رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مصر الخضراء .. حلم يمكن تحقيقه

كلما مررت بأحد الطرق، وشاهدت إحدى أشجار الظل المزروعة بغرض أن يستظل الناس بورقها، تساءلت لماذا نزرع أشجاراً كل فوائدها إنتاج الورق فقط. بينما نستطيع زراعة أشجار أخري، تنتج الورق ليستظل بها الناس، وأيضا تنتج ثمار الفاكهة، لتكون الفائدة مزدوجة، حديثنا اليوم عن فكرة لا أعتقد أنها مكلفة بقدر ما يمكن الاستفادة منها. فبالنظر لتجارب غيرنا من الدول،أشير لمدينة إشبيلية الإسبانية، فهى تمتلك تجربة فريدة جدا، لأنها مشهورة بزراعة أشجار البرتقال حيث تجاوز عدد الأشجار 40 الف شجرة، تنتج ما يقارب مليون كيلو برتقال سنويا، يراعى مجلس المدينة تلك الأشجار، ويحصد ثمارها، والناتج يتم بيعه وإنفاق عائده على تحسين الخدمات بالمدينة.

شجر البرتقال يصل ارتفاعه فى بعض الأنواع لثلاثة أمتار، وهو طول مناسب لتستظل به السيارات أو الانسان، إضافة إلى أن أوراقها وافرة، وذات رائحة زكية وجميلة، ويكفى أن نعرف أنها أشجار دائمة الخضرة ولا تفقد أوراقها فى الخريف. تعد البيئة شبه المدارية هى الأفضل لشجرة البرتقال، فيجب ألا تقل درجات الحرارة عن ٣٥ درجة مئوية، فذلك يساعد الثمرة على النضج وإنتاج الحلاوة فى البرتقال، وفى مصر درجات الحرارة باتت تدور حول هذا المعدل، بما يعنى أن المناخ المصرى مناسب لزراعتها.

التربة الجافة والرملية هى الأفضل لزراعتها، ويجب أن تكون التربة حمضية ومن الممكن أن ينمو فى تربة محايدة، وتحتاج أشجار البرتقال إلى التغذية بانتظام باستخدام اسمدة خاصة بالحمضيات، لذلك يمكن زراعتها فى عدد مختلف من الأماكن، مثلا فى الحد الفاصل بين الطرق، وأيضا على جانبى الطريق، وكذلك فى الطرق الصحراوية، أيضا أمام العقارات فى مختلف البيئات المصرية من ريف، حضر، بدو.

أما بخصوص الري، فهى لا تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء، فغالبا ما تعيش وتنمو على الأمطار الطبيعية فقط. ويمكن لبعض الأنواع ان تعيش فى مناطق لا تتجاوز كمية الأمطار فيها ٥سم فى السنة، وهذا أحد عوامل تزكية زراعتها.

أما المعلومة الأهم فيما يتعلق بشجر البرتقال فهى أن عمرها قد يمتد لمائة عام، وهو عمر طويل جدا مقارنة بباقى انواع الأشجار، أضف لذلك أنها يمكن أن تبدأ بإنتاج الثمار فى خلال عامين إلى ثلاثة من بداية غرسها. فكرة زراعة شجر البرتقال قابلة للتحقق، لاسيما أن مصر استطاعت تنفيذ أفكار أكثر صعوبة منها فى أوقات قياسية، بفضل وجود الإرادة السياسية الفولاذية التى اتبعها الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ توليه مسئولية الحكم فى عشرات المبادرات الرئاسية، وكلها آتت ثمارها على نحو مذهل، صحيا واجتماعيا واقتصاديا.

أقترح سبيلين لتنفيذ الفكرة، الأول على مستوى رجال الأعمال التواقين لفعل الخير، ولنا فى الراحل الكريم «الحاج محمود العربى» عبرة، فقد أثبت أن فعل الخير باق وأن أثاره ممتدة سنوات لا حصر لها بعد الرحيل. فلو أطلقنا حملة لرجال الأعمال من خلالها يقدم كل من يرغب فى العمل فى لوائها، أن يزرع عددا من أشجار البرتقال، فى حدود شركته أو مصنعه، أو فى مدينته التى يرغب فى بنائها، أو فى مسقط رأسه، وهكذا، يمكن أن نحدد الأُطر الملائمة لزراعة مئات الآلاف من أشجار البرتقال، ثم نفكر فى طرق العناية من التشجير والتسميد والرى وخلافه، وصولاً لجنى ثمار البرتقال. وهنا نأتى للسبيل الثاني، وهو خاص بالأحياء، إذا كان من الممكن تمويل الأحياء المختلفة على مستوى الجمهورية بشتلات الأشجار، ليتولى الحى إكمال مهام الزراعة ، فقد لفت نظرى وجود عربات محملة بالمياه تروى الأشجار المزروعة بالفعل، بين الحين والآخر.

مما يعنى أن هناك آلية لمتابعة نمو الأشجار، إلى هنا يتبقى الأمر الأكثر أهمية وهو ما يتعلق بعمليات جنى المحصول، فقد يتبادر إلى الذهن أن المحصول معرض لأن يقطفه الناس، وللحقيقة هذا أمر وارد، لو وجد الناس ثمار الفاكهة متاحة، فمن الطبيعى قطفها. وهنا يجب الإشارة إلى أنه بعد بضع سنوات ومع ازدياد أعداد الأشجار، واتاحة ثمارها، سيأتى وقت يعتاد الناس فيه وجود الثمار، كما سيأتى وقت يغطى حاجتهم خاصة المحتاجين، وسيفيض الانتاج على حاجة الناس، فنبدأ فى استثماره، بما يفيد فى تحقيق عائد مجز، يمكن من خلاله الصرف على إنجاز بعض الخدمات مثل رصف الطرق الخاصة بالحى وما شابه. هل لنا أن نتخيل زراعة شجرة، ورعايتها لوجه الله، وهى معمرة، وقد يصل عمرها لمائة عام، إنها صدقة جارية تنفع صاحبها، قد تستمر مائة عام. كل ما فى الأمر أننا نحتاج لإطلاق حملة للمساهمة كل فيما تتحمل قدرته، وليكن اسم الحملة، مصر الخضراء، نعمل من خلالها على تشجير مصر، وهكذا نضرب عدة عصافير بحجر واحد، تحسين البيئة، إطعام المساكين والفقراء، بدلا من زراعة أشجار للاستظلال فقط تحتاج إلى رعاية مثل الرى الدائم، ولا تقدم فائدة للناس مثل أشجار البرتقال.

ما شرحته سابقا بخصوص أشجار البرتقال يصلح أيضا بخصوص عدد آخر من الأشجار الوارفة الأوراق والمثمرة مثل الليمون وغيرها الكثير.

فقط كل ما نحتاجه هو التخطيط الجيد لمشروع تشجير مصر، مع إخلاص النوايا، يمكن أن نحقق فيه مثلما حققت فيه دول رائدة، بل ونتفوق عليهم، فهل يمكن أن تجد الفكرة القبول ومن ثم التنفيذ؟

[email protected]
لمزيد من مقالات عماد رحيم

رابط دائم: