بات السؤال الملح لدى الكثير من الإثيوبيين وكل دول الشرق الإفريقى والعرب طيلة الأيام الماضية. وخاصة مع اشتداد لهيب الحرب من جديد فى الأسابيع الأخيرة.. ما الذى يحدث الآن فى إثيوبيا؟ وماهى النتائج المتوقعة لحرب الإبادة الجماعية تلك التى بدأها آبى أحمد رئيس الوزراء فى الشمال الإثيوبى ضد مناطق تيجراي؟ تلك الحرب التى راح ضحيتها مئات الآلاف بسبب جرائم وانتهاكات قوات جيش آبى أحمد طيلة عام كامل والتى وصفتها الأمم المتحدة منذ عدة أشهر بأنها الأشرس والأضخم والأكثر دموية بحق سكان تيجراي. حتى انه تعالت بعض الأصوات الأمريكية فى إدارة بايدن ودول فى مجلس الأمن بضرورة تحقيق دولى عاجل. وان كان البعض الآخر دوليا مازال يسعى للتغطية على تلك الجرائم وإفلات آبى احمد وحكومته من الإدانة وكل ذلك بسبب المصالح العسكرية والاقتصادية فقط لهم داخل إثيوبيا. بحقائق الواقع حاليا ومتابعة سير المعارك وانخفاض وهج تعاطى المجتمع الدولى مع سير الأحداث العسكرية وتأزيم الوضع هناك باستثناء بعض الدعوات الخجولة، من قبل أمريكا والأمم المتحدة لأطراف الصراع والقتال فى إثيوبيا، بالحوار وحل الخلافات سلميا وبعيدا عن لغة النيران، فان المشهد العسكرى والسياسى داخل، إثيوبيا يؤكد أن الحرب متدحرجة ولن تستطيع أى قوة فى الداخل أو دول الجوار فى الشرق الإفريقى أو حتى الأمم المتحدة أن توقف تلك الحرب. التى يفترض قبل أن تضع أوزارها قد تقذف بشخص آبى احمد وحكومته خارج السلطة وتنهى أسطورية حكمه السلطوية القمعية بشهادة الأمم المتحدة ومؤسستها الحقوقية الدولية. وربما يكون هذا هو السيناريو الأقرب الى الواقعية والتحقق لأن تحالف الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى مع جماعة تحرير اورومو وعدة فصائل عسكرية قد عانت من ويلات حرب آبى أحمد العبثية ضد شعبه فى الشمال الإثيوبي. وبالتالى الهدف منها فى المقام الأول التخلص من وقف جرائم جيشه أولا، وهاهم قد فعلوا ذلك. حيث خسرت ومنيت قوات الجيش الإثيوبى بخسائر فادحة حتى إن قوات تيجراى واورومو اجتاحت واستولت على مدن إثيوبية عديدة وهى فى طريقها حاليا الى الاستيلاء على العاصمة أديس أبابا خلال أسابيع معدودة. حيث إن قوتهم وأنصارهم يتفوقون فى العتاد والاحترافية القتالية على الجيش الإثيوبى الذى فرض بعض الطوارئ ودعا الجميع فى أديس بابا والمدن المحيطة بها إلى حمل السلاح وإعلان النفير العام. وان كان كل ذلك لم يفت فى عضد القوات العسكرية المعارضة التى قررت المضى للاستيلاء على العاصمة.
ويبقى الهدف الثانى، وهو الأهم أيضا والملح والضرورى والعاجل وهو التخلص من شخص آبى احمد نفسه باعتبار أن حكمه تجاوز كل الخطوط الحمراء فى قتل وإبادة شعبه. وبالتالى بات هدف قوات تيجراى وحلفائها دخول العاصمة والقبض على آبى احمد حسب بيانات جماعة تيجراى ومحاكمته عسكريا فى الحال 0 وربما يكون هذا سيناريو قادما ولايصعب تحقيقه لعدة أسباب أولها إن آبى أحمد نفسه وحكومته فقدت كليا الدعم الداخلى من غالبية الإثيوبيين. ناهيك عن تراجع الدعم الخارجى أيضا بسبب بشاعة جرائمه ضد شعبه فى الشمال الإثيوبى وحصاره وتجويعه وبالتالى يصعب إيجاد أنصار أو داعمين دوليين للتغطية على جرائمه. ناهيك عن أن هناك غالبية فى الداخل والخارج الإثيوبى ترى أن الرجل لم يعد يملك رصيدا سياسيا للبقاء فى منصبه. فى مقابل اشتداد قبضة المعارضة وقواتها فى فرض عملية انتقال سياسى للسلطة خاصة بعد التحالف السياسى والعسكرى الذى أقيم فى الأيام الماضية بين تسع من الفصائل والجماعات الإثيوبية المقيمة بأمريكا ولها أتباع كثر فى الداخل للإطاحة بشخص آبى أحمد وحكومته وفرض معادلة سياسية جديدة فى أديس أبابا. ومع تزايد فرص استمرار وهج المعارك العسكرية فى الأيام برسم انتصارات لقوات تيجراى وحلفائها فان ذلك يحمل مؤشرات ورهانات قوية على قرب نهاية شخص آبى أحمد. حتى بالرغم من الحماية العسكرية من قبل تركيا وإيران اللذين أمدا قواته بصفقات المسيرات طيلة الأسابيع الماضية.
بقوة حقائق التاريخ والواقع الديموجرافى الإثيوبى ومقتضيات الحرب الحالية بات هناك اقتناع لدى الكافة هنا وهناك بأن آبى أحمد سيكون خارج معادلة الحكم والقيادة تماما فى أديس أبابا وان نجم الرجل أخذ فى الأفول وحكمه فى الانسداد الكامل. وان امام الرجل سيناريوهين لاثالث لهما إما أن يعجل بنهاية حكمه بنفسه والإقدام على الاستقالة كما فعل سلفه السابق ديسالين ويختفى من المشهد السياسى باعتبار أن فترة حكمه الأكثر كارثية وبؤسا وخرابا ودمارا على الاثيوبيين. وأما السيناريو الثانى الاستمرار فى الحرب وعندئذ ستتمكن قوات تيجراى وحلفائها من الوصول الى العاصمة أديس أبابا وإسقاط حكم وحكومة آبى أحمد وتشكيل حكومة ائتلاف ووفاق وطنى جديدة. وهذا هو السيناريو الأقرب الى الحدوث والتحقق، وبالتالى يكتب الفصل الأخير فى نهاية حكم آبى احمد والمشهد الأخير لحياته هو شخصيا. حيث بلغة الحسابات السياسية والعسكرية على الأرض الرجل قد تكون اقتربت نهايته بالفعل. وبالتالى وجب على المجتمع الدولى والأكاديمية الدولية لجائزة نوبل أن تصحح الخطأ الذى وقعت فيه بمنح آبى أحمد جائزة نوبل. بعد أن ثبت لها بالأدلة الحسية والواقعية وتقارير الأمم المتحدة أن الرجل لم يكن يوما من أنصار السلام والاستقرار والأمن لشعبه. بل كان ديكتاتورا سلطويا ساق شعبة الى الجحيم والقتل والفتك والحصار والتجويع. وما جرائمه فى تيجراى إلا صور حقيقية وحشية للإدانة والمحاكمة لرجل قتل شعبه وخدع العالم أجمع عندما التحف برداء صانع السلام والاستقرار وإمام الإصلاحيين فى القارة الإفريقية على عكس الحقيقة تماما.
لمزيد من مقالات أشرف العشرى رابط دائم: