رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

عزيزتى جريدتى الأهرام

جرى اتصال بينى وبين الزميل الأستاذ علاء ثابت رئيس تحرير جريدة الأهرام وطلب منى المشاركة فى احتفال الاهرام بمناسبة مرور 145 عاما على اصدار العدد الأول لجريدة يوم 5 اغسطس 1876وقال ان الاحتفال سيكون بالمساهمة بالكتابة فى 5 اغسطس من الشهر الحالي. ووعدته حيث انى شديدة التمسك باحتفالات جريدتى أو بأية مناسبة تمر بها منذ زمان بعيد. ولكنى لم استطع هذه المرة لأسباب تتعلق بتلك الامراض التى تظهر حاليا مع التغيرات المناخية الكثيرة الحادثة والتى اشهرها فيروس كورونا الذى قضى على ما يقرب من الخمسة ملايين انسان .وإن لم يكن الفيروس الوحيد.

لم أستطع حتى الاتصال به لاعتذر فأرجأت كل الموضوع للكتابة. ربما كان ذلك افضل. لأن فى ذلك اعلانا له ولجريدتى ولكل الزملاء الذين حرمت مشاركتهم فى احتفالنا العزيز وخاصة هيئة التحرير الجديدة التى التحقت بالأهرام بعد تركى له بالمعاش.

فجريدة الأهرام بالنسبة لجيلى من الصحفيين الذين عملوا بها ليست مجرد جريدة تطالعنا صباح كل يوم فنهرع اليها لنحصل عليها من تحت الباب لنقرأ عناوينها ثم نستأنف حياتنا اليومية حسب نظامها الذى وضعناه. كان مؤسسة قائمة بذاتها، ولا تزال بالرغم من الصعوبات التى تمر بها، لذا كانت وكأنها بيتنا الثانى نهرع اليه صباح كل يوم لنحضر اجتماعاته ونمارس مهنتنا فيه إعدادا لصباح اليوم التالي. وهكذا مرت سنوات وسنوات على هذا الحال حتى اننى اهرع يوميا إلى الآن الى باب بيتى متصورة انى سأجد جريدتى فى انتظاري. منذ متى؟ منذ عام 1960 عام التحاقى بأسرة تحرير الاهرام ايام رئاسة الاستاذ محمد حسنين هيكل لتحريرها.

منذ ذلك العام وانا اكتب فى الاهرام واعطيها جل جهدي. ولم يحدث انى التحقت باى جريدة اخرى الا عندما كنت اسهم بالتطوع فى مجلة او مطبوع مصرى آخر. كما انى اعتبرتها دائما القاعدة الاساسية التى اتحرك منها الى مجلس نقابة الصحفيين. فعندما تجرأت وانا لا أزال شابة للتقدم لانتخابات نقابة الصحفيين عام 1971 مررت على زملائى فى الجريدة واحد بعد الاخر لأسالهم رايهم فى مسألة تقدمى للانتخابات التى كانت ساخنة جدا لأنها كانت نقطة تحول فى النقابة بعد احداث ما سماه الرئيس السادات بحركة مراكز القوى. وبعد ان وافقت غالبيتهم، تقدمت للانتخابات وفزت واستمر وجودى فى النقابة بعد ذلك لـ 28 عاما حاولت ان اكون نقابية مثالية تقدم لعملها النقابى جل قدره واحترامه. وفى عملى النقابى هذا كنت دائما ما اتصرف وكأن مسئولية انتمائى لمؤسسة الاهرام على كتفي.

لذا استطيع اليوم ان اقول بمنتهى البساطة انى جعلت من مؤسستى ومن اسرة تحرير الاهرام العزيزة القاعدة الاساسية لصعودى النقابي. ولم يحدث ذلك بأسلوب انتهازى وانما كان بتقدير عميق متبادل بين محررة ونقابية لم تهمل أيا من مهامها مقابل الآخر وانما ادت الاثنين معا بكل توازن واحترام. ففى اليوم الواحد كنت اذهب الى جريدتى واؤدى واجبى ثم اتجه للنقابة لأؤدى واجبى الثاني. وهكذا بلا ملل وبكل متعة انسانية تهدف للخدمة العامة. اليوم يمكن ان اقولها بمنتهى البساطة إنه لولا مؤسسة الاهرام ولولا اسرة تحرير الاهرام، التى عايشتها، لما استطعت ان اقوم بكل واجباتى هذه. وكنت دائما ما انتظر تليفونا من الزميل العزيز سامى متولى مدير التحرير حينذاك ليخبرنى بأن مجلس التحرير اسند الى مهمة صحفية معينة.

نعم لقد تمت صياغتى مهنيا فى مؤسسة الاهرام. وفى ذات الوقت تركت لنفسى فرصة صياغتى نقابيا. ليس خوفا من احد وإنما تذكرة لنصيحة تلقيتها من استاذى الراحل الاستاذ محمد حسنين هيكل صباح اليوم التالى لفوزى فى مجلس نقابة الصحفيين. قال لي: مبروك. . اعملى حسابك انتٍ هنا محررة، وفى النقابة زعيمة. إوعى تخلطى الامور. وعندما اقر واعترف بأن مؤسسة الاهرام صاغتنى مهنيا فانا لا ابالغ. لقد فتح الاهرام كل ابواب العمل امامى تماما كما فتحه اما جيلى من الصحفيين والصحفيات. كانت الصفحات مفتوحة امام كل من يعمل ويكتب. امامنا صفحة الرأى عندما كانت فى مسئولية الراحل لطفى الخولى ثم انتقلت الى الراحل صلاح جلال. كانت امامنا صفحة التحقيقات التى تابعنا فيها قضايا العلاج. ناقشنا قضايا الارض والفلاح ومستقبل الارض التى تستصلحها الدولة وهل توزع على الفلاحين ام تستمر ملك الدولة. كانت مصر كلها مفتوحة امام محررى الاهرام ليتابعوا احداثها ويكتبوا عنها ويعبروا عن آرائهم فيها.

وفى ذات الوقت كانت مؤسسة الاهرام بيتا حقيقيا للمراسلين الاجانب القادمين من بلادهم ليتابعوا تلك الاحداث الكبيرة التى تجرى فيها وفى العالم. كنا بؤرة للأحداث وبالتالى للمناقشات والجدل. وكم من مرات اجتمع فى الغرفة الواحدة مراسلون من الاتحاد السوفيتى ومن المملكة المتحدة ومن يوغوسلافيا ومن الهند، ليناقشوا موضوعا مصريا واحدا او حدثا له علاقة بالعلاقات الخارجية المصرية. كنا نشارك وكنا نختلف او نتفق ولكن فى النهاية تولد لدينا احساس بأن جريدتنا التى صدرت فى القرن التاسع عشر لا تزال تمتلك الحيوية المهنية التى تجمع المختلفين وتوجد بينهم مناقشات وتفاعلات. ولن انسى فى حياتى يوم وفاة عبدالناصر عندما تركنا بيوتنا واتجهنا جميعا الى الاهرام لنتابع الكارثة التى حدثت. يومها لم نكن بمفردنا وإنما وجدنا انفسنا وسط جموع كبيرة من المراسلين الاجانب من كل البلدان. كلنا فى حالة ذهول وسكون ولكننا جميعا وبلا استثناء نبكى ونجفف من دموعنا وننظر الى بعضنا البعض: ما هو مصير الثورة ؟. ومع الوقت اختفى المراسلون الواحد بعد الآخر.

عزيزتى جريدتى الاهرام أعتذر لأننى لم اشارك فى الاحتفال.


لمزيد من مقالات أمينة شفيق

رابط دائم: