رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حرب فيتنام الثانية

بخروج الفرقة الأمريكية 82 المحمولة جوا، من مطار كابول الدولي، يسدل الستار على واحدة من أكثر المسرحيات السياسية عبثا فى القرن الحادى والعشرين، وينتهى رسميا، الوجود العسكرى الأمريكى فى أفغانستان، الذى استمر لنحو عقدين من الزمان، تحملت الخزانة الامريكية خلالهما، أكثر من تريليونى دولار، ودفعت فى سبيل مغامرتها الجديدة، دماء أكثر من 25 ألف قتيل، وعشرات الآلاف من الجرحي، وهو رقم يقترب إلى حد كبير من نصف عدد القتلى، الذين سقطوا فى صفوف الجيش الأمريكى فى حرب فيتنام، التى استمرت هى الأخرى لنحو عقدين، ووصفت فى العديد من الادبيات السياسية والعسكرية الامريكية، بأنها كانت حربا بلا هدف !.

بدا المشهد مساء الثلاثاء الماضي، أقرب ما يكون إلى واحد من مشاهد أفلام نهاية العالم الهوليودية، ففى الوقت الذى كانت طائرة الشحن الأمريكية العملاقة، تستعد للإقلاع من مطار كابول، وعلى متنها آخر جنود الفرقة الأمريكية، التى كانت مكلفة بتأمين مطار حامد كرزاى الدولي، كانت سيارة جيب صغيرة يقودها مقاتلون من طالبان، تتحرك على أحد المدقات الجبلية الضيقة بالقرب من المطار، وهى تجر خلفها مروحية أمريكية مقاتلة من طراز بلاك هوك، إلى جهة غير معلومة، حتى إذا حلقت طائرة الشحن الأمريكية فى أجواء كابول، معلنة انتهاء الوجود العسكرى الأمريكى رسمياً فى أفغانستان، ارتفعت المروحية المخطوفة فى الهواء على نحو بهلواني، قبل أن تحوم فى سماء كابول بطريقة عشوائية، وعلى متنها ثلاثة من مقاتلى طالبان، فيما بدا وكأنه احتفال بالنصر، على الطريقة الطلبانية.

انفقت أمريكا طوال فترة بقائها فى أفغانستان، ما يزيد على 83 مليار دولار، على تسليح الجيش الأفغاني، الذى عملت على تدريبه ورفده بأحدث الأسلحة المتطورة والخفيفة، لكى يتولى فى النهاية مهمة التصدى لطالبان، قبل أن ينتهى به الأمر، وقد سلم سلاحه دون أن يطلق طلقة واحدة فى الهواء، لينضم هذا السلاح إلى مئات من القطع الحربية الأخرى التى تركها الأمريكان خلفهم، والتى تراوحت ما بين المروحيات العسكرية، والعربات المصفحة.

ويقول الجيش الأمريكى إنه حرص على تعطيل طائراته ومركباته المسلحة، التى تركها خلفه، وأنه نزع السلاح من 70 عربة تكتيكية مصفحة، و27 سيارة همفي، حتى لا تستخدمها طالبان، وأن 73 طائرة عسكرية صغيرة تركت فى هناجرها، لن تتمكن من الطيران مرة أخري، لان أحدا لن يستطيع قيادتها، بعد وقف شفرات التشغيل، إلى جانب تعطيل نظام الدفاع المضاد للصواريخ والمدفعية وقذائف الهاون، الذى كان موجودا لحماية مطار كابول من هجمات طالبان.

وما تقوله أمريكا عن انسحابها من أفغانستان شيء، بينما الواقع على الأرض يقول أشياء أخرى كثيرة، فالصورة تقترب إلى حد كبير، من تداعيات الخروج من فيتنام، وليس أدل على ذلك سوى ما عبر عنه غرماء بايدن فى الحزب الجمهوري، عندما وصفوا الانسحاب بأنه مذل ومهين.


لمزيد من مقالات أحمد أبوالمعاطى

رابط دائم: