واضح أن يوم القيامة اقترب كثيرا، بل صار أقرب مما نتصور، و«ميتافيرس» ستكون هى بداية النهاية!
جائحة كورونا بدأت أساسا كلعبة إلكترونية اسمها «إينفيكشن» أنتجت منذ بداية الألفية، وتبعتها ألعاب أخرى مشابهة تتيح للاعب نشر عدوى مميتة فى أنحاء العالم يختارها بنفسه، ويحدد طبيعتها وخصائصها وأضرارها البيولوجية المدمرة.
وكذلك نهاية الكون على الأرجح ستكون بسبب «لعبة» أخرى لتحويل الخيال إلى حقيقة، أو تحويل الواقع الافتراضى على السوشيال ميديا إلى واقع حقيقى مجسد ومصور.
لا أبالغ إذا قلت إن زوكربيرج صاحب فيسبوك والمستحوذ فعليا على بيانات وأسرار سكان العالم أجمع، قد يكون هو نفسه «عرفة» الذى قدمه نجيب محفوظ فى «ولاد حارتنا» بوصفه الرجل «اللى ها يجيب ضرف البشرية»، بعد أن يفتتن الناس بعلمه وعقله وجرأته، إلى درجة أنه يقتل «الجبلاوى» كبير الحارة الذى لم يره أحد.
فيسبوك الذى أتلف عقول البشرية، وتسبب فى إسقاط دول، وتفكك أسر، وفرض علينا مساواة جائرة بين متعلم وجاهل، وبين محترم وإمعة، لن يكون «فيسبوك» بعد اليوم، بل سيصبح «ميتا».
و«ميتا» هى كلمة لا تعنى «أما بعد» فحسب، وإنما هى اختصار لمصطلح تحدث عنه زوكربيرج أيضا وهو «ميتافيرس»، حيث يشير مقطع «فيرس» إلى كلمة «يونيفيرس» أى «الكون»، أى أن المقصود بالميتافيرس «ما بعد الكون»!
الـ«ميتافيرس» باختصار هو مستقبل الإنترنت، أو الجيل الجديد من التواصل الاجتماعى، فإذا كان الإنترنت هو الماء والهواء فى نظر البعض، فإن الميتافيرس سيكون الحياة بأكملها.
مصطلح «ميتافيرس» مستوحى تقريبا من رواية خيال علمى اسمها «سنو كراش» للكاتب نيل ستيفنسون كتبها عام ١٩٩٢، وتدور حول تفاعل البشر من خلال الشبيه الافتراضى «الأفاتار» عبر فضاء افتراضى ثلاثى الأبعاد مدعوم بتقنيات واقع معزز يحتضن هذه التفاعلات والتعاملات، ليصبح عالما حقيقيا فى حد ذاته.
الموضوع يصعب شرحه بالكلمات، ولكن ببساطة، ستكون لديك سلسلة من العوالم الافتراضية التى تضم تفاعلات لا حصر لها بين المستخدمين من خلال «عفريتك»، أو الـ«أفاتار» الخاص بك، ولكن هذه العوالم الافتراضية لن تقتصر بعد الآن على ممارستك الألعاب والدردشة والتسلية فقط، بل ستتيح هذه التقنية تواجدك فى المكان نفسه بشخصك، على غرار ما شاهدناه عبر تقنية «الهولوجرام» مثلا، التى قدمت لنا أم كلثوم وعبدالحليم «لايف» صوتا وصورة أمامنا.
أى أن الأمر بعبارة أخرى يعنى تحويل الإنترنت إلى بيئة ثلاثية الأبعاد، لا يقتصر دور المستخدم فيها على النظر أمام شاشته، بل الدخول فى هذه البيئة بنفسه حتى يصبح أحد عناصرها.
وبهذه الطريقة، سيمكنك التواجد مثلا فى اجتماع بدبى، وحضور مباراة كرة قدم من الملعب فى لندن، ولعب «دور» شطرنج مع صديق فى أمريكا، وجها لوجه، وهكذا!
حتى الثورات والمظاهرات ستصبح افتراضية، يمكنك المشاركة فيها من منزلك، دون أن يقبض عليك!
ولكن الثورة الحقيقية ستكون فى التسوق الإلكترونى، حيث سيمكنك الوجود أمام أرفف المتجر الذى تريد الشراء منه، لتشاهد السلعة بنفسك، بل وتجربها أيضا، قبل شرائها، كل ما ستحتاجه فقط هو «نظارة» معينة تتيح لك دخول هذا العالم الافتراضى والانعزال بداخله عن العالم الحقيقى، يعنى «أبشروا»، فأولياء الأمور الذين يصرخون فى أبنائهم ليتركوا الموبايل لدقائق لأداء الصلاة أو لعمل الواجب المدرسى، لن يجدوا أبناءهم أصلا، لأنهم سيكونون فى عالم آخر تماما، هذا إذا افترضنا أن الأب أو الأم نفسيهما سيكونان «فاضيين»!
إذن، نتحدث هنا عن انهيار أسرى واجتماعى بامتياز، و«توحد» من نوع آخر جديد تماما!
كل هذا فى كفة، والمخاوف الأمنية فى كفة أخرى، فلا أحد يستطيع تصور خطورة ما يعنيه تواجد شخص فى مكان ليس فيه، أو وجوده فى مكان لا يجوز له الوجود فيه.
لن تكون هناك أسرار فى أى مكان. لن تكون هناك غرف مغلقة، لا غرف اجتماعات، ولا حتى غرف نوم. كل تفاصيل الحياة فى أى مكان ستكون متاحة للجميع. الجواسيس ستصبح مهمتهم أسهل وأمتع. مهن ستنقرض تماما. أشكال الأشياء والأماكن ستختلف كلية، البيت، المتجر، الشركة، المدرسة، الأجهزة الأمنية.
طبعا، قد يستغرق هذا كله وقتا طويلا ليتحقق، ولكنه سيتحقق، وبأسرع مما نتخيل، وقد يأتى علينا يوم قريب نسخر فيه من «الفيديو كونفرانس» و«الزووم» وغرف الدردشة، بل ومن الفيسبوك نفسه، تماما مثلما نسخر الآن من شكل الراديو والفيديو و«الفلوبى ديسك».
.. ولكن المؤكد أن «ميتافيرس» ستكون لعبة «عرفة» الأخيرة.. و«إحنا قاعدين»!
لمزيد من مقالات هانى عسل رابط دائم: