رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حقوق الإنسان التى نريدها

فى قضية «حقوق الإنسان»، هل يعقل أن نفعل الصعب، ونترك السهل؟!

بالتأكيد، خطوة هائلة تلك التى اتخذتها مصر قبل أيام، بإطلاق الاستراتيجية الوطنية الأولى لحقوق الإنسان، تدشينا لواحدة من أهم مقومات الجمهورية الجديدة، علما بأن الدولة المصرية نفذت بالفعل إجراءات «هائلة» منذ عام 2013 فى صميم «حقوق الإنسان»، بعيدا عن ابتذال المصطلح، واختزاله فى حقوق السجناء والنشطاء والعملاء، فالحفاظ على بقاء وطن بأكمله حقوق إنسان، والقضاء على الإرهاب حقوق إنسان، وتوفير السلع الأساسية حقوق إنسان، ومشروعات البنية الأساسية حقوق إنسان، وإزالة العشوائيات حقوق إنسان، والتغذية المدرسية حقوق إنسان، و«حياة كريمة» حقوق إنسان، وتنمية الريف وتبطين الترع حقوق إنسان، والتأمين الصحى والقضاء على «فيروس سى» و100 مليون صحة كلها حقوق إنسان، واستيعاب المهاجرين واللاجئين دون تمييز أو ابتزاز، قمة حقوق الإنسان، ولقاح كورونا بالمجان للمصريين والأجانب حقوق إنسان، وكذلك قانون المنظمات الأهلية، وزيادة تمثيل المرأة فى الحكومة والبرلمان، والدفاع عن أمن مصر المائى، ومنع صراعات مسلحة كارثية فى غزة وليبيا، مساعدة الأشقاء والأصدقاء فى أوقات الأزمات والكوارث والأوبئة، كل هذا حقوق إنسان فى أرقى صورها.

خلال الأيام الماضية، عادت وجوه كريهة للظهور بعد غياب، فى Comeback مريب، بدأ معه حديث فى اتجاهات شديدة الغرابة و«الاجتزاء» عن قضايا فرعية لا تشكل أكثر من 5% من ملف «حقوق الإنسان»، ولا تعنى أكثر من 1% من المصريين.

تحدثوا عن خانة الديانة فى البطاقة الشخصية، وطالبوا بإطلاق سراح بعض السجناء فى قضايا تمس أمن الوطن، وعادوا لـ«التلقيح» على قانون التظاهر، و«التفعيص» فى قانون المجتمع المدنى، إما بسبب مصالح وأهواء شخصية لبعض النخب والمنتفعين، أو رغبة فى «تتويه» الرأى العام المصرى، وشغله بالجزء عن الكل، وإبعاده عن القضية الأساسية، أو تنظير والسلام من حفنة تمتطى ركب «المعارضة الوطنية» حاليا.

بالله عليكم .. هل قضايا مصر وأزماتها ستحل بتعديل خانة الديانة فى البطاقة، أو بخروج متهم مدان بحكم قضائى من السجن؟

هل سنسير فى «جوقة» ذلك المفهوم «المسيس» لحقوق الإنسان الذى دفعنا على مدى سنوات إلى كراهية المصطلح ككل؟!

لماذا لا نتحدث عن حقوق المواطن الفعلية؟ فهناك حقوق كثيرة تهدر يوميا، ولا أحد يتحدث عنها ضمن «حقوق الإنسان»، رغم أنها الحقوق «الأسهل» حلا، وحلها لا يمس أمن مصر القومى، بل هو الأمن القومى نفسه.

أتحدث عن أشياء بسيطة جدا، وحقوق مهدرة تتعلق بتردى الخدمات العامة وغياب رقابة الدولة وعدم تفعيل القوانين.

بإجراءات بسيطة جدا، تستطيع الدولة إزالة حالات احتقان كثيرة للغاية، تثير استياء المواطنين الدائم من الدولة والحكومة و«العيشة»، وتدفعهم إلى حالة من عدم الرضا تطمس كل ما تحقق من إنجازات رائعة ذكرنا بعضا منها.

ما نتحدث عنه من معاناة وأسباب احتقان لا يرد فى حديث النخب، ولا فى تقارير المنظمات الحقوقية، ولكنها «انتهاكات»، بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان.

مشهد تدافع أصحاب المعاشات على مكاتب البريد أول كل شهر انتهاك لحقوق الإنسان، وتزاحم كبار السن والمرضى على مكاتب التأمين الصحى انتهاك لحقوق الإنسان، ومعاناة المواطنين فى إدارات المرور والشهر العقارى والمصالح الحكومية، ومواقع الحكومة الإلكترونية التى لا تعمل، انتهاك، وارتفاع أسعار السلع الأساسية دون تدخل من الدولة و«خلى الدولة تنفعك» انتهاك، احتلال الطريق والأرصفة فى غياب الأجهزة المحلية و»خلى الغلبان يعيش» انتهاك، مكبرات الصوت المزعجة وسرادقات الأفراح والعزاء فى قلب الشارع وإغلاق طرق بأكملها بسبب «زفة عروسة» دون حسيب أو رقيب انتهاك، واصطدام سيارتك بأخرى دون محاسبة المخطئ و«الصلح خير»، و«المحضر مش ها ينفعك» انتهاك، تحطم سيارة فى مطب أو حفرة على طريق شيدته الدولة أو فى مطب صناعى لا تسبقه لافتة، دون تعويض المتضرر، و«إنسي» و«ربنا يعوض عليك»، انتهاك، كسر رجلك بسبب تعثرك فى بلاط رصيف غير مستو دون أن يلتفت أحد إلى شكواك انتهاك.

هذه هى حقوق الإنسان التى نريدها، وهذه هى حقوق الإنسان التى يجب أن تحميها الدولة، وما أسهل هذه المهمة، ولكنها «منسية»، فى خضم السعى لإرضاء الخارج.

حقوق الإنسان ليست للإرهابيين والقتلة والفوضويين ومن عوقب على «كسر كوباية»، وإنما هى حقوقنا نحن الذين وقفوا ويقفون فى ظهر الوطن فى أحلك الفترات، لا ننتظر أى مقابل، سوى أن نرى بلادنا وأهلها سعداء بها وفيها، لا العكس!


لمزيد من مقالات هانى عسل

رابط دائم: