هل فات أوان إنقاذ العالم من اكتمال تدميره بما ارتكبته الدول والكيانات الصناعية الكبرى، وهل يصدقون فى تخفيض نسبة انبعاثات ملوثاتها والتى وصلت إلى 80% وعلى رأسها أمريكا والصين وروسيا والاتحاد الأوروبى، بينما لاتتجاوز انبعاثات القارة الإفريقية 4% من نسب التلوث، علاوة على ما دمرته ونهبته هذه الدول الكبرى من ثروات القارة وحقوق شعوبها مما يضع فى عنق هذه الكيانات الكبرى النصيب الأكبر فى نفقات وتبعات إنقاذ الأرض والاستجابة لنداءات الدول والكيانات المستضعفة. لقد عقدت من قبل قمم مواجهة التغير المناخى 25 مرة فهل ما وصل إليه حال الأرض من تدهور وبما جعل ناشطين من الشباب وأعضاء وفود مما وقع عليها نتائج بسبب الانبعاثات والتلوث يطلقون تحذيرات من مستقبل كارثى يهدد البشرية بالفناء اذا واصلت درجة حرارة الأرض الارتفاع، فهل ستفرض عليهم أن يكونوا أكثر جدية ومصداقية ـ تساؤلات كثيرة طرحتها قمة المناخ بجلاسجو وستأتى المواقف الفعلية لهذه الكيانات الكبرى بالإجابة .
لم يعد مدهشا ما يعانيه البشر من أزمات صحية وأوبئة يدعون البحث عن أسبابها بينما الشواهد على الفاعلين الحقيقيين واضحة وضوح الشمس، إلى جانب الزلازل والفيضانات والحرائق وما أدى اليه ذوبان الجليد فى القطب الشمالى مما تسبب فى تملح مساحات من الأرض وعجزها عن إنتاج مواد غذائية بعد ارتفاع منسوب المياه عن سطح البحر.
صيحات التضامن التى أطلقها اغلب المجتمعين فى قمة جلاسجو هل تحقق تخفيض نسب التلوث والاحتراق وعدم استخدام الفحم واللجوء للطاقة النظيفة، ولكن فى مجال الغذاء يبقى أهم مصادر الإنقاذ هو استنهاض كل دولة لإمكاناتها وقواها الذاتية ــ وقد حذرت منظمة الغذاء العالمية (الفاو) من الجوع الذى سيجتاح العالم نتيجة نقص إنتاج الغذاء وقد بدأت مؤشرات ارتفاع الأسعار العالمية برفع أسعار زيوت الطعام التى نستورد 80 أو 90% منها ـ ومن هنا تبدو أهمية ان نستطيع مضاعفة إنتاجنا من الخبز بخلطه بالشعير أو غيره من المحاصيل المحلية.
وهو الأمر الذى اثرته فى مقالات سابقة حيث توصلت الباحثة سميه خضر لانتاج رغيف خبز اقتصادى يصنع من القمح والشعير وبعض الحبوب الاخرى واثبت معهد بحوث التكنولوجيا ان إنتاجية هذا الخبز المخلوط فى حالة انتاجه على مستوى قومى ممكن أن تحقق نتائج باهرة مثل خفض كميات القمح المستورد وبالتالى فاتورة الواردات وقيمة العملة الصعبة المستنزفة فى الاستيراد.
وهذا هو ذات الاتجاه الذى أكدته د.هويدا ابوالعلا فى رسالتها للدكتوراه بمجال دعم القمح بدقيق الشعير، حيث أثبتت أن الشعير اعلى جودة من الذرة وقد حصلت أبحاثها على مكافآت مالية من أكاديمية البحث العلمى لأنها تسهم فى حل مشكلة نقص المياه لقلة استهلاك الشعير للمياه وإمكانية زراعته فى الأراضى المستصلحة حديثا وتتوقف أى إضافة من دقيق الحبوب الأخرى إلى دقيق القمح على قرار من وزير التموين الذى لم اسعد بسماع رأيه حتى الآن فيما يمكن ان تقدمه هذه المقترحات والدراسات العلمية من حلول لمشكلات الخبز.
> وردا على هذه المقترحات وبناء على التواصل مع وزير الزراعة جاءنى رد أهم ما ورد فيه من معلومات «تحت ظروف الرى» يزرع الشعير فى 120 ألف فدان بالأراضى الجديدة حديثة الاستصلاح وهى أراض إما رملية فقيرة أو متأثرة بالملوحة وتعانى نقصا فى مياه الرى ـ جنوب سيناء ـ النوبارية ـ الوادى الجديد ـ مرسى مطروح، ورى تكميلى فى العلمين والحمام ـ الإسماعيلية ـ الفيوم ـ أسوان ـ بورسعيد.
وتحت الظروف المطرية يزرع الشعير فى مساحة 150 الف فدان بالساحل الشمالى الشرقى والغربى وقد تتذبذب او تنقص هذه المساحات تبعا لكمية سقوط الامطار وتوزيعها خلال الموسم وجميع اصناف الشعير تصلح للخلط مع القمح وسعر طن الشعير بالسوق المحلية حاليا 4000 جنيه وفى 14 ديسمبر 2020 ورد الى قسم بحوث الشعير خطاب من هيئة السلع التموينية بخصوص توفير 21 طن شعير من المحصول المنتشر زراعته فى مصر لإجراء تجربة الخلط مع القمح.
وقامت هيئة السلع التموينية فى 10 فبراير 2021 بإجراء التجارب الأولى للخلط بمركز تكنولوجيا الخبز التابع لوزارة التموين بنسب 10%، 15%، 20% من دقيق الشعير وفى 17 فبراير2021 تم تطبيق التجربة بمجمع مخابز الاسمرات وتم انتاج ما يقرب من 5 آلاف رغيف.
وفى ضوء تحديات أجمعت عليها قمة المناخ وانهيار أحوال الأرض والمياه والزراعة وما تحققه زراعة الشعير من فوائد لصحة الأرض والإنسان والحيوان تجعلنى إنحاز بشدة لجعل الشعير محصولا إستراتيجيا لمصر، وتفرض على جميع الوزراء والمؤسسات المسئولة عن الأمن والإنتاج الغذائى فى مصر عقد ندوة لجميع الخبراء والباحثين فى مجالات زراعة وتصنيع الشعير وعلى رأسهم وزارة التموين.
> وعودة إلى قمة التغير المناخى فقد كانت أصدق عبارة قالتها ناشطة صغيرة إفريقية ـ إن الأخطر من تلوث البيئة التلوث الذى تخلقه الكلمات الجوفاء التى لا تحقق شيئا ملموسا لصالح البشر. أرجو ألا يكون من باب الكلمات الجوفاء احتفال العالم منذ أيام بيوم الغذاء العالمى ومحاربة الجوع والفقر !!!
> لكى تترسخ قناعة المواطن أنه شريك تحترم حقوقه يجب أن يدرك حقائق ما يدور فى بلاده. فلا سبيل للقضاء على الاكاذيب والشائعات والادعاءات وما يقال عنه حروب الجيل الرابع والخامس الا بزيادة روابط المعرفة كى تمتد بينه وبين جميع مؤسسات بلده.
لمزيد من مقالات سكينة فؤاد رابط دائم: