>> رياضة البطولة.. هى مثل كل مجالات الحياة.. التوفيق فيها.. له دوره فيما ستسفر عنه نتائجها..
البطل فى اللعبات الفردية واللاعب فى الألعاب الجماعية.. يخضع لبرنامج إعداد يوصله إلى القمة بدنياً وفنياً ونفسياً على وقت البطولة.. برنامج قد تصل مدته أربع سنوات مثلما يحدث فى إعداد الأبطال للدورات الأوليمبية.. ووقت البطولة.. يسانده التوفيق أو يتخلى عنه التوفيق!.
والطالب من أول يوم فى الدراسة وربما من قبلها فى الإجازة مثلما يحدث فى مواجهة الثانوية العامة.. الطالب.. مذاكرة مع دروس خصوصية على مدى شهور ويستعد للامتحان الذى يعقد فى أيام.. وربما يصادفه يوم خلال الامتحانات ليس يومه لأن التوفيق لم يأت فى هذا اليوم!.
التوفيق من عدمه رغم أنه حقيقة وواقع.. لكنه أبداً لا يكون مبرراً لفشل أو عدم نجاح!.
من هذا المنطلق انظر إلى نتائجنا فى دورة طوكيو الأوليمبية.. برؤية مختلفة فى بعض النتائج التى حققناها!. وقبل أى شىء أؤكد أن الميداليات التى حصلنا عليها.. هى نجاح مبهر بكل المقاييس.. إذا ما قورنت بحجم القاعدة التى تمارس الرياضة فى مصر!. يعنى إيه؟.
نحن لا يوجد عندنا قطاع ممارسة فى الرياضة المصرية!. كلمة ممارسة لا يوجد لها وجود فى القانون ولا فى غير القانون!. الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فى أحدث إحصاء قال إن فى مصر 60 مليون شاب وفتاة وطفل وطفلة تحت سن الـ29 سنة..
وأنا أؤكد هنا.. أن من يمارس الرياضة من الـ60 مليوناً.. سواء فى قطاع البطولة أو فى غير البطولة.. أقل من مليون!. يعنى الـ60 مليوناً هؤلاء.. نرى المواهب الموجودة فى مليون منهم فقط.. والـ59 مليوناً لم نكتشف المواهب الموجودة فيهم.. لأنهم لم يمارسوا الرياضة من الأصل.. والممارسة هى السبيل الوحيد ليعرف الطفل أنه موهوب ونتعرف نحن على موهبته!.
خلاصة هذا الأمر.. أن المواهب التى نكتشفها فى مليون.. ضاع علينا مقابلها المواهب الموجودة فى 59 مليوناً!.. وهذا معناه ببساطة.. أننا فى الكلام عن الميداليات الأوليمبية.. لابد من مصارحة أنفسنا.. أن المسألة لا تقاس بتعدادنا الذى تخطى الـ100 مليون.. لأننا لا نرى المواهب الموجودة فى الـ100 مليون.. إنما فى الموجودين فى الأقل من مليون الذين يمارسون الرياضة!.
وفقاً لهذه الحقيقة.. تكون نتائجنا فى طوكيو الأوليمبية ممتازة قياساً بالهرم المقلوب الذى يحكم الرياضة المصرية منذ دخلت الرياضة مصر!. هرم مقلوب.. لأن الموجود عندنا قطاع بطولة «خبط لزق» وكأن الرياضة هى البطولة.. ولا حس ولا خبر عن أساس الرياضة الذى هو قطاع الممارسة!. قانون الرياضة لا توجد فيه كلمة واحدة عن الممارسة!. كل الموجود فى القانون مواد قاصرة على قطاع البطولة وهيئاته وانتخاباتها وخلاص!.
قانون الرياضة لا يوجد فيه تعريف للرياضة.. بأنها أى نشاط بدنى يقوم به الإنسان!. لو هذا التعريف موجود.. ما كان أغلبنا يقينه أن الرياضة هى الكورة والكورة هى الأهلى والزمالك!.
أهمية تعريف الرياضة.. تتضح فى مادة الدستور التى تقول: ممارسة الرياضة حق لكل مواطن!.
وأقول أنا: الرياضة بمفهومها الحقيقى الصحيح حق وطن أن يتمتع بأجيال قوية عفية متوازنة بدنياً وصحياً ونفسياً وهذا لن يكون إلا بحتمية أن يمارس كل مواطن الرياضة.. وإلى جانب هذا الحق.. هناك استحقاق أهم.. ألا وهو اكتشاف أكبر عدد من المواهب التى منحها الله لنا!.
الزيادة الرهيبة فى التعداد.. تبتلع فى جوفها أى تنمية!. أصلاً مساحات الأرض المتاحة ليمارس عليها أطفالنا وشبابنا الرياضة قليلة.. والزيادة المرعبة فى التعداد جعلتها شحيحة!. المشكلة قائمة ربما من نصف قرن عندما تم تجريد المدارس من ملاعبها ومن قاعات وسائل التربية الأخرى.. بتحويلها إلى فصول دراسية لحل مشكلة الكثافة العددية فى الفصول!. لا الملاعب التى شيدوا على جثثها فصولاً حلت المشكلة ولا بقيت هذه الملاعب برسالتها البالغة الأهمية للوطن!. والحل؟.
ملعب 25*50 متراً لممارسة الرياضة وسط كل خمس عمارات يتم تشييدها فى أى مكان!. الحكومة توفر المساحة بالمجان.. ليكون إنشاء الملعب إجراء حتمياً منصوصاً عليه فى رخصة البناء.. بما يسمح لأطفال وشباب هذه العمارات بممارسة الرياضة فى مكان إقامتهم بدون مشقة ومصاريف المواصلات والزحام وإهدار الوقت!. المشكلة محلولة لأن الأرض لا يوجد أكثر منها.. والملعب أرضيته أسفلت من نوع خاص.. هو أكثر أماناً وأقل صلابة من الترتان.. والتكلفة ببلاش كده!.
الملعب.. أهميته لا تقل بأى حال عن أهمية المدرسة أو المستشفى أو أى كيان بالنسبة للوطن.. لأنه السبيل الوحيد لبناء التوازن البدنى والصحى والنفسى.. ولأنه المكان الأوحد للكشف عن المواهب الرياضية.. ولأنه الوقاية وأيضاً العلاج من أمراض العصر.. الإدمان بمختلف أشكاله والاكتئاب والتطرف!. ولأنه ضمانة أكيدة لتحقيق التوازن البدنى والصحى والنفسى لأجيال هذا الوطن...
مبادرة الرئيس السيسى حياة كريمة.. التى هى أول إطلالة فى تاريخ مصر الحديث والقديم.. على ريف مصر البعيد عن العين والقلب والعقل من سنين طويلة!. إطلالة يقينى أن تكلفتها ستصل التريليون جنيه.. لأنها إعادة نظر فى كل احتياجات الريف وكل أحوال الفلاح المصرى!.
الرئيس فى مشروعه حياة كريمة وفى كل إنجازات العدالة الاجتماعية.. لم يغفل حتمية وجود الملعب.. رأينا ذلك فى الأسمرات وغيط العنب.. ومجمع ملاعب لمجمع العمارات.. ونفس الشىء فى الإطلالة على ريف مصر.. وتعليمات سيادته.. بوجود ملعب لكل قرية من آلاف القرى التى أطلت عليها حياة كريمة!.
........................................
>> أعود إلى ما بدأت به الكلام وعفواً للإطالة التى كان لابد منها.. لنرى الصورة الحقيقية للرياضة بمفهومها الحقيقى.. ولنعرف أن المشكلة ليست الإمكانات المادية.. إنما هى فى المقام الأول.. عدم وجود قاعدة عريضة من أطفالنا وشبابنا ممارسة للرياضة.. تتناسب وتعدادنا الذى تخطى الـ100 مليون!. حق الوطن أن يمارس أكبر عدد من أطفاله وشبابه الرياضة.. ويا سلام لو الكل مارس الرياضة.. حقه أن يرى المواهب التى منحها الله له.. فى كل المجالات لا الرياضة وحدها.. وبها ومعها.. مصر تكون فى المكان والمكانة التى تستحقها!.
فى دورة طوكيو الأوليمبية.. يقينى أن بطلنا أحمد الجندى فى الخماسى.. بإمكاناته وإرادته وعزيمته وإصراره وموهبته كان مؤهلاً للحصول على الميدالية الذهبية التى حصل عليها بطل إنجلترا بفارق نقطة واحدة عن بطلنا الجندى!.
وفى المصارعة.. بطلنا كيشو بإمكاناته ومهاراته الفنية وموهبته.. كان مؤهلاً للحصول على الميدالية الذهبية وليس البرونزية!. فى المباراة التى أبعدت بطلنا عن الذهبية والفضية.. كيشو متقدماً 6 نقاط عن منافسه والمتبقى 8 ثوان.. وتلك واحدة من عقبات الرياضة المصرية!. أتكلم عن إجهاد الجهاز العصبى.. الذى ما إن تعرض للإجهاد.. بدأت إشاراته الخاطئة للجهاز العضلى.. ليقع البطل أو اللاعب فى أخطاء يستحيل الوقوع فيها وجهازه العصبى غير مجهد!. طيب ليه جهاز أبطالنا العصبى هو الذى يجهد والآخرون لا؟.
لأننا على خلاف كل الدول المتقدمة.. نشرك الناشئين الصغار بكل اللعبات.. فى المنافسات قبل أن يكتمل نمو جهازهم العصبى.. وهذه كارثة نحن فقط من يقوم بها.. لأن الضغوط العصبية الناجمة عن المنافسات.. هائلة ويستحيل أن يتحملها جهاز عصبى لم يكتمل نموه بعد.. وبالتالى يصاب هذا الجهاز بعطب مزمن يلازم هذا الطفل العمر كله.. وإن أصبح بطلاً أو لاعباً فى منتخب.. تصبح مشكلته خطايا الجهاز العصبى بمجرد أن يزداد عليه الضغط العصبى!. بطلنا كيشو خسر تلك المباراة وخسر المنافسة على الأول والثانى.. بسبب الضغوط العصبية التى فشـل جهازه العصبى فى تحملها!. طيب والحل؟.
الحل.. توسعة قاعدة الممارسة من بضعة آلاف إلى عدة ملايين.. وهذا معناه العثور على مواهب تعادل أضعاف أضعاف ما نراه الآن.. وعندما يصبح قطاع البطولة قاصراً كله على المواهب.. وعندما تنشئ الدولة هيئات قاصرة على رعاية المواهب التى اكتشفناها.. هيئات فى لعبة واحدة فقط.. وحتى سن 17 سنة.. ننتقل للعالمية!.
لأن قصر هذه الهيئات على المواهب وقصرها على لعبة واحدة حتى سن الـ17 سنة.. نقلة هائلة فى صناعة الأبطال.. بها ومعها.. مصر تقف على نفس المكان الذى تقف فيه الدول المتقدمة رياضياً!. كيف؟.
لأننا وقتها.. رأينا أغلب ما نملك من المواهب.. لأن أكبر عدد من الأطفال وجد الملاعب ويمارس الرياضة.. هذه واحدة.. والثانية!.
لأن المواهب التى عثرنا عليها.. وفرنا لها برامج إعداد طويلة المدى بدنياً ومهارياً ونفسياً.. فى هيئات متخصصة فى لعبة واحدة حتى سن 17 سنة التى فيها تقدم هذه الهيئات خريجيها لمنتخبات مصر فى اللعبات المختلفة!.
هل نقدر على ذلك؟. نقدر ونص.. فيما لو أعدنا صياغة ما هو قائم.. بقانون للرياضة يعترف بأن قطاع البطولة.. أساسه قطاع الممارسة.. وبدون قاعدة ممارسة عريضة تتناسب وتعدادنا.. يستحيل صناعة مستويات فنية مرتفعة مستدامة صالحة للمنافسات العالمية وقادرة على حصد البطولات!.
........................................
>> رغم أن الخماسى الحديث عرفته مصر حديثاً بالقياس إلى دول كثيرة فى العالم إلا أننى أعتقد يقيناً أن المصريين يملكون جينات التفوق فى هذه الرياضة المتفردة المتميزة بكونها خمس رياضات مهمة جداً ومختلفة جداً فى رياضة واحدة!.
الخماسى الحديث عرفته مصر سنة 1975 وأشهر أول اتحاد له برئاسة بطل السلاح إلهامى الحسينى عام 1976.. ولأنها رياضة صعبة تتطلب التميز فى السباحة وفى الجرى وفى الرماية وفى السلاح وفى الفروسية.. فإن هذه الصعوبة استهوت أبطال السباحة تحديداً.. ابتداء من الجيل الثانى فى هذه الرياضة التى جذبت أحمد ناصر وعلاء جبر وإيهاب اللبيدى وعوض سامى وطارق رياض.. ونبيل إبراهيم الشهير فى الوسط الرياضى بلقب بيلى.. والذى خطفته كلية الهندسة لتفوقه العلمى.. من الرياضة الموهوب فيها بالفطرة.. موهبة متميزة فى المهارات الفنية وفى جينات السرعة وفى عناصر اللياقة البدنية.. باختصار خامة متفردة لقطاع البطولة فى الخماسى.. إلا أن الهندسة من جهة.. وتواضع الإمكانات المتاحة للعبة وقتها من جهة.. أبعدت بيلى.. ويقينى أن هذا الجيل.. لو توافرت له ربع الإمكانات المتوافرة حالياً.. لحقق بطولات عالمية.. وجاء الجيل الثالث وفيه.. شريف العريان رئيس اتحاد الخماسى الحالى ومحمد رجائـــــى ومصطفى إسماعيــــل وأيمن أبوالعلا وراشد بدر.. وللتذكرة بطلنا محمد رجائى فى دورة سول الأوليمبيـــة حصـــل على المركــز الأول فى مسابقة الفروسية..
كل الذى يمكننى قوله: انتظروا الخماسى الحديث وبطلاته وأبطاله فى الأجيال الصاعدة.. ويا سلام لو أن قاعدة الممارسة امتدت إلى الصعيد!. والله.. الصعيد منجم أبطال فى كل اللعبات الصعبة.. لأن الجلد العضلى والثبات الانفعالى والجرأة والإرادة.. سمات وجينات مكتسبة متوارثة.. فى بنات وشباب الصعيد!.
........................................
>> نادى هليوبوليس كعادته.. قدم لنا نموذجاً لما يجب أن يكون ويجب أن يسود فى الأندية المصرية!.
أعضاء النادى الذين يشكلون جمعيته العمومية المتفردة عن سائر الجمعيات فى الأندية المصرية.. قرروا دون أن يجتمعوا واتفقوا دون أن يختلفوا.. على أنهم كانوا على حق قبل أربع سنوات.. عندما أجمعت الأغلبية على اختيار عمرو السنباطى رئيساً لمجلس إدارة النادى.. وأن ثقتهم فى أدائه وفى قدراته قائمة ومستمرة.. وأن أقل ما يعبرون به عن قناعتهم بحتمية استمراره.. هو ألا يترشح أحد من الجمعية العمومية على منصب رئيس النادى أمامه فى الانتخابات المقبلة.. وأن فوز السنباطى بالتزكية.. هو تقدير من الجمعية العمومية.. لفكر وأداء وعطاء الرجل.. وإرساء لقيمة مفقودة فى الرياضة المصرية!.
قد يتصور البعض أننى أبالغ فيما وصلت إليه.. وأن فوز السنباطى بالتزكية.. مصادفة لا دخل للجمعية العمومية لهليوبوليس فيها.. وأن الأمر كان بالإمكان ألا يحدث!. «يعنى» عضو يعرف اتجاهات الإجماع للأغلبية فى النادى.. ومع ذلك يرشح نفسه.. حتى لا تكون هناك تزكية!.
وأنا هنا أستبعد حدوث مثل هذا الأمر فى هليوبوليس.. لأننى كما قلت فى بداية كلامى.. جمعيته العمومية متفردة!. إزاى؟.
تفرد وتميز الجمعية العمومية لهليوبوليس.. واقع من زمن بعيد.. وقت أن قررت وألزمت إدارة النادى وقتها.. بعدم قبول أى عضويات جديدة فى النادى.. وقصر العضويات الجديدة على أبناء الأعضاء بعد تحولهم من العضوية التابعة إلى العضوية المستقلة...
قرار سليم من جمعية عمومية.. حقها أن يبقى ناديها متسعاً لها لا ضيقاً عليها.. خاصة أن مساحته ربما تكون أصغر مساحات الأندية المصرية!.
القرار الصعب العبقرى وفرت له الجمعية العمومية كل الدعم وكل الحماية.. ومعه وبه.. أصبح أعضاء النادى هم الحرس الحديدى لهليوبوليس.. السمات واحدة لأن الجينات واحدة فى الجمعية العمومية.. لأن شباب اليوم فيها.. هم من كانوا أطفالاً بالأمس بها.. انضموا إلى حرسها الحديدى منذ نعومة أظافرهم!.
كل التقدير والاحترام للحرس الحديدى.. جمعية هليوبوليس العمومية.. وخالص التهنئة على الثقة الغالية للمتألق دوماً عمرو السنباطى...
لمزيد من مقالات إبراهيـم حجـازى رابط دائم: