زيارة سريعة إلى العاصمة الإدارية الجديدة كفيلة برفع معنوياتك عشر سنوات «لقدام».
ما هذه الروعة والأناقة التى ينطق بها هذا المكان؟ ما هذه المساحات الشاسعة والمبانى الضخمة؟ من أين جاء هذا العدد من البشر والسيارات والمدينة لم تفتتح بعد؟!
فى ساعة واحدة، يمكنك أن تشاهد كمية من الأوناش والبلدوزرات لم تشاهدها على مدار حياتك بأكملها!
الطريق من القاهرة إلى العاصمة «يفتح النفس»، سواء من جهة طريق «القاهرة – السويس»، أو من ناحية طريق «القطامية – السخنة». فى مدخل المدينة تظهر أمامك المبانى الشاهقة، والطرق والكبارى المتسعة، فتشعر بالانبهار سريعا.
الحلم أصبح حقيقة، وملامح المدينة بدأت تتضح. البرج الأيقوني، منظره يذكرنا ببرج «مركز التجارة» فى مدخل دبى فى سبعينيات القرن الماضي، عندما كان البرج الوحيد فى دبي، ولتصبح بعدها دبي، دبى التى نعرفها الآن! الأبراج المحيطة المرتفعة حول «الأيقونى» توحى أيضا بمشهد أبراج مثلث كوالالمبور الذهبى.
حى الوزارات، مبنى البورصة، النهر الأخضر، شيء مدهش.
مبان غريبة الشكل، لم نر مثلها من قبل فى مصر. مسجد «الفتاح العليم»، قمة العظمة، من الداخل ومن الخارج. ومساجد أخرى رائعة البناء لا أعرف متى بنيت، ولا من صممها بهذه الصورة البديعة!
كاتدرائية «مهد المسيح»، بنيت على نفس هيئة وتصميم الكاتدرائية الموجودة فى العباسية. مقار لشركات ومؤسسات جامعات تعمل بالفعل. مجمعات سكنية وكومباوندات على مرمى البصر. بعضها جاهز من الآن لانتقال الموظفين، والبعض الآخر قارب على الانتهاء، ومستقبلا، ستكون هذه المدينة «منورة بأهلها»، بل ومزدحمة أيضا، ولكنه زحام منظم ومخطط، بعيدا عن فوضى القاهرة.
عدد شركات التطوير العقارى التى تعمل وتنشط فى العاصمة قياسي. لا أكاد أصدق أن هذه المدينة بدأ بناؤها فى 2016 فقط. معجزة حقيقية أن تبنى عاصمة فى خمس سنوات، من بينها سنوات كورونا التى توقف فيها العالم عن العمل والحركة. ولولا استمرار البناء فى العاصمة وغيرها من المشروعات لكان نصف شباب مصر عاطلا الآن.
فى 8 فبراير 2016 صدر القرار الجمهورى بتخصيص أرض العاصمة. وفى 21 أبريل تم تأسيس شركة مساهمة مصرية تتولى تنمية وإنشاء وتخطيط العاصمة برأسمال قدره 204 مليارات جنيه. المساحة الإجمالية تبلغ 184 ألف فدان. الموقع شديد التميز، بين القاهرة، والسويس، قريبا من مجرى النيل العظيم، ومن البحر الأحمر، وقناة السويس. عدد السكان المستهدف فى المرحلة الأولى على مسطح 40 ألف فدان يبلغ نحو 5.5 مليون نسمة.
والآن، بعد أن دخلنا فى الجد، حان وقت اختيار اسم أنيق وعصرى و«مصرى» لعاصمة مصر الجديدة. قريبا جدا، سننسى اسم «العاصمة الإدارية الجديدة»، فالموضوع سيحسم قبل الافتتاح الرسمي. آراء كثيرة، واجتهادات عديدة، قيلت حول اسم العاصمة الجديدة، ولكن الأمر الآن صار مرتبطا بمسابقة يشارك فيها المصريون جميعا لترشيح اسم وشعار و«لوجو» لعاصمة مصر القادمة، على أن تتولى لجنة عليا فحص وفرز وتقييم جميع المقترحات المقدمة بشفافية وموضوعية وحيادية تامة.
وأعتقد أن الاسم الجديد للعاصمة الجديدة، يجب أن يكون بلغة عربية فصحى، واسما مصريا خالصا، ويعبر عن عاصمة هى الأحدث على مستوى العالم، وعن كونها مدينة ذكية وخضراء، على أن يكون الاسم سهل النطق والكتابة باللغات المختلفة دون لبس.
البعض اقترح أن يبقى اسمها «العاصمة الإدارية» كما بدأت. ولكن، الأصول تقتضى أن يكون للمولود الجديد اسمه.
«الكنانة» يبدو اسما مميزا، ومصريا خالصا، ومعبرا عن خير أجناد الأرض، وسهل النطق والكتابة بكل اللغات. «طيبة» يبدو اسما جيدا، ومعبرا عن مصر الفرعونية، حتى وإن كان اسما لمدينة سابقة. الأسماء الفرعونية قد تجذب العالم، «حورس»، «خوفو»، «إخناتون»، ولكن المشكلة أن بعضها سيكتب بالإنجليزية خلافا لطريقة كتابته بالعربية. «السلام» اسم جيد، ولكنه مكرر، والشيء نفسه بالنسبة لـ«العبور» و«أكتوبر». و«30 يونيو» يبدو مناسبا، ولو من باب «كيد الأعادي»، الذين روجوا عن العاصمة أنها «فنكوش»، أو للأغنياء فقط، أو أن مصر استدانت بسببها، أو أن حدائقها تروى بماء الشرب، وأثبتت الأيام أن هؤلاء أول من تكالبوا على الشراء فيها!
وأيا كانت التسمية، فالرأى أخيرا للمصريين، أصحاب الفرح، وبسم الله نبدأ.
كلمة أخيرة لـ«بتوع موال الغلابة»: ليس مهما أن تمتلك شقة فى العاصمة، ولكن المهم أن تفخر بأن هذه الأبهة هى عاصمة بلد تعيش فيه!
لمزيد من مقالات هانى عسل رابط دائم: