رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

إنها فعلا مصرنا الجديدة

هذه ثانى مرة أدخل فيها قصر القبة الذى حكم منه جمال عبد الناصر مصر 18 عاما جئت ومعى روايتى الأولى لأهدى نسخة منها إلى السيد حسين ذو الفقار صبرى. شقيق على صبرى، الذى كان له مكتب هنا كمسئول ضمن سكرتارية عبدالناصر. وهو صاحب الكتاب المهم: يا نفسُ لا تُراعى.. قطعوا ذراعى. نشره بعد الخامس من يونيو 1967، وما أدراك ما الخامس من يونيو. وقد قرأناه كحلقات فى مجلة «المجلة»، التى كان يرأس تحريرها يحيى حقى، كانت تربطه صداقة شخصية بحسين ذو الفقار صبرى. وفى الكتاب، لو كان موجودا الآن، بكائية الخامس من يونيو. كتبها مسئول من داخل الدولة المصرية. وكانت تربطه صداقة خاصة بيحيى حقى.

مجلة «المجلة» كانت المطبوعة الأولى التى تصدر فى مصر ووطنا العربى. وكانت أقصى أحلام كلٍ منا، نحن جيل الستينيات أن يُنشر له شىء فى هذه المجلة. وقد ترددنا كثيراً على مكتب يحيى حقى بوسط القاهرة. ولكن أقل القليل من فاز بأن ينشر نتاجه الأدبى فيها. أنظر إلى الماضى البعيد الآن وإلى ما قمت به الذى ربما أراه حاليا من حماقات الشباب الأولى.

زيارتى الثانية لقصر القبة جئت مدعوا من الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الإقتصادية لحضور حدثٍ مهم، ألا وهو تكريم المتميزين من العاملين فى الدولة المصرية بوقتنا الراهن. وهو الاحتفال الذى أقيم تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس مصر الذى يحاول إعادة بنائها من أول وجديد. وحضر الاحتفال الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجالس الوزراء وعدد منهم. واكتشفت بعد وصولى أن الحفل كان مُقاماً فى حديقة من حدائق القصر. وهكذا حرمت مما كنت أتصور حدوثه. أن أدخل القصر وأتجول فيه وأحاول استعادة ذكرى مر عليها حاليا أكثر من نصف قرن تقريباً. رغم أن ذاكرتى تسلل إليها الوهن والضعف بمرور السنين وجرى الأيام والليالى. لكن ثمة أحداثا مهمة يُشار إليها وتبقى حية وناصعة فى الوجدان. جئت اليوم لحضور احتفال جائزة مصر للتميز الحكومى. والذى أقيم تحت شعار: «بتميزنا نرتقى بالوطن».

جاءت جلستى بجوار الصحفى الكبير مفيد فوزى. وخلال وقت الانتظار الطويل ـ فقد وصلت فى السادسة، وبدأ الاحتفال فى الثامنة ـ استمتعت بحكايات مفيد فوزى. وهو حكَّاء له ما يميزه. فقد مر بأحداث كثيرة وعاصر عهودا مختلفة، ورأى مصر وهى تتغير وتتبدل من حالٍ إلى حال.

طابور طويل رأيته من موظفى الدولة المصرية الراهنة يقفون فى انتظار صعودهم إلى المسرح ليُسلمهم الدكتور مصطفى مدبولى أوسمة على ما قدموه لبلدهم من خلال عملهم. وهذا أمر مهم. فكما أننا نحرص على عقاب من يخطئ فعلينا أن نُشجع من يجتهد. وأن تقول له مصر فى لحظة صفاء نادرة: شكرا على ما قدمت. كانوا يمثلون مصر من أقصى شمالها حتى أقصى جنوبها. ومن شرقها إلى غربها. وكلهم يعملون فى الجهاز الإدارى للدولة الذى طالما فيما سبق اشتكى منه المواطن وعبَّرت المقالات ورسوم الكاريكاتور على انتقاد موظف الحكومة. والنظر إليه على أنه عبدٌ للروتين.

ولكن ها هو عصر جديد يهل على مصر. يصبح العمل فيه رسالة لها قيمتها. ومن الأفضل أن يتم تكريم المتميز بصورة مبكرة. ويجب ألا ننتظر إحالته للمعاش لكى نقول قصائد الشعر فى مزاياه وحسناته. خصوصا أن فى طوابير من حصلوا على التكريم شبابا كثيرين فى مقتبل أيامهم. ليس معنى هذا أنهم عُيِّنوا بالأمس القريب. ولكنهم لم يودعوا الشباب بعد.

لا تتصور أن المتقدمين فى العمر لم يكن لهم مكان. كانوا موجودين بكثرة. لأن الطابور كان طويلا. وترى من خلال أماكن عملهم خريطة جديدة لبر مصر. محافظات بعيدة وقرى نائية ومدن يستغرق الوصول إليها وقتا طويلا. كلهم جاءوا إلى هنا لينالوا التكريم الذى يجب أن يدفعنا لأن نُعيد النظر فى موظف الحكومة ونقوم بمحو الصورة التقليدية القديمة ونحاول رسم صورة حديثة معاصرة جديدة. الكل فيها يعمل لبناء مصر الحديثة. وكعادتى دائما وأبدا سرح خيالى ووصل بى إلى قريتى. وما يُنفذ فيها وحولها وفى كل مكان من بر مصر الآن من مشروعات تُعد جزءا من محاولة أكبر لإعادة صياغة الحياة فى بلدنا الحبيب الذى لا نملك إلا أن نعمل من أجله آناء الليل وأطراف النهار.

هكذا تعودنا منذ 2013 وحتى الآن، معركة خضناها بأننا وجدنا القائد الرمز الذى يمكن أن نتلمس خطاه وأن نلتف حوله وأن نسير وراءه. فمصر صاحبة أقدم حضارة فى التاريخ تستحق منا كل ما يتم الآن. وهو كثير ولا يحصى ولا يعد. عناوين المشروعات كثيرة، أكثر حتى من الخيال الإنسانى المشروع. وقد سمعت من يقول خلال هذه الندوة إنه يجرى العمل فى مصر – هنا والآن – نحو 20 ألف مشروع فى وقت واحد. وهذا معناه أنه لا يوجد شبر من أرض بلادى لا يتم العمل فيه. وهذا هو المطلوب لمصر بعد سنوات من الإهمال والتردى وتركيز الاهتمام على المدن ومحاولة نسيان الريف المصرى الذى يأتينا منه كل الخير لنعيش عليه فى حياتنا اليومية.

من الصعب علىَّ أن أنسى سنة الحصاد الكئيب التى سرقتها الجماعة الإرهابية. وأنا لا أحب أن أكتب اسمها أبدا، وليتنا جميعا فعلنا هذا. فإنها السنة التى أكلت الأخضر واليابس. ولم تترك لنا شيئا. ولولا ما قام به الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى وقف الشعب كله معه لكان من الصعب الكلام عن أحوال مصر وظروفها ومصيرها ومآلها الآن.


لمزيد من مقالات يوسف القعيد

رابط دائم: