ما إن أُعلنت نتيجة تنسيق شهادة الثانوية الانجليزية، حتى فوجئت بتواصل عدد كبير من أولياء أمور طلابها، يشكون وقوع ظلم بين على أبنائهم. لاسيما أنهم نادوا برفعه مرات ومرات، ولا حياة لمن تنادى، وكان لابد من تقييم الوضع ودراسته لتحرى الحقيقة والوقوف عليها.
فصبيحة يوم السبت الماضى، تم إعلان نتيجة تنسيق الشهادة الثانوية الإنجليزية، ليتفاجأ المتابعون بنتائج صادمة، هكذا قال أولياء الأمور، حيث كان الحد الأدنى على سبيل المثال لكليات الطب فى كل الجامعات المصرية، هو الحد الأقصي!!
نعم الحد الأدنى يتساوى مع الحد الأقصى فى سابقة نادرة الحدوث تؤكد أن هناك خللاً ما، وتلك نتيجة القراءة الأولية للوضع. فبمتابعة نتائج التنسيق المعلنة على موقع الحكومة للسنوات السابقة حتى عام 2013، سيتأكد أن ما حدث هذا العام غريب، بل عجيب تماما: فنتائج الأعوام السابقة لم تتساو فيها الحدود الدنيا مع القصوى على الإطلاق. والموقع متاح يمكن الرجوع إليه للتأكد، مما يشيرإلى أن وضع هذا العام مختلف وغريب. ليس فقط على الحدود الدنيا لكليات الطب، كمثال تحدثنا عنه، ولكن فى الحقيقة أن الحدود الدنيا لبقية الكليات أكبر بشكل واضح عن تنسيق كل الاعوام السابقة، مما يدلل على أن هناك اختلافا واضحا فى هذا العام عن سابقيه.
وهذا ما نتناوله فى هذا المقال، فقد طالب أولياء أمور طلاب الشهادة الثانوية الدولية بزيادة نسبة الـ 5% التى قررتها الحكومة منذ ما يقارب العقدين، وهى النسبة التى تسمح بها الحكومة لطلاب شهادات الثانوية الدولية «الدبلومة الأمريكية، الثانوية الإنجليزية، الثانوية الألمانية، البكالوريا الفرنسية، البكالوريا الدولية، الثانوية اليونانية»، وكذلك طلاب الشهادات المعادلة، لأبنائنا الطلاب الدارسين بالدول العربية. كل هؤلاء يتنافسون على نسبة 5% من مقاعد الجامعات المصرية! قد يكون من المقبول عمل تنسيق خاص بهم لظروف انتهاء دراستهم التى ربما تتأخر عن ظروف انتهاء شهادة الثانوية العامة المصرية، لكن التمييز فيما بين أبناء البلد الواحد، كان أمرا غير محبوب، خاصة أن الحكومة المصرية افتتحت عددا من المدارس التى تدرس الثانوية الانجليزية، وهذا دليل عملى على الثقة فى قيمة الثانوية الإنجليزية، ليكون تحديد نسبة طالب لكل عشرين طالبا لدخول الجامعات وضع غريب.
أما إذا كانت هناك تحفظات فى الماضى على بعض الأمور وهو ما أدى لتحديد تلك النسبة، فيجب أن نضع فى الاعتبار أن عدد طلاب الشهادات الأجنبية كان وقت إقرار نسبة الـ 5% قليل. أما اليوم فاحتمالات أن الرقم قد تضاعف كثيرة، حيث أوضح لى عدد من أولياء الأمور، أن اللجوء للشهادات المعادلة مثل البريطانية، كان بغرض الحصول على جودة تعليمية، إضافة إلى الخضوع لنظام امتحان معروف ومُجرب ومنضبط. وفى هذا السياق طالب أولياء الأمور بإعلان أعداد طلاب الشهادات الأجنبية و كذلك المعادلة، حتى تطمئن قلوب الناس لعدالة النسبة، لأنهم يشعرون بالظلم!!
وإليكم الدليل، اشترطت الحكومة لقبول طلاب الشهادات الدولية، اجتياز عدد 12 سنة دراسية، مع دراسة اللغة العربية والدين والتربية الوطنية والنجاح فيها، وتلك المواد تشرف عليها وزارة التربية والتعليم. إلا أن هذا العام قررت الحكومة، لأول مرة دون توضيح السبب، قبول طلاب الشهادة الانجليزية لمن أتموا 11 عاما فقط، وكان ذلك القرار قبل بدء أعمال التنسيق بقليل!مما يعنى أن هناك أعدادا زائدة على المعتاد كل عام.
فما هو القول حينما نعرف أنه بسبب ما واجهه العالم من سوءات الكورونا، لم يخضع عدد من طلاب العام الماضى لامتحانات نهاية العام، وتم قبول تأجيلهم لامتحاناتهم؟ وبالتالى، أضحى هناك عدد آخر من الطلاب مضاف للعدد الأصلى «من أتموا 13 عاما دراسيا» إضافة «لمن أتموا السنوات الـ 12 الدراسية» وهكذا بات هناك ثلاث دفعات مرة واحدة لهذا العام!!
وهذا قد يفسر الحدود الدنيا المرتفعة لكل الكليات، بما فيها كليات الطب، التى تساوت حدودها الدنيا مع القصوى. فما حدث كما يفسر الناس، أن كثرة الأعداد أدت لقبول الحاصلين على الدرجات القصوى، ولوجود نسبة ثابتة لم يتم العدول عنها، حتى ولو بغير إعلان لاستيعاب الأعداد الزائدة هذا العام، حرم عددا لا بأس به من الالتحاق بالكلية التى يتمناها. ولا أتحدث عن الطب فقط بل كل كليات القمة. أمر آخر يدعوهم للشعور بالظلم، انتهج عدد من الجامعات الحكومية نظام الساعات المعتمدة، وكان يتيح لطالب حصل على الحد الأدنى لكلية قمة فى محافظة بعيدة أن يلتحق بكلية قمة قريبة تطبق نظام الساعات المعتمدة، وهذا أيضا لم يتحقق لكثير جدا من الطلاب، حيث كانت كل الحدود الدنيا لكليات الطب 100% على سبيل المثال، فكيف لهم الالتحاق بنظام الساعات المعتمدة؟!!
هؤلاء الطلاب فاتهم الالتحاق بالجامعات الخاصة، لأن درجاتهم كانت تؤهلهم لدخول كليات القمة فى الجامعات الحكومية، بالنظر لتنسيق الأعوام السابقة كلها، وعليه، لم يتم التقديم بها مبكرا.وذلك قد يعنى التفكير فى إلحاق أبنائهم بجامعات أجنبية، حتى يتمكنوا من تحقيق حلم دخول كليات القمة، وهو حلم سعوا بكل قوتهم لتحقيقه، وحينما اقتربوا جاءتهم الصدمة بالابتعاد عنه.
ومع ما تقدمه الدولة من تسهيلات للطلاب الوافدين، وهو أمر محمود، يرى طلاب الشهادات المعادلة بعض التعنت والتمييز، يجعلهم يشعرون بالظلم، فهل من سبيل لوضع النقاط على الحروف الملتهبة، حتى يشعر الجميع بأن حقوقهم مصونة؟
[email protected]لمزيد من مقالات عماد رحيم رابط دائم: