ثمانى سنوات مضت على فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة وتطهير مسجد الإيمان بمكرم عبيد من قبضة الإرهابية. وأيضا مذبحة كرداسة التى لا تُثبت سوى وحشية الجماعة. وباعتبارى من سكان مدينة نصر فإن ميدان الشهيد هشام بركات وهو الاسم الجديد لميدان رابعة والذى يجب أن نستخدمه وننسى حكاية رابعة من أولها لآخرها، فقد كانت آخر رموز محاولة الإرهابية للسيطرة على مُقدرات مصر ومصيرها. ولولا بطولة المشير عبدالفتاح السيسى قائد قواتنا المسلحة فى ذلك الوقت ما تم فض الاعتصام الرابعاوى حتى أتجنب ذكر كلمة رابعة. فالكلمة فى حد ذاتها لا غبار عليها. ولكن المشكلة هى ما تشير إليه وما تدل عليه عندما نستخدمها الآن. كان الميدان الذى أصبح اسمه الآن ميدان هشام بركات يشكل طريقى فى الذهاب إلى القاهرة وفى العودة منها كل يوم. ولا طريق بديل له. لكن منذ أن أغلقه أهل الشر وحولوه إلى اعتصام مفتوح، بل ملأوا المكان بالأسلحة والذخائر، كان البحث عن بديل له مشكلتى اليومية. لم يكن أمامى سوى صلاح سالم البعيد عن المكان. أو طريق مصطفى النحاس الذى يبعد نفس مسافة صلاح سالم عن الأوتوستراد. كانت محنة يومية. ومن حاولوا العبور من الأوتوستراد، حيث أقيم الاعتصام الإرهابى، الكثير منهم فقدوا حياتهم. فقد كان اعتصاما دمويا جعل سكان العمارات المحيطة بالمكان يهجرونها. بل إن هناك مدرسة قريبة من المكان أغلقوها وحولوها خلال اعتصامهم الدموى إلى مجزرة لذبح الحيوانات وإعداد الطعام. يبدو أنهم جاءوا ليبقوا وليستمروا. ولولا شجاعة المشير عبدالفتاح السيسى القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، ما عرفت البلاد طريقها للاستقرار. بعدها أصبح لدينا رئيس، هو المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية المؤقت. أعود للاعتصام الذى اكتسب عداء المصريين وسكان مدينة نصر وأنا واحد منهم. وعدائى للجماعة قبل الاعتصام وخلاله وبعده من ثوابتى. فالحكم باسم الدين مسألة مرفوضة. فالدين دين والسياسة سياسة. وإدخال الأمرين فى بعضهما غير مقبول. أيامها كنا نحمل استمارات تمرد ونوقعها ونوزعها على الآخرين ليوقعوها. وقد لعبت حركة تمرد دورا مهما فى ذلك الوقت. وأتمنى ممن قاموا عليها أن يدونوا تاريخها ويوثقوا ما قاموا به، لأنها مسألة مهمة. حركة تمرد معارضة مصرية دعت فى 2013 لسحب الثقة من الرئيس الإخوانى المعزول، والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة. قامت الحركة بدعوة المواطنين للتوقيع على وثيقة تمرد. انطلقت تمرد يوم الجمعة 26 أبريل 2013 من ميدان التحرير، وأعلنت بلسان محمود بدر جمع 22 مليون توقيع لسحب الثقة من الرئيس الإخوانى. قوبلت حركة تمرد فى بدايتها بحالة من الشجب والاستنكار من الجماعة الإرهابية. نجاح حركة تمرد بحسب الأرقام المعلنة من جانبها شجع للقيام بحركات مماثلة فى دول شقيقة مثل تونس وفلسطين. على أنه بعد نجاح قواتنا المسلحة الباسلة وشرطتنا فى فض اعتصام مسجد رابعة لجأ أعضاء الجماعة الإرهابية وهربوا إلى مسجد الإيمان. وهو مسجد يقع فى شارع مكرم عبيد بمدينة نصر، قبل التقائه بالأوتوستراد بمسافة قصيرة. سيسجل التاريخ أنهم حاولوا فى مسجد الإيمان تكرار تجربة رابعة. والبحث عن مكان يحاربون منه من يدافعون عن الوطن من قواتنا المسلحة وشرطتنا. من مر على المكان والشوارع المحيطة به سيكتشف أنهم أغلقوها. وانضم إليهم عدد كبير من العناصر الإجرامية الخارجة على القانون الذين كانوا يبحثون عن مكان يحتمون به.
ولكن فى يوم الجمعة 16 أغسطس 2013، وبالتحديد حتى يكون الكلام أكثر دقة فى الساعة الثامنة من مساء هذا اليوم جاءت قوات الشرطة وواجهت الموجودين الذين أحضروا جثة قتيل وقالوا إنهم يريدون دخول المسجد للصلاة عليها. ولوحظ المجىء بجثث أخرى بنفس الهدف. وكان معظم الذين يحضرون الجثث من أنصار الرئيس الإخوانى المعزول الذى لا أحب أن أدوِّن اسمه. وبعدها قاموا بتشكيل لجان شعبية للتأكد ممن يدخلون شارع مكرم عبيد عند لقائه بالأوتوستراد. وكان الهدف من ذلك حماية أنفسهم من هجوم متوقع. وبعد منتصف ليل يوم الجمعة قامت قوات الشرطة بمحاصرة المسجد وإخراج جميع الأشخاص الموجودين فيه وتفتيشهم لاحتمالية أن يكون مع بعضهم أسلحة. وهكذا تم فض الاعتصام الثانى بعد نجاح قواتنا فى فض الاعتصام الأول. لم يكتف الإرهابيون بميدان الشهيد هشام بركات-كان اسمه وقتها رابعة- ولكنهم اتجهوا إلى ميدان النهضة القريب من جامعة القاهرة بالجيزة. ويجب تغيير اسمه أيضاً لأنه أحد الميادين التى تشهد على ما قاموا به من جرائم فى حق الشعب المصرى وجيش مصر العظيم وشرطتها. فى ميدان النهضة ظهر قُبح أعضاء جماعة الإرهابية. ورأت فئات كثيرة من الشعب المصرى ما يقومون به. فقد بدأوا القيام بمسيرات إلى الأماكن القريبة من الميدان. وتصدت لهم الأهالى. رفضوا ما يقومون به. وسقط من الأهالى بعض الشهداء وهم يدافعون عن الوطن. وحطم الإرهابيون المحطات والسيارات والمنازل. وأصابتهم حالة من السُعار عندما رأوا المواطنين يرفعون صورة السيسى ويرددون هتافات: انزل يا سيسى أنت رئيسى. أحط وأجرم وأبشع ما قاموا به هو قتلهم 26 مصريا وإصابة المئات عندما قاموا بتنظيم مسيرة انطلقت من ميدان النهضة ليلا مرددين هتافات ضد مصر. وتحولت المنطقة وقتها إلى ساحة من الخراب والدمار. ولذلك غيروا اتجاههم إلى منطقة المنيل وهناك قتلوا 5 من الأهالى.
أيضاً كانت هناك مذبحة أكثر وحشية فى كرداسة. شهداؤها 14 ضابطا ومجندا من شرطتنا. مع التمثيل بجثثهم. إنه التاريخ الحى الذى لم يُدوَّن بعد.
لمزيد من مقالات يوسف القعيد رابط دائم: