضع يتجه نحو الأسوأ. وحسب تقديرات البنك الدولى، فإن كبرى الخسائر الاقتصادية التى تواجهها المنطقة ستكون بين 6% و14% بحلول سنة 2050، وستكون بسبب ندرة المياه المرتبطة بالمناخ.
لكل هذه المعطيات تناول الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة (2015) مسألة المياه النظيفة والصرف الصحي, وهو يتضمن عددا من الأهداف والمؤشرات التى تتناول تحقيق الوصول إلى مياه الشرب الآمنة والصرف الصحى، وتحسين جودة المياه عن طريق الحد من التلوث، وحماية واستعادة النظم الإيكولوجية المرتبطة بالمياه، وإعادة تدوير المياه وزيادة كفاءة استخدامها ومعالجة ندرة المياه. لكن على مستوى التطبيق، هناك العديد من التحديات أمام تنفيذ هذا الهدف. لذلك، أطلقت الجمعية العامة للأمم المتحدة عقد العمل فى مجال المياه فى مارس 2018، وتم تحديد مارس 2023 لعقد مؤتمر مراجعة منتصف المدة لعقد الأمم المتحدة للمياه للوقوف على التقدم المحرز فى هذا الشأن.
الملاحظ ان هناك عددا من أوجه القصور فى تعامل المجتمع الدولى مع موضوعات المياه، ومن ضمنها، أولا، أجهزة ومنظمات الأمم المتحدة لا تملك الأدوات اللازمة لدعم الدول على تنفيذ الهدف المذكور، أو لإيجاد حلول لأزمة المياه العالمية والمتمثلة فى زيادة ندرة المياه وزيادة الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمياه وتلوث مصادر المياه، أو لمعالجة المشاكل المتعلقة باستخدامات المياه العابرة للحدود، خاصة فى ضوء عدم وجود منظمة أممية تتمتع بالملكية على موضوعات المياه.
ثانيا، المجتمع الدولى مهتم بشكل أساسى بشق واحد من الهدف السادس والمتعلق بمياه الشرب الآمنة والصرف الصحى، ولا يتم إيلاء الاهتمام المناسب للأبعاد الأخري. ومن شواهد ذلك أن القرارات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان تختزل تناول موضوعات المياه على الحق فى مياه الشرب الآمنة والصرف الصحى والذى تم الاعتراف به كحق من حقوق الإنسان عام 2010. ولا تتناول تلك القرارات مسألة النفاذ إلى المياه بشكل عام. كما أن القدر الأكبر من التمويل الدولى لتنفيذ الهدف السادس يتم توجيهه للأنشطة الخاصة بالنفاذ لمياه الشرب الآمنة والصرف الصحي.
لمواجهة هذه المعضلات، من الضرورى ان تتكاثف الجهود الدولية والاممية من اجل مواجهة التحديات التى تفرضها ندرة المياه، وأن تتصدى لها بجدية من خلال زيادة التنسيق والتغلب على نهج الجزر المنعزلة، وتطوير آليات أكثر فاعلية على مستوى الأمم المتحدة، وتحقيق التكامل بين مختلف الجهود والأنشطة المتعلقة بالمياه، ودمج موضوعات المياه فى كل المسارات ذات الصلة بالغذاء والعمل اللائق وتغير المناخ وحقوق الإنسان، بما يحقق قدرا أكبر من الفاعلية والاستدامة والإنصاف. من هنا كانت أهمية البيان المشترك الصادر عن مصر و44 دولة فى جنيف وكذا جهودهم للدفع بتطوير التعامل الدولى مع قضية ندرة المياه لا سيما فى ضوء العلاقة الترابطية القوية بين المياه والمناخ.
> كاتبة مغربية
لمزيد من مقالات وفاء صندى رابط دائم: