رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الفتنة تستيقظ .. فمتى نتحرك؟

لأن المقدمات دوما ما تؤدى للنتائج، فلا أدرى متى نتحرك صوب وقف ذلك التعصب الأعمي؟

لماذا ذلك السؤال؟ لأن ما شاهدته فى الآونة الأخيرة، لا يبشر بخير على الإطلاق، سيما أن الإحتقان آخذ فى الازدياد بشكل لافت، لم لا، وكل الموبقات تحدث و لا معقب لها، تحت مزاعم لا تسمن ولا تغنى من جوع.

وصل بنا الحال إلى منع الجمهور من الذهاب لتشجيع الفرق الرياضية بعد ما حدث فى إستاد بورسعيد، حيث وقعت كارثة إنسانية لم يسبق لها مثيل، راح ضحيتها 72 شهيداً، وخلفت وراءها مئات المصابين، وقد وقعت فى أول فبراير عام 2012.

أتابع عن كثب، المناوشات التى تحدث بين جماهير الرياضة المصرية، وخاصة بين جماهير ناديى الأهلى والزمالك، وهى كثيرا ما تحدث فى إطار التشجيع القائم على التحفيز والدعم لحصد البطولات، قد يكون ذلك مقبولاً، إلا أن ما يحدث منذ فترة ليست بالقصيرة، مثير بدرجة تدعو للقلق، حيث خرجت المناوشات من حيزها المقبول لحيز آخر يؤجج نار التعصب الأعمى و بالتالى بدت الصورة لا علاقة لها بالرياضة من أى جهة.

الرياضة قائمة بالأساس على إبراز سمة التنافس الشريف، وفق ضوابط توافق عليها الناس فى مختلف دول لعالم، بفرض أُطر من اللوائح و التنظيمات المحددة لآليات ممارساتها، حتى أضحت صناعة تدر ارباحاً كبيرة جدا، ولا أبالغ حينما أقول إنها مصدر رئيسى للدخل لعدد من الدول!!

أما فى مصر فالحال مختلف تماماً، ما زالت الرياضة عندنا فى وضع الهواة، ولم تحقق ولو جزءا مما حققه غيرنا، لأننا نتعامل معها بنظرة مختلفة، نظرة أدت إلى زيادة الاحتقان بين المشجعين بشكل غير مسبوق.

جولة مستفيضة عبر وسائل التواصل الاجتماعى، كفيلة بتبيان حجم الكارثة، تحولت المنافسة بين الفرق، لمنافسة بين المشجعين فى كل شىء، تجاوزات غير مقبولة على الإطلاق تراها من أُناس ارتدوا قمصان فرقهم، ونسوا وضعهم الاجتماعى، وأضحى الأمر بمثابة تجييش الجمهور الموالى للفريق، وتحولت المنافسة الشريفة بين الفرق، لحرب ضروس بين المشجعين، تٌستعمل فيها كل ما له علاقة بـ «العيب، وما يصحش، هيا وصلت لكده»، وأثق أن بين حضراتكم من شاهد الأكثر الذى يدعو للقلق.

بت أرى عدداً كبيراً من كل طوائف المجتمع، اتخذت فريقها بيتها تدافع عنه، حقاً وباطلاً، المهم هو التحصن بباقى المشجعين، والتوجه صوب مشجعى الفريق الآخر، وقذفهم بكل ما يمكن تخيله، لا تهم النتائج، لا أهمية للأجيال الصاعدة التى تشاهد أهلها متعصبين بهذا الشكل العنيف، وبالتالى لاأهمية لما يمكن أن يخلفه ذلك على أجيال قادمة، فقد أفقدنا الرياضة من محتواها، وغلفناها بقيم فاسدة وبالية، قيم من المؤكد أنها ستقتل داخل الأبناء كل ما هو جميل ورائع، ويكفى أنها ستقتل داخلهم روح التنافس الشريف، ونحولهم بأيدينا إلى مسوخ مشوهة، ثم نسأل أنفسنا تاليا، ماذا حدث لهذا الجيل، بعد أن يكون قد فقد عنفوانه الذى وجهه صوب التناحر بدلا من التنافس!!

كيف تحركنا عقب كارثة أول فبراير 2012، فى إستاد بورسعيد؟

الإجابة بكل أمانة، عدم القدرة على إعادة الجماهير مرة أخرى لمدرجات كرة القدم، لماذا؟ لأن الاحتقان فى تزايد، والحقيقة أن الفتنة تستيقظ بمعدل متسارع، ولم نتحرك بالقدر المطلوب لوأدها.

سأكون واضحاً، الغرض من ممارسة الرياضة والسماح بذلك من خلال قيام الدولة بما لديها من سلطات بعملية التنظيم بكل موجباتها، لأمرين، الأول، بناء جسد سليم، لنصل إلى استقرار صحى جيد، يتبعه عقل سليم، انطلاقاً من الحكمة المعروفة والتى قرأناها منذ أن كنا صغارا على أسوار المدراس، العقل السليم فى الجسد السليم.

أما الثانى، فيعمل على انتاج لاعبين أقوياء يمثلون مصر فى المحافل الدولية محققين مراكز متقدمة تؤهلهم للحصول على الميداليات، وعلى الجانب الآخر، بناء منتخبات قوية للالعاب الجماعية، فهل نجحنا فى آى من هذين الأمرين؟

أكاد أسمع الإحابة من على ألسنتكم، وأعتقد أن الأسباب تبدو واضحة على الأقل بالنسبة لي، فتقديم المصالح الخاصة على العامة، أدى لتحزيب المشجعين بمن فيهم من نجوم ومشهورين للدفاع عن كل ما يتعلق بالفريق حقاً أو باطلاً، وجدت أٌناساً يذكرون وقائع حدثت من قرن من الزمان باعتبارها عيوبا لا تٌغتفر، وهى فى الحقيقة ليست لها أى قيمة قد تذكر على الإطلاق، ولا أحب أن أذكر أمثلة حتى لا أجعل لها قيمة.

الفتنة تستيقظ، يعمل على استيقاظها عدد من الإعلاميين بتعصبهم الأعمى وبما يقال فى برامجهم، ولما تركناهم فى البدايات وتغاضينا عن المحاسبة، شهدنا انفلاتاً مقززاً ولن اسمى، لأنه متشعب ومن كل الجهات.

الفتنة تستيقظ بسبب بعض قادة الرأى من الرياضيين، الذين يسكبون الزيت على النار بعد أن فقدوا أخلاقهم الرياضية، لتحقيق جماهيرية، تأتى لهم بأرباح كبيرة جراء تحقيق مشاهدات خيالية.أما الروح الرياضية فلم تعد تحقق أرباحا بالنسبة لهم.

إننى من الجيل الذى شاهد الخطيب وحسن شحاته، يرتديان قميصى ناديى الزمالك والأهلى وهما يقودان الجماهير لتشجيع الفريق أمام فريق منافس من خارج مصر.

فأين نحن الآن من ذلك؟

الفتنة تستيقظ وإن لم نئدها، فسندفع ثمنا باهظا نحن فى غنى عنه، فشباب مصر يتمنون ممارسة الرياضة كما يستحقون أن يشاهدوا تنافسا جميلا ليقلدوه، وليس تناحرا بذيئاً ليقتدوا به.

[email protected]
لمزيد من مقالات عماد رحيم

رابط دائم: