رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

القوة الناعمة لمصر تتلألأ

كلما تألق النجم المصرى محمد صلاح، مع فريقه الإنجليزى ليفربول، منتزعا آهات وإعجاب الجماهير، ليس فقط داخل بلاد الإنجليز من مشجعى ليفربول، ولكن على قطاع كبير من مشاهدى كرة القدم على مستوى العالم، يزداد توهجا وبريقاً.

فمتابعة هادئة لكبريات الجرائد على مستوى العالم من شرقه لغربه، كفيلة بتبيان شعبية هذا النجم الفذ، ولا أبالغ حينما أقول إن معجبيه يزدادون يوما بعد يوم، فى أرجاء العالم أجمع، بشكل رشحه لنيل الكرة الذهبية وهى الخاصة بأفضل لاعب فى العالم لعام ٢٠٢١.

محمد أمسى ضيفا مهما جدا، يطلب مشاهدته ملايين يصعب حصرهم، الشغف بمتابعة أخباره يزداد مع ازدياد تألقه بشكل واضح، فلقد أضحى محمد صلاح وبصدق أحد أعظم نجوم لعبة كرة القدم فى العالم فى العام الأخير، مما أدى لأن يرشحه بعض كبار النقاد الرياضيين فى أوروبا لنيل جائزة أفضل لاعب فى العالم.

وإن كنت أؤكد أن هذا المقال ليس رياضيا، ولكنه سياسى بحت، يتحدث بوضوح تام، ودون مواربة، عن قوة مصر الناعمة، التى جعلها محمد صلاح تتلألأ برشاقة وجمال مبهر، فحينما يتردد اسم محمد صلاح، يعقبه على الفور لقب الملك المصرى ليعلو اسم مصر خفاقاً، ولنا أن نتخيل كم يتكرر اسم محمد صلاح ذلك الإنسان المصرى الأصيل الخلوق، عشرات المرات كل يوم فى أكبر وأعرق الجرائد والمجلات، وكذلك أهم الفضائيات العالمية التى تحظى بمتابعة كبيرة للغاية، لأنه حقق طفرات فى الأداء جعلته يتربع على قلوب عشاق كرة القدم.

نجح محمد صلاح فى جمع عدد من المهارات الرياضية، والتى تكونت ونمت عبر جهد مضن تم بذله على مدى سنوات، وكذلك الأخلاقية، فكلما ازداد تألقا ازداد تواضعا، ليبرهن على قدرته على صنع تاريخ مغاير، لم يسبقه فيه رياضى مصرى من قبل.

ونضيف أحد أعظم أطباء العالم د. مجدى يعقوب الحاصل على أعلى الأوسمة فى انجلترا، لما قدمه للبشرية من خدمات جليلة، وكذلك نجيب محفوظ، صاحل نوبل فى الأدب، ومعه د. أحمد زويل مخترع الفيمتو ثانية التى غيرت مجرى العلم فى الحياة.

وإذا فتحنا القائمة فسنجد عددا كبيرا من القامات، مثل د. مصطفى السيد الذى أسهم بتجاربه فى علاج السرطان، والعالم الكبير فاروق الباز الذى تم إطلاق اسمه على أحد الكواكب تكريما له. والمهندس هانى عازر أشهر خبراء الأنفاق فى العالم.قد يكون التقدم التكنولوجى الرائع مساهما بقدر كبير فى عمليات الانتشار، ولكن فى ذات السياق «قوة مصر الناعمة» يكون من الجميل تذكُر كوكب الشرق صاحبة الصوت العذب المتفرد التى أطربت بصوتها كل من سمعها من العرب، بل وأيضا عددا كبيرا من الأجانب. كانت أم كلثوم متميزة فى الصوت وفى اختيار اللحن والكلمات، كانت مؤسسة متكاملة تسير على الأرض، وفى وقت لم يكن الانتشار سهلا مثل اليوم، استطاعت أم كلثوم أن تجمع حول صوتها ملايين من المعجبين فى كل أرجاء العالم، وليس من العجيب أن تظل أغانيها مستحوذة على نسبة عالية من المتابعين والمستمعين حتى الآن.

أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم وكثير غيرهم، ود.طه حسين الذى لُقب بعميد الأدب العربى، وكثير غيره أثروا الحياة الثقافية العربية ومازال إنتاجهم الفكرى والأدبى يزين المكتبات و البيوت العربية، بخلاف شيوخ التلاوة من المصريين، مثل الشيوخ الكرام، محمد رفعت ومصطفى اسماعيل، والمنشاوى، والحصرى، عبدالباسط عبدالصمد، وكثير غيرهم، كل هؤلاء جمعوا حولهم قلوب المسلمين حول العالم، يكفى مشاهدة أحد التسجيلات القديمة لأحد شيوخنا الأفاضل وهو يتلو القرآن الكريم فى أى دولة، لنعلم قيمتهم ومكانتهم، وكذلك قدر ارتباط الناس بهم.

عبر عقود كثيرة شكل هؤلاء جنبا إلى جنب مع الإعلام المصرى الرائد فى منطقته من صحافة و إذاعة وتليفزيون، قوة ناعمة لمصر، مكنتها من قيادة المنطقة العربية على المستوى الشعبى، قبل الرسمى، وهو ما صنع لها صورة ذهنية مبهرة، جعلتها قبلة الكثيرين من الناس، للاقتداء بنماذجها المبهرة، وكذلك للتزود من حضارتها وتراثها، وفى وقت سابق، كان للتعلم فى جامعاتها أيضا.

تلك القوة الناعمة تكونت وتراكمت عبر عقود، شهدت جهودا من أبناء الدولة وكذلك مؤسساتها، جنبا إلى جنب، لذلك نحن نملك من الأدوات والقدرات ما يجعلنا ننمى تلك القوة إن لم يكن نضاعفها، لأننا فى أشد الاحتياج لها الآن لتدعم موقف مصر على كافة المستويات الإقليمية و الدولية.لم تعد الحروب الآن كما الماضى، ولكن آليات الحرب وأدواتها تطورت، وقد تكون القوة الناعمة أكثر أهمية فى بعض الأحايين من القوة العسكرية، نظرا لشدة تأثيرها على مستويات مختلفة، ذلك التأثير من شأنه الإتيان بنتائج مبهرة بأقل التكاليف الممكنة.دول عديدة امتلكت أدوات القوة الناعمة، وتعاملت معها بحرفية رائعة، وجنت من ورائها أرباحا طائلة، وليست الأرباح مادية فقط، ولكنها فى أوقات أخرى قد تكون سياسية، رغم افتقاد تلك الدول لمقومات كثيرة جدا، تمتلكها مصر.الآلاف من مشروعات البناء التى جرت فى مصر منذ يوليو 2014، لم يسبق لها مثيل منذ نشأة مصر، تنبئ بأننا نبنى جمهورية جديدة، ومع احتلال قواتنا المسلحة لمكانة دولية مرموقة جدا، نكون امتلكنا القوة الاقتصادية والعسكرية، ولكن لتكتمل منظومة النجاح، لابد من دعمها بالقوة الناعمة.

[email protected]
لمزيد من مقالات عماد رحيم

رابط دائم: