إذا اكتملت واستمرت التحضيرات ونجحت التحركات العراقية التى تجرى حاليا بوتيرة ماراثونية بعضها معلن والبعض الآخر مازال طى الكتمان، واظنها قد بلغت خواتيمها الآن بشأن التحضير والاستعداد لعقد قمة اقليمية كبرى لدول الجوارفى بغداد نهاية اغسطس الحالي، بمشاركة قادة وزعماء ثمانى دول كبرى فى الاقليم من بينها مصر وعدد من الدول المجاورة للعراق ايران وتركيا والاردن والمملكة العربية السعودية والكويت، اضافة الى كل من الاردن وقطر ودولة الامارات العربية المتحدة وكذلك دولة أوروبية كبرى هى فرنسا التى اكد رئيسها ايمانويل ماكرون حضوره شخصيا. بجانب دعوات وجهت الى امين عام الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامى وممثلى الدول الخمس فى مجلس الامن، عندئذ سنكون على موعد ولقاء غير معهود فى منطقتنا. ربما يكون الحدث فريدا واستثنائيا ويحدث للمرة الاولى فى منطقة مضطربة تحمل بين دولها وخاصة الجوار القريب كثيرا من المتناقضات والتوترات التى تستمر منذ عقود دون حلحلة بل هزات وارتجاجات كبيرة اصابت الاقليم بفوالق زلازال عدة على مدار سنوات طويلة وممتدة مازالت ضرباتها الارتدادية قائمة وتتوالى بين الحين والآخر. الظاهر والمعلن من قبل الجانب العراقى وخاصة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمى ان الغرض الاساسى من هذه القمة هو دعم عملية استقرار العراق واهمية وفاعلية دوره فى المنطقة والعالم. لكن فى المقابل يبدو ان هناك حركة مستجدة تقودها العراق ليست وليد التحضير لهذه القمة او احداث اختراقات مؤقتة بل مساع وجولات مكوكية كان ساحتها العراق منذ اشهر طويلة سابقة. مازالت قائمة بعضها يحمل طابع السرية لحوارات كبرى وتنقية الاجواء واصلاح ذات البين بين عواصم كبرى فى الاقليم. علاقاتها تشهد تشنجات عديدة فى الاقليم بسبب التطلعات غير المشروعة لبعض تلك العواصم لتمرير استراتيجية التمدد والتغلغل فى الاقليم على حساب السيادة الوطنية لبعض الدول العربية وخطف القرار السياسى بها. ناهيك عن تهديدات متنامية للامن القومى العربى. يبدو جليا ان بعض المقدمات الايجابية نسبيا من وراء تلك الحوارات فى بغداد بين عواصم اقليمية شهدت علاقاتها تشققات اغرت الدولة العراقية بالاسراع بالانخراط الايجابى والفعال لتحقيق مصالحات اكبر واشمل وخلق حالة سريعة من جسر الهوة لعلاقات ملتهبة بين بعض الدول فى الاقليم. ورغبة الكاظمى والرئيس العراقى برهم صالح لتوسيع دائرة الحركة والرؤية لتحقيق مصالحات اوسع واشمل بين بعض دول الاقليم. باعتبار ان مثل هذه الخطوات سيكون لها انعكاسات ايجابية على تطورات التوازن واستعادة الامن الاقليمى، حيث يبدو كل ذلك متطابقا مع مساعى عراقية ورغبة لدول عربية كبرى بضرورة اخذ زمام المبادرة بتمكين تحقيق الاستقرار الاقليمى وتغيير قواعد لعبة المحاور والتشققات بأيدى دول الاقليم نفسها بعيدا عن التدخلات والاصطفاف مع المحاور والتكتلات الدولية التى كانت تقودها امريكا سنوات طويلة وقررت التخلى عنها مع وصول جو بايدن. حيث قررت الانسحاب التدريجى من الشرق الاوسط، بدليل خطواتها الاخيرة بشأن الانسحاب المبكر من افغانستان دون حساب العواقب الجمة وكذلك الحال من العراق آخر العام. بلغة الحسابات والمكاسب السياسية أى قمة من هذا النوع، وان كانت تبدو مهمتها صعبة للغاية وليست مستحيلة، تحتاج جهودا مضاعفة لتذليل كثير من الصعوبات والعقبات من اجل الوصول الى الهدف الاسمى وهو تحقيق المصالحات وخلق حالة جديدة من الاستقرار فى الشرق الاوسط بايدى دولها. وبناء معادلات جديدة للتفاهم والتوافق بعيدا عن لعبة الصراعات والاستقطابات وتغيير قواعد اللعبة القديمة بالاستحواذ والسيطرة والتمكين من الاقليم لدول بعينها وتقاسم مناطق النفوذ على حساب المصالح والحقوق العربية، باعتبار العرب رجل المنطقة المريض.
فى تقديرى ان نجاح تلك القمة سيتوقف على حجم الحضور والمشاركة من قبل القادة، فضلا عن توفير تحول وتغير حقيقى اولا فى معطيات ومنطلقات وتوجهات بعض العواصم الكبرى فى المنطقة والتخلى عبر ضمانات مؤكدة عن بعض الممارسات والارتكابات المزعزعة للاستقرار فى الاقليم. وتوفير الدعم لتموضع الاستقرار الكامل فى الشرق الاوسط بحسابات المصالح المشتركة لمجابهة تحديات حقيقية وعميقة ووقف نذر الحرب التى تلوح بين الفينة والاخرى، حيث الاحداث المتسارعة والتطورات المتلاحقة تنذر بأوخم العواقب وقادم الايام يحمل اسوأ السيناريوهات.
ولتكن قمة بغداد بداية الانقاذ وفرصة حقيقية للاستقرار الاقليمى بمعادلات جديدة وتعاون جماعى بعيدا عن الهيمنة وسياسات حافة الهاوية من قبل البعض.
لمزيد من مقالات أشرف العشرى رابط دائم: