رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

منظمة الصحة تواجه «القاتل الصامت»
الاقتصاد العالمى يحمل فاتورة ثقيلة بسبب تفشى الأمراض

رسالة جنيف د.آمال عويضة
أكثر من مليار شخص مصابون بارتفاع ضغط الدم

فى ظل ثقل فاتورة ضخمة يتحملها العالم الآن بسبب جائحة كوفيد-19 التى طالت دول العالم غنيها وفقيرها، كشفت دراسات تم نشرها أخيرا عن التبعات الاقتصادية المدمرة لتعرض سكان العالم للمرض سواء بفيروس مستجد أو أمراض معروفة أو مزمنة. فقد أكدت منظمة الصحة العالمية - ومقرها جنيف- أن الأمراض لها آثارها الضارة على اقتصاد العالم وصحة سكانه أيضًا، ومن بينهم مليار وربع مليار نسمة يعانون ويعالجون من ارتفاع ضغط الدم (المفرط).ويجهل من بينهم نحو 720 مليون نسمة طبيعة مرضهم مما يعرّضهم لمشاكل خطرة فى القلب والأوعية الدموية والدماغ والكلى، التى تعد من الأسباب الرئيسية للوفيات وهو ما يسهم فى ارتفاع التكلفة الاقتصادية لذلك على الأفراد والدول على حد سواء.

 

شملت الدراسة المنشورة مؤخرًا، التى أجرتها شبكة موسعة من الأطباء والباحثين، الفترة من عام 1990 إلى عام 2019. واستندت إلى بيانات قياس ضغط الدم وعلاجه فى 1201 دراسة بمشاركة 104 ملايين شخص تتراوح أعمارهم بين 30 و79 عاماً فى 184 بلداً. وبذلك فإن هذه الدراسة تعد الاستعراض الأشمل عالميًا لمعدلات ارتفاع ضغط الدم. وطبقًا للمذكور فى الدراسة الممولة من منظمة الصحة، والمنشورة فى مجلة لانسيت الطبية فإنها تكشف أن:

ارتفاع ضغط الدم حالةٌ مرضية خطيرة تزيد من احتمالات الإصابة بقائمة من الأمراض، علمًا بأن الكشف عنه يتم بسهولة، كما يمكن علاجه بفعالية بواسطة أدوية منخفضة التكلفة، وهو ما يكشف عن فشل عالمى فى مجال الصحة العامة.

وهناك نحو 1.28 مليار شخص بالغ فى العالم مرضى بارتفاع ضغط الدم، ويعيش ثلثا هذا العدد فى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

وكشفت الدراسة عن أن نحو 46% من البالغين المصابين لا يعلمون بمرضهم لأنه لا توجد عادة علامات أو أعراض تحذيرية، ولهذا يُطلق عليه اسم «القاتل الصامت».

وتظهر الدراسة أن أقل من نصف البالغين المصابين (42%) تم تشخيص إصابتهم والبدء فى العلاج بالفعل. كما أن خُمس الأشخاص المصابين (21%) تخضع حالتهم للسيطرة. وإذا تمّ احتواء هذه المشكلة، من الممكن خفض عدد السكتات القلبية بنسبة تتراوح بين 20 و25 % والجلطات الدماغية بنسبة بين 35 و40 %.

فى عام 2019، كانت هناك أسباب عشرة رئيسية فى العالم مسئولة عن 55% من الوفيات البالغ عددها 55.4 مليون وفاة. وترتبط تلك الأسباب بالقلب والأوعية (داء القلب والسكتة الدماغية نحو 16%)، والجهاز التنفسى (الانسداد الرئوى المزمن، وأمراض القناة التنفسية) والحالات المرضية فى المواليد كالاختناق والعدوى ومضاعفات الولادة المبتسرة. وتؤكد التقديرات أيضاً أن الخسائر البشرية ما زالت مرهونة بالأمراض المزمنة فى البلدان المنخفضة الدخل، حيث لا تزال تشكل ستةً من الأسباب العشرة الأولى للوفاة، بما يشمل: الملاريا والسل والإيدز. كما سلطت تقارير منظمة الصحة على كون ارتفاع ضغط الدم فضلا عن السكرى والخرف (الزهايمر) من أهم الأسباب الرئيسية للوفاة المبكرة، حيث يرجع إلى ارتفاع الضغط وحده أكثر من 8.5 مليون وفاة سنويًا. وعلى سبيل المثال تعد أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الأول للوفاة فى شيلى (أكثر من ربع مجموع عدد الوفيات سنوياً). ويُقدّر عدد المصابين بهذا المرض فى شيلى بنحو رجل واحد من كل أربعة رجال وامرأة واحدة من كل خمس نساء - أى ما يعادل أكثر من أربعة ملايين شخص، وإن تحسنت تلك الأرقام مؤخرًا نتيجة مبادرة HEARTS لمنظمة الصحة فى 2016 بما يجعلها بمثابة خطة أولية لبلدان أخرى.

وأظهرت دراسة منظمة الصحة العالمية أن عدد الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم تضاعف فى العقود الثلاثة الماضية من 650 مليونا عام 1990 إلى 1.28 مليار عام 2019. فى المقابل، انخفض عدد الأشخاص المصابين فى البلدان مرتفعة الدخل، بينما ازداد عددهم أو ظلّ على حاله فى تلك المنخفضة أو المتوسطة الدخل (82% من مجموع المصابين به فى العالم) كما هى الحال فى دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى واستراليا وبعض بلدان آسيا. وكانت المعدلات الأدنى فى العالم عام 2019، من نصيب كندا وبيرو وسويسرا، بينما كانت المعدلات الأعلى فى بلدان مثل الدومينيكان وجامايكا وباراجواى بالنسبة للنساء، وفى المجر وباراجواى وبولندا بالنسبة للرجال.

وتشير البيانات إلى تمتع المصابين فى كندا وأيسلندا وكوريا بفرص تلقى الأدوية اللازمة، حيث تلقى أكثر من 70% من المصابين العلاج اللازم عام 2019. بينما تتدنى فرص العلاج فى دول إفريقيا جنوب الصحراء ووسط آسيا وجنوبها وجنوب شرقها وجزر المحيط الهادئ، حيث تنخفض معدلات العلاج إلى ما دون 25% للنساء و20% للرجال، بما يكشف عن عدم المساواة فى العلاج محليًا.

وقد أصدرت منظمة الصحة هذا العام «المبادئ التوجيهية بشأن العلاج الدوائى لفرط ضغط الدم لدى البالغين»، وهى الأولى من نوعها منذ 20 عاماً. وحثت على بدء العلاج بالأدوية مع تحديد نوع الدواء أو مزيج الأدوية اللازم، وتحديد مستوى ضغط الدم المستهدف، ووتيرة فحوص المتابعة لقياسه وزيادة وتحسين فرص الحصول على الأدوية. كما طالبت بتحديد الأمراض المصاحبة، مثل السكرى وأمراض القلب وعلاجها، وناشدت الترويج للنشاط البدنى المنتظم واتباع النُظم الغذائية الصحية والإقلال من تناول الملح والإكثار من تناول الفواكه والخضراوات وتجنب التبغ والكحوليات والحد من تناول الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والتخلص من الدهون المتحولة فى النظام الغذائى أو الإقلال منها لإنقاذ الأرواح وخفض نفقات الصحة العامة.

على صعيد آخر، كشفت تقارير سابقة لمنظمة الصحة عن وجود حوالى 1.7 مليون من الفيروسات غير المكتشفة، يمكن لنصفها تقريبًا إصابة البشر بأوبئة جديدة. وأفادت بأنه ما لم يتم اتخاذ خطوات جدية، سيعانى العالم من عصر الأوبئة التى قد تنتشر بشكل أسرع وتقتل المزيد مع كثير من الأضرار الاقتصادية كما حدث مع وباء كوفيد-19، الذى يعد السادس من نوعه منذ وباء «الأنفلونزا الإسبانية» عام 1918، الذى أصاب ثلث سكان العالم وأدى لوفاة ما بين 20 مليونا إلى 50 مليون نسمة. وقدر الخبراء التكلفة الإجمالية العالمية لكورونا حتى يوليو 2020 بنحو 8 تريليونات إلى 16 تريليون دولار، من بينها 5.8 إلى 8.8 تريليون دولار خسائر بسبب التباعد وقيود السفر. دفع ذلك المنظمة للتحذير من التبعات الاقتصادية لبطء حملات التطعيم ضدّ كوفيد-19، الذى قد يؤدّى خلال السنوات الثلاث المقبلة إلى خسارة 2.3 تريليون دولار من الناتج المحلّى الإجمالى العالمي.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق