يعد ماراثون الثانوية العامة طويلا جدا، وقد يكون الأطول على مدى عمر الطلاب التعليمى، منذ بدئهم الولوج لمراحل التعليم المختلفة، فما تم مع دفعة 21، بكل تأكيد غير مسبوق على مر التاريخ التعليمى المصرى.فحديث تطوير التعليم محفز لكل المسئولين، دائما ما يتمنون تقديم الأفضل حرصا على مستقبل الأبناء، وفي هذا السياق تتنوع الرؤى وأيضا الأُطر، و تبدو كلها جميلة الشكل، إلا أن المضمون قد لا يأتى بما لا يتناسب مع المخطط له مسبقاً، لعدة أسباب، الأجيال المتواترة تعيها جيدا، لأنها قد مرت بتجربتها بشكل كامل.
فلكل منا مهما يبلغ من العمر، مادام مر بالثانوية العامة، تجربته الخاصة، منا من حقق حلمه وأمله، ووصل لمبتغاه، ومنا أيضا من تعثر وأخفق، ما بين الفريقين، فئات كثيرة، تعاملت مع أحلامها بمرونة أحيانا، وأحايين أخرى بلا مبالاة، إلا أنه فى الأخير، تظل الثانوية العامة تجربة فريدة مليئة بكل عناصر الإثارة والتحفيز، حيث تعمل الأُسر باختلاف مستواها المادى بشحن أبنائها، كلُ بطريقته، حتى يتحقق لهم أملهم ورؤية الأبناء تعبر مرحلة الثانوية للجامعة، باعتبارها مرحلة التجهيز للحياة العملية و ما تحتويه من قيم يسمو الناس للوصول إليها.
أيضا الدولة قامت بتحفيز الطلاب صوب إنجاز تلك المرحلة التعليمية، وسوقت لها بكل ما أوتيت من قوة، و أكدت مراراً و تكراراً أن النسخة الأخيرة من مرحلة تطوير الثانوية العامة هى الأهم والأفضل على مر التاريخ بلا وجه للمقارنة، فهذا التطوير يحض على فضيلة التعلم، ويبعد تماما على خطيئة الصم، كما يقضى تقريبا بشكل كامل على الغش، وذلك من خلال إطلاق منصات تعليمية إلكترونية، بها بنوك من المعلومات، قد تكون من أفضل بنوك المعلومات فى العالم، أضافة لما سبق طريقة الامتحان، ففى كل لجنة عدد مختلف من نماذج الامتحانات.
ولأن الدفعة الحالية هى الأولى من نوعها، يكون من المنطقى والمطلوب تقييمها، لأنها بمثابة تجربة جديدة، لمعرفة نتائجها، وتقويم النتائج لو تطلب الأمر.
هذا من جانب أما الآخر وهو الأهم أن تلك الدفعة المهمة هى الأولى أيضا فى دخول الجامعة، فهل حصلت على قسط تعليمى متميز مما سيكون له أثر إيجابى واضح بعد سنة أو سنوات التخرج كلها على اكتساب مهارات مبهرة من شأنها إعلاء الحياة العملية بما يتطلبه الوصول لمستوى أرقى من الجودة؟
كل تلك الأسئلة وغيرها، يبدو من الضرورى الإجابة عنها و التعامل معها بالجدية اللازمة، حتى تؤتى التجربة الجديدة للثانوية العامة ثمارها، وإلا فمن الممكن اكتشاف عيب ما بعد سنوات كثيرة، قد يكلفنا عدم تقويمه الكثير من الجهد والنفقات من المؤكد أننا فى غنى عن ذلك تماما.
لذلك نحن أمام بديلين الأول، انتظار ما ستسفر عنه مهارة تلك الدفعة بعد تخرجها في الجامعة، وهنا سيكون الاعتماد على الشكل النظرى لإطار التجربة، دون التحقق بشكل عملى من جودتها، والانتظار هنا سيؤدى إلى التمسك بكل فنون الصبر حتى التحقق من النتائج، وفى رأيى ذلك البديل غير مجد، فى حالة ثبات ضرورة التعديل.
أما البديل الثانى، فيعمل على دراسة التجربة بحرفية شديدة، للوصول لتقييم شامل و عادل، والحل الأمثل لعمل تلك الدراسة من خلال عقد مؤتمر كبير، يحضره أوائل الثانوية العامة، وكذلك عدد من طلابها يتم اختيارهم بشكل علمى حيث يمثلون كل الفئات من المستويات الاجتماعية المختلفة، مع التمثيل الجيد لكل العناصر السكانية، ريف، حضر، بدو، ... إلخ لمعرفة آرائهم ودراستها ومناقشتها بعناية شديدة، على مرأى ومسمع من الناس، لإيجاد حالة من التفاعل المجتمعى الخلاق القائم على استيعاب المفاهيم اللازمة لدعم التطوير.
فالتطوير منذ بدء العمل عليه، صُمم من أجل هؤلاء، والقول بأنه تم تصميمه ليفرز الأفضل دون قياس نتائج تلك التجربة على المستهدفين، قول مجاف للمنطق، كما سيثرى المؤتمر حضور عناصر المنظومة التعليمية من المدرسين لأنهم عناصر لا غنى عنهم في المفهوم الطبيعى للمنظومة التعليمية، إلا لو تم تحرير آلية التدريس، باعتبار التعامل مع المنصات التعليمية، إطارا جديدا غير مسبوق، يقوم على تعامل الطالب مع بنك المعلومات دون وجود وسيط.
حيث سبق الحديث عن اعتماد التابلت وسيلة تعليمية فاعلة. فاكتشاف الأخطاء ومعالجتها من شأنه تقوية الحافز لدى الطالب وأسرته، ومن ثم توقع نجاح جيد لآلية التطوير، لأنه دون دعم مجتمعى صادق و فاعل، يكون التطوير منقوصا، فلا يؤتى بنتائجه إلا بعد مرور زمن بعيد، ولسنا فى حاجة لذلك.
أمر آخر، الموافقة على تقديم تظلمات فى نتائج الامتحانات أمر حسن، لا خلاف عليه، أما الخلاف فخاص بطريقة التعامل على التظلمات، فالتظلم يعنى شعور الطالب بوجود غبن ما، قد يكون شعوره سليما، أو خطأ، الفيصل هى نتيجة التظلم.
تقرير مراجعة التظلم، بالتعامل معه من خلال الحاسب باعتباره محايداً، لا يعرف الخطأ، دون أن يرى الطالب ورقة إجابته «غريب» فكيف نقنعه بصدق الحاسب، الذى قام بتصحيح ورقة إجابته، فى البدء. ومع ذلك سيعيد نفس الحاسب مراجعة الورقة، فلماذا لا يرى الطالب ورقة إجابته ويرى طريقة مراجعتها، ليتأكد من جدوى المنظومة، فيكون عوناً فى نشر حلم التطوير وجدواه.
[email protected]لمزيد من مقالات عماد رحيم رابط دائم: