فى عام 1925م اختيرت القاهرة أجمل وأنظف مدينة فى العالم، وتصدرت قائمة المدن الأفضل للمعيشة فى المعيشة، واحتلت مصر موقعًا متقدمًا من حيث خلو هوائها من التلوث، وحتى الستينيات كانت سيارات البلدية تطوف شوارع العاصمة، تغسلها بالماء والصابون، وظل الأمر كذلك إلى نكسة 1967م، ليبدأ تدريجيًا تهاوى كل شيء، وفى مقدمته مستوى النظافة، وزاد الأمر بله أن أوكل نظام مبارك مسئولية جمع القمامة إلى شركات أجنبية، مستغنيًا عن جامعى القمامة التقليديين الأكثر خبرة بحكم العمل سنوات طويلة، وكانت أكبر غلطة إذ تراجع مستوى النظافة أكثر، فالشركات لم تهتم إلا بتحصيل الأموال لمصلحتها، وتركت القمامة تتراكم فى شوارع المحروسة، وصار المواطن المسحوق يدفع للشركة ولجامع القمامة وللكناس أيضًا، بينما تتكدس القمامة فى شوارعه، مخلفة أضرارًا بيئية وصحية واقتصادية، منها زيادة الحشرات والحيوانات الضالة التى تجذبها تلال المخلفات، والتلوث البيئى الذى يسبب أمراضًا عدة أبرزها السرطان، وخسائر اقتصادية متمثلة فى عزوف السائح عن تكرار زيارته خوفًا على صحته. إن قمامة مصر من أغنى قمامات العالم، وبحسب دراسة أعدها معهد بحوث الأراضى والبيئة عام 2012م، فالطن الواحد من القمامة يساوى 6 آلاف جنيه، أو نحوـ90 مليون جنيه يوميًا، ويوفر 8 فرص عمل، أو ما يوازى 120 ألف فرصة، وإعادة تدوير القمامة نشاط اقتصادى فى العديد من الدول، تنفذه شركات متخصصة تقيم مصانعه وتدفع للدولة مقابله مثلما يحدث فى قطاع استكشاف البترول. ويعود تراكم القمامة بالدرجة الأولى إلى تعدد الجهات المشرفة، وتقاعس الشركات واستحواذها على الأرباح، وعدم ترضية الكناسين والجامعين بأجر يتناسب وما يتعرضون له من مخاطر صحية، والحل إلغاء التعاقدات مع شركات النظافة، والعودة إلى نظام الجامع التقليدى، بحيث يقسم كل حى شوارعه وحاراته على عدد من مقاولى القمامة، ويكون رئيس الحى وحده مسئولاً عن نظافة حيه. من المهم إعادة تدوير المخلفات، حيث إن ما يعاد تدويره حاليًا لا يتجاوز 20%، والباقى يتكدس فى الشوارع أو يتم هدره بالدفن، وبحسب ياسمين فؤاد وزيرة البيئة فإن تدوير 80% من القمامة يحتاج توافر 4 عناصر: إقامة بنية تحتية من مدافن وإغلاق المقالب العشوائية، وتوقيع عقود لمتعهدى الخدمة وتشغيلها تشغيلاً اقتصاديًا، وتنظيم حملة لتغيير السلوك المجتمعى، وأخيرًا التنسيق مع شركاء التنمية مثل وزارة الإنتاج الحربى والهيئة العربية للتصنيع، حيث إن هذه المخلفات تخرج منها 3 منتجات: السماد العضوى، والوقود البديل الذى يتم استخدامه فى أفران الأسمنت، فضلاً عن تحويلها المخلفات لطاقة حرارية تستخدم فى إنتاج الكهرباء.
لمزيد من مقالات أسامة الألفى رابط دائم: