رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

عن جنسية «فارس» طوكيو .. وفرسان الأهرام!

حدثان جمعهما هذا الأسبوع أترك للقارئ اكتشاف الخيط الحريرى الذى يربط بينهما، الأول: مرور 145 سنة على ميلاد الأهرام وكلمة المفكر اللبنانى هنرى زغيب عن سر أسرار هذه الجريدة فى فطنة صاحبيها الشقيقين سليم وبشارة تقلا مواليد كفر شيبة بلبنان، والحدث الثانى هو الغضب الذى اشتعل فى وجه الرباع المصرى الأصل فارس حسونة ابن منطقة البوظ بشارع سعد زغلول بالمحلة محافظة الغربية، الذى نال شرف تمثيل دولة قطر وحصل لها على الميدالية الذهبية فى دورة طوكيو الأوليمبية، والمقارنة التى اشتعلت على الميديا بينه وبين الفتاة المصرية فريال عبد العزيز طالبة الصيدلة فى الجامعة البريطانية بالقاهرة التى شرفت برفع علم مصر بعد التغلب على بطلة أذربيجان، وحصولها فى اليوم الأخير على الميدالية الذهبية فى الكاراتيه!

بداية ..لا أمنع نفسى من البهجة والسعادة البالغة بحصول فريال على الذهبية المصرية الأولى فى الكاراتيه، وإعجابى موصول لكل من نال شرف تمثيل وطنه سواء فاز بالميدالية أو خذلته الظروف فلم يستطع الفوز، وتحت كلمة الظروف ضع ما تشاء من الخطوط ، أهمها الأجهزة الفنية والإدارية والإعداد والمنافسون!

أعود إلى العلاقة بين خلود اسمى مؤسسى الأهرام وبين توهج اسم حسونة صاحب الذهبية، وأحصرها فى خيط حريرى متين اسمه طبيعة الحضن المصري، سواء لمن أوى إليه أو لمن حرم منه، فمصرفى حالة نشأة الأهرام هى الحاضنة بحكم طبيعتها ومسئوليتها وتركيبتها كوطن لكل من يستظل به وليس مجرد جنسية، والتى وجد المؤسسان فيها الحرية التى استقطبَت فى ذاك الربع الأَخير من القرن التاسع عشر كوكبةً مباركة من اللبنانيين ـ كما وصفها الأستاذ هنرى زغيب ـ فاتحةً لهم آفاقًا نبيلةً من التفكير والتعبير، ما لم يكن متاحًا لهم فى بلادهم. والتى واصلت توفير المناخ والرعاية للبنانيين بعدهما هم الزوجة بيتسى تقلا التى تولت مسئولية الجريدة حتى تسلمها داود بركات ابن بحشوش وانطون الجميل ابن بكفيا وعزيز مرزا ابن بيروت!

وما حدث فى الأهرام حدث فى غيرها فى الصحافة كما فى الفن والأدب والسينما، وأبدع الوافدون فى مصريتهم، وكما نجحت الأهرام والهلال وروزا ليوسف، لأنهم استوعبوا روح مصر واندمجوا فيها لدرجة يصعب معها أن تقول إنهم غير مصريين، وإن اختلفت مع الكاتب فى التأريخ للأهرام على أنها ثمرة نجاح اللبنانيين حتى تأميمها أو تمصيرها عام 1957حين تولاها محمد حسنين هيكل، لكن الصحيح أنها ثمرة نجاح المصريين من أصول لبنانية فى فك شفرة احتضان المصريين لكل صاحب فكر إنسانى حضارى أصيل ولو كانوا من اليهود والايطاليين واليونانيين وتجاوب، كما هو نجاح مجتمع المصريين قراء ومفكرين وساسة فى حمايتها، بدليل إخفاق اللبنانيين فى صحف أخرى ومؤسسات وجماعات وأحزاب أسسوها فى مصر، فمصر مجتمع لا يعرف الطائفية ولاالجيتوهات، ولا المعسكرات المغلقة للاجئين واندماج أصحاب الأهرام وخلفائهم يتواصل الآن مع اندماج الوافدين إليها من سوريا والعراق ونجاح مشروعاتهم بين أحضانها، لن اتحدث عن الليبيين ولا السودانيين لأنهم ولاد بلد فى وطنهم مصر!

واعتزازى بـ «فرسان» الأهرام سليم وبشارة وخلفائهما الذين آوتهم مصر لا ينفصل عن فخرى لحصول الرباع المصرى فارس حسونة لميدالية ذهبية لقطر الشقيق، بل أطلب بأن يتم تكريم والده البطل المصرى السابق إبراهيم حسونة الذى مازال يحمل الجنسية المصرية، لنجاحه كمدرب مصرى فى مهمته وتدريبه لبطل أوليمبي، فى ظل الظروف المعاكسة التى مر بها اتحاد رفع الاثُقال المصري، وأرفض دعوات الهرتلة بسحب الجنسية، فتاريخ الرجل يشفع له كبطل مصرى منذ الثمانينيات رفع علمها ونال شرف تمثيلها وفاز بميداليات وبطولات!

وكما كان نجاح الأهرام واستمرارها شهادة فخر لمؤسسيها ويزيد إعجابنا بمهارتهم قبل 145 سنة فإن فوز فارس بذهبية الأوليمبياد يزيد إعجابنا ببطولته كمصرى فى بلد عربى، وشهادة فخر لمدربه المصرى ومهارته، وان كنت أهمس فى أذن «فارس» أن يقارن بين سر جماهيرية بلدياته محمد صلاح ابن نجريج غربية وعشق المصريين له وبين شلال العنصرية الذى انفجر فى وجه سانشو وماركوس راشفورد وساكا، ومطالبة الجماهير بإعادتهم إلى بلادهم فى القارة السوداء بمجرد غرق مركب المنتخب الإنجليزى أمام إيطاليا فى نهائى البطولة الأوروبية!

فجنسية مصر انتماء ينظمها قانون لا يعرف العنصرية وليست منحة من نشطاء الفيسبوك أو اتحاد الأثقال أو جماهير الرياضة، وجنسيتها حق أصيل لأى شخص عند انتسابِه لهذا الشعب وتلك الأمة وليست مثل جنسية السفن.. ترفع علم الدولة التى تمّ فيها تسجيل السفينة، وتنتهى بفسخ العقد أو تغير مزاج القبطان أو غرق السفينة وانتهاء المصلحة!!


لمزيد من مقالات أنور عبد اللطيف

رابط دائم: